الحوار في البيت الداخلي المؤسسي، ما الذي يحتاجه لينمو؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com


الحوار في البيت الداخلي المؤسسي، ما الذي يحتاجه لينمو؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
‏20‏/03‏/2013‏ 11:33:46 م
http://www.facebook.com/egabe.mutafael
‏25‏/04‏/2013‏ 02:49:27 م
    الحوار قاعدة أساسية لنجاح العمل المؤسسي في بلوغ أهدافه، وتحقيق غاياته، ولا يمكن توقع بلوغ أي مؤسسة درجات التقدم والرقي في ظل تنازع وفرقة وتشتت وتبعثر وفي ظل انعدام لحوار مؤسسي بناء يضع المؤسسة والعاملين بها في سلم الاهتمام وعوامل الرقي،  إن الحوار بلا شك يحتاج لقاعدة يبنى عليه وينمو من خلالها وبالتالي فإن مكمن النجاح في المؤسسات التي حازت على قصب السبق، انما يرجع إلى مساحات المرونة والحوار والعلاقات الانسانية التي تتاح بين جنباتها، والتي تأخذ بيد العاملين بها نحو الرقي والتقدم، لأنها تنظر إلى العاملين بها نظرة انسانية تفاعلية تكاملية ، في شعور متبادل ، ورؤية تفاعلية، ومنهجية واضحة في طريق البناء والتطوير المؤسسي، وإذا كان الحوار هو طريق المؤسسة نحو التطوير والتجديد فلا يمكن تصور سعي  المؤسسة  نحو الشراكة مع الآخرين خارجها في حين أن بيتها الداخلي مهدد بالانفجار ومعقد بالاشكاليات التي تقف سدا لكل حوار أو تفاعل مع الآخر، والسؤال الذي يمكن طرحه إلي أي مدى أدركنا قيمة الحوار على مستوى البيت الداخلي قبل الخارجي لمؤسساتنا؟، هل وضعنا الأجندة والأنظمة واللوائح التي تعزز من عملية التواصل والتفاعل والتكامل؟، هل نمتلك نحن كأشخاص مهارات الاتصال والتواصل والثقة في النفس والآخر بأن ما يقدمه الآخر في نفس البيت إنما هو لصالح العمل المؤسسي،  لاشك بأن هذا الجانب وللأسف الشديد لا نوليه الكثير من الاهتمام، ويعتقد البعض أن الشراكة إنما هي مستويات الترابط والعلاقة التي تبرز بين المؤسسة والمجتمع الخارجي، وبالتالي ننسى طبيعة العلاقة السائدة ونمط التواصل الحاصل داخل المؤسسة الواحدة وفي إطارها الداخلي أي مستوى التفاعل والتواصل والحوار الذي يظهر دور الجانب الانساني والاجتماعي في بناء روح الأخوة والزمالة والفريق المتكامل في العمل المؤسسي ، كم نحن بحاجة إلى أن نشعر بروح الأخوة قبل تكوين فرق العمل واللجان ، كم نحن بحاجة أن نشعر بغيرنا ممن هم في المؤسسة لأننا ندرك أننا جميعا شيئا واحدا من أجل هدف واحد، وعندما يقوى هذا الشعور ويثبت في قرارة النفس عندها لا نجد تلكم الصراعات المذمومة الحاصلة في بعض المؤسسات والتي تولد وتعزز مفهوم الذاتية والفردية والعمل الفردي وتكرس معنى الاستعلاء والسيطرة على الاخر والتعدي على حقه في العمل والعطاء والإنتاج والممارسة وغيرها.
إن ما تمت الاشارة اليه سابقا ، يتطلب بلا شك إيجاد أرضية مساندة للحوار معززة للتواصل مؤكدة على اهمية الفهم والوعي والاعتراف والاستفادة من الاخر والاستماع اليه والإنصات له، والقناعة بأهمية في المؤسسة وبأن المؤسسة محتاجة لكل فرد فيها يستظل بظلها ويكون ضمن قوتها، تحتاجه لأن يكون فاعلا متفاعل مع كل خطوات عملها وبرامجها وتوجهاتها مقتنعا بكل رؤاها ، مدركا بأن عليه أن يدافع عنها بالكلمة وبالقلم وبالنصيحة وبالقدوة لأنه يمتثل سلوك مؤسسته في يوميه وليله، وهو ما لا يتأتى إلا في ظل وجود مناخ حواري مؤسسي يعطي الفرصة للآخر ليكون عنصرا فاعلا مبادرا من اجل مؤسسته، ويضع أجنده ويمنح فرصا عديدة وبدائل متنوعة للخرين ممن لم يستطيعوا العطاء والانجاز في مجال ما لمجال آخر،  وعليه فإن وجود هذه البيئة المؤسسية الحوارية مرهون بمجموعة من القناعات ومنها:
·        أولا ينبغي ان ندرك أن العمل المؤسسي إنما هو نتاج جهد بشري ، وهو نتاج احتكاك افكار وتبادل خبرات، ونتاج ممارسات عمل، وتجربة حياة، ولذلك هو عمل قائم على تقدير قيمة الانسان وتعزيز تواصله بأدوات ومواد ضمن آليات واساليب عمل مقننه، لذا فهو في الاساس قائم على تقدير قيمة الحوار والتواصل ولا يتأتى لهذا العمل النجاح والتميز الا بوجود هذا العنصر .
·        لا بد من النظر إلى أي مؤسسة على أنها كل متكامل بعناصرها البشرية والمادية ، وأدواتها المختلفة، ودوائرها ووحداتها، لذلك فإن الفصل بين هذه العناصر والنزوع إلى أحدها دون آخر ، أو إهمال الجانب البشري والإنساني في العمل المؤسي، أو ترك موضوع التفاعلية والتكاملية للظروف والصدف والعفوية بدون ان تبنى على اسس محددة وأطر عمل واضحة وبدون أن تدرج ضمن نطاق هيكل المؤسسة وبنتيتها التنظيمية، فإنه لا يتوقع أن يكون المردود الناتج من هذه الجهود المبذولة أي تأثير في واقع الممارسة اليومية أو تأثيرها في نطاق الشركاء والمستهدفين من عمل هذه المؤسسة او تلك.
·        النظرة التكاملية المؤسسية هي التي ترسخ لمفهوم المساواة ، القائمة على تقدير العمل الجاد، والكفاءات المجيدة وإثابتها وتحفيزها، وبالتالي لا تعني المساواة في الحكم على الجميع بمنطق واحد بل المساواة هنا في أخذ الأفكار من الجميع والاستفادة من أفكار الجميع وإعطاء الجميع الفرص في المبادأة والمبادرة وطرح الأفكار ، وإلا فإن جانب التقييم والمتابعة والثواب والعقاب ينبغي أن لا يعني بأي حال من الأحوال أن الذي يعمل له أجر الذي عمل ، بل ينبغي أن تكون الأمور مبنية على أساس من المعيارية الدقيقة والتنافسية الشريفة، والتي تجعل من الانسان المحرك الرئيسي لنواتج العمل والصانع الفعلي لمبادرات الانجاز.
·        لا للازدواجية في العمل المؤسسي، لأنها تؤصل لثقافة الكراهية وتؤدي الى الاتكالية ، وتثير النزعات غير المقبولة في العمل المؤسسي، وما الصراع السلبي الحاصل في المؤسسة الواحدة إلا بسبب عدم وضوح الاختصاصات والاجتهاد في تفسير المهام، ووجود ازدواجