د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
- مدونة الحوار- 2013م
http://alhwaraleegabe.blogspot.com
".... إني هنا أعمل
لعمان أرضا وشعبا، بل إن كل عملي لها ولشعبها، ولعل اختلاطي الدائم بهذا الشعب وفر
له قناعة بأن عملي محبب إليه، ومحل رضاهم، وفي الواقع فأنا لا أعمل لشيء لي بل
لهم، إن متعتي هي أن أرى بلدي، وأرى شعبي بالصورة التي تخيلتها من أول يوم تسلمت
فيه السلطة، إنني أشعر بأني صاحب رسالة ولست صاحب سلطة، لذلك ترى وقتي مكرسا من
أجل عمان وأهلها، ولعل سر الولاء يكمن هنا في هذه الناحية، وتحديدا ناحية تماثلك
بأهلك، وتفرغك للعمل من أجلهم...." 11/2/ 2006م
لنترك ما في نفس يعقوب
ليعقوب؟
ماذا لو استلهمنا مما في
نفس يعقوب قيمنا لحياة أفضل وممارسة اجمل؟
د. رجب بن علي بن عبيد
العويسي
11-9-2012
7/12/2013 5:25:31 PM
حديثي بهذا العنوان يحمل
دلالات عدة ووقفات مهمة، ما الذي نشاهده؟ وما الذي نقدر على فعله؟ وما الذي نكنه
نحن في ذواتنا من أجلنا وأجل بني جنسنا؟ ، وكما يقال أن لكل شيخ طريقته، ولكل دوله
أو مجتمع طريقته في التعبير عن حبه أو تقديره واحترامه لمواطنيه،
كثيرا
ما تم تناقل موضوع الاهتمام الحاصل من قبل إحدى الدول المجاوره بمواطنيها ، وبشكل
خاص عند موتهم في عمان بسبب حوادث السير؟ وكم قيل في هذا الموضوع بين منكر للجميل
ومثبت لحقيقة غائبة عن البعض هي تقدير الانسان واحترامه، وكم تحدث المتحدثون في
هذا الموضوع ولكنهم لم يصلوا إلى الحقيقة الكاملة ولن يصلوا ومهما كتبنا لن نصل
إلى فهم ما في نفس يعقوب، فتبقى الآراء هي مجرد مداولات بيننا وحوارات لعلها تكون
لنا عبرا، أو تخلد لنا ذكرا، أو تمنحنا الفرصة في تقييم أنفسنا ومراجعة ممارساتنا،
هل ما تقوم به تلك الدولة هو مجرد دعايه إعلامية كما ينظر إليها البعض؟ هل هي استثمارا للمشاعر
الانسانية الجياشة كما يرى آخرون؟ هل هي استفزاز غير ظاهر كما يراها طرف ثالث؟ هل
هي حقيقة احترام الانسان وتقدير كرامته وشعور بأهميته من أجل الوطن والإنسانية كما
ينظر إليها طرف رابع؟ وهل هي دلالة عميقه على قرب القيادة من الشعب وارتباط
الحكومة بالمواطن والإنسان كما ينظر إليها طرف خامس؟ كل شيء هنا جائز وكل شيء قد يكون متوقعا؟ غير
أننا لننظر إلى الجانب الإيجابي المهم في الأمر أليس في الاهتمام بالإنسان أيا كان
مقامه أو منزلته أو مكانته أو موقعه في منظومة العمل الوطني هو تكريم للإنسان
أليس لمن كان له منزلته ومكانته في الدولة
والوطن يستحق أن يجد ذلك حيا وميتا ، ما معنى ما ورد عن رسول الله " أنزلوا
الناس منازلهم"، وسواء كان ذلك الرجل أو المرأة وزيرا أو طيارا أو قائدا
عسكريا ألا يستحق أن ينزل منزلته وتكون له مكانته، كل هؤلاء يستحقون التقدير
والاحترام كما هم أحياء وأيضا وهم أموات
أو وهم خارج الكواليس؟
أليس من المهم أن ننظر إلى
الأمر من هذا المنظور الإنساني الذي بيصرنا بقيمة الانسان وكرامته والاهتمام به
والحرص عليه والسهر من أجل راحته، ألا يمكن أن ينطبق الأمر أيضا على غير ه من غير
القيادات ، فالشخص العادي كما يسميه البعض لعله سينال حضه في يوم ما ما دامت قد
نالت القيادات حظها، "عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم " ، لما لا تتوقع
أن العوام من الناس أو المواطنين البسطاء الذين ليس لهم مناصب مرموقة في
الدولة سيشعرون بحاجتهم لهذا الاهتمام
وسيعلنون أمام الملأ وفي شاشات التلفاز
وأما كل الفضائيات ، وسيلتقون بالقيادات ويعلنون رغبتهم في مساواتهم بغيرهم، عندها
ستكون فترة حرجة أو اختبار ، ماذا ستعمل، هل ستستجيب لنداء المواطن الضعيف ، حتما ستستجيب
لها فإن الأمر في توقعاتي بدأ من الأعلى
ثم سيستمر، هذا إن كانت تلك التوجهات الايجابية والممارسة العقلانية نابعة من رؤية
طموحة للإنسان، وفكر متقد ، وتواضع جم وشعور بالمسؤولية مسؤولية أن الحكم أو الملك
أو القيادة هي رسالة وهي تكليف وليس تشريف.
كم نحن بحاجة اليوم لأن نستفيد من هذا التوجه،
وأن نعمل مثله وأن نجعله كممارسة إيجابية يمكن أن نقدم الأفضل منها نحو مواطني هذا
الوطن الغالي، لنبدأ بالقيادات لدينا التي بنت
الوطن وقدمت للمواطن في موقعها ومسؤولياتها وأخلصت لله والوطن والسلطان، كم
نحن بحاجة لأن نعاملها بحسن نيه وهي على قمة الهرم المؤسسي ، وكذلك وهي خارج العمل
المهني أو كما يسمى بالتقاعد، كم نحن بحاجة أن نرجع لتلك القيادات مكانتها وهيبتها واحترامها
وتقديرها ، فما كان وزيرا وينادى بمعالي الوزير ، لماذا نحجب عنه اسم معالي بعد
خروجه من سلم العمل المهني بالتقاعد أو غيره فنناديه بعد فترة على أنه الفاضل فلان، كم نحن بحاجة
إلى أن نرجع مكانه تلك القيادات وأن ننزلها منازلها، فالإنسان ليس بوظيفته أو منصبه،
بل بقيمه مبادئه وأخلاقه ، كم نحن بحاجة
لنظرة متوازنة واعية بقيمة الانسان بحيث نترك كل الأعراض الأحرى عندها ستكون لهذا
الانسان الكرامة والتقدير والمودة مهما كان وبدون النظر إلى أي شي عرضي كان له في
يوم من الأيام كم نحن بحاجة إلى الاستفادة من تلك الوقفات الجميلة الانسانية التي
تعبر عن مواقف خالدة لن ينساها تاريخ الأمم فلنعمل مثل ما عملوا وأفضل مما عملوا ولنستفيد
من تجربتهم تلك، ولنترك الشأن السياسي لأهله، ولنحلل الأمور من منظور إنساني راق
وفكر واعي وسلوك صائب وممارسة حسنة، ولننظر للأمر بمعيار آخر ونوزنه بميزان
التكريم لإنسان والتقدير لكرامته، ولنترك البحث عن السبب في هذا الاهتمام الحاصل
من قبل قيادة تلك الدولة أو غيرها ، لأننا لن ندركه ولن نفهمه ، ولكن دعونا نفهم
كم جميل أن يقدم للإنسان ما قد يظن البعض بأن القيادة لا يمكن أن تقوم به ، فما أجمل الحس والاهتمام والمتابعة والحرص
على راحة المواطن والتواضع والشعور بالمسؤولية؟
إن هذه المعاني العظيمه
موجودة في الفكر السامي الذي رسمه لنا مولانا جلالة السلطان المعظم، في أول كلمة
قالها " سأعمل على جعلكم تعيشون سعداء لغد افضل "، كنت أنظر إلى موضوع
التكريم والاحترام للإنسان في عمان من
مناظير متعددة ومواقف نشاهدها جميعا كل يوم ، هذا التكريم للإنسان الذي أراده قائد
البلاد المفدى هو تكريم مستدام واحترام لا يقبل المساومة فيه، وشعور بقيمه الإنسان
على أنه الغاية والهدف استلهاما من نهج القرآن ورسالة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام،
وأذكر هنا مثلا جد بسيط ينبغي كل واحد منا
أن يمعن النظر فيه، وفي كل موقف من مواقف حياته اليومية، ولينظر الى الايجابي
منها، واحترام القيادة الحكيمة للإنسان العماني أكثر من تعد وتحصى وأكبر من أن تذكر
وتستقصى، وقصتي البسيطة تبدأ من هنا"
" يتذكر كل واحد منا
وهو يشق طريق من المناطق الشمالية بمسقط
والطرق المغذية لها والذين يرغبون في الاتجاه الى مسقط جنوبا سالكين الطريق السريع
أو طريق السلطان قابوس " المطار" وإذا على جانبي الطريق عن يمينه وشماله
تلكم الجنود المجندة والعين الساهرة التي
تحرسنا بعين الله وتمد ايديها لمساعدتنا والوقوف معنا تفرش لنا الطريق ممهدا مبسطا تلقي عليه الورود
الجميلة والياسمين وهي تردد قول الله " بسم الله مجريها ومرساها" إنهم
رجال شرطة عمان السلطانية ، ولسان حالهم
يقول ها نحن قد فرشنا لكم الطريق ومهدناه لكم فامشوا بأمان الله واستعينوا بكلمة
الله، سيروا في الطريق آمنين مطمئنين لا صخب ولا نصب ولا فوضى ، سيروا بحذر وامشوا
بيقين ، وقودوا بتمهل ، وهكذا الحال لحين وصولنا إلى روي " وهم يحملون همنا،
ويعملون من أجلنا، ويسعون لراحتنا، ويقدمون لنا العون والمساعدة، " كيف ننظر
لهذا الأمر ، أين يمكن أن نضعه في قاموسنا ، كم نحن بحاجة لأن نعترف بما يبذل من
جهد.
هكذا نحن في عمان تقدم لنا
القيادة هذا المنهج وترسم لنا الطريق لا منا ولا سلوى بل بثقة في الانسان على أنه
أكرم مخلوقات الله، وبالتالي ينبغي أن يكون على مستوى من الوعي والإدراك
والفهم بكل ما يقدم له لأنه يستحقه، نحن
في عمان تقدم لنا مثل تلكم الوقفات الجليلة لكنها بصورة اكثر استدامة وأكثر نضوجا
ووعيا واحتراما، كيف لا وانظر إلى عظمة ما قاله مولانا جلالة المعظم حفظة الله
"
".... إني هنا أعمل
لعمان أرضا وشعبا، بل إن كل عملي لها ولشعبها، ولعل اختلاطي الدائم بهذا الشعب وفر
له قناعة بأن عملي محبب إليه، ومحل رضاهم، وفي الواقع فأنا لا أعمل لشيء لي بل
لهم، إن متعتي هي أن أرى بلدي، وأرى شعبي بالصورة التي تخيلتها من أول يوم تسلمت
فيه السلطة، إنني أشعر بأني صاحب رسالة ولست صاحب سلطة، لذلك ترى وقتي مكرسا من
أجل عمان وأهلها، ولعل سر الولاء يكمن هنا في هذه الناحية، وتحديدا ناحية تماثلك
بأهلك، وتفرغك للعمل من أجلهم...." 11/2/ 2006م
وخلاصة القول لنبتعد عن
التأويلات الجزاف، ولنكن واعين مدركين بأن كل ما يقدم للبشرية من خير ومن أي جهة
أتى إنما هو جزء من الشعور بالمسؤولية والواجب الذي يحتم على الجميع أن يضع له
الصدارة في حياته وعلى كل المستويات فردا كان أم دوله، مؤسسة كانت أم شركة، إن
الاهتمام بالإنسان وتكريمه بكل الطرق والوسائل المناسبة هو قمة التحضر ومعيار
التنافس ومنطلق الرقي الحضاري ، ولنجعل من
هذا المواقف والمواقف الأخرى التي
شاهدناها بأم أعيننا ولمسناها في واقع حياة أولئك الناس الذين ينضوون تحت تلك
الدولة فاتحة خير لبداية عهد جيد يبني الانسان ويحترمه ويقدره وينزله منزلته التي
انزله الله أياها " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر.... الآية)،
ولنكون يدا واحدا مع كل المبادرات والمشاريع والأفكار التي تقدم للإنسان وتحترمه،
وتشعره بقيمته من أي مكان ظهرت أو في أي مكان وجدت، وبدون النظر إلى كونها متعلقة
بفئة معينة أو دولة محددة، إن ذكر تلكم المعاني النبيلة والقيم الرفيعة لتثلج
الصدر وتحيى الضمير وتبعث السرور في النفس وتشحذ من رقي الهمم نحو الانجاز والعطاء
والولاء للوطن والسلطان، وعندما تظهر تلك المبادرات في أي مجتمع فإنه في خير ونعمه
وصواب حكمه وسداد طريق وصواب عمل ، ما أجمل أن نسمع في أمتنا اهتمامها بتلك المثل
الطيبة والمواقف النبيلة، وما أجمل أن نرى من قياداتنا هذه المواقف التي تحيي فينا
روح الولاء والانتماء وتعزز فينا قيم العمل من أجل الوطن ، والشعور بقيمة المواطنة
الايجابية التي ستظهر بشكل منقطع النظر عندما نشعر بأن القيادة تسعى بكل ما اوتيت
في تقديم الافضل لمواطنيها، فطوبى لكل يد امتدت للخير، طوبى لكل فكر صادق سعى لترجمة القيم الايمانية
التي علمنا اياها ديننا الحنيف في واقع حياتنا ، كلكم راع وكلكم مسؤول عن
رعيته"
وإلى لقاء آخر
تعليقات
إرسال تعليق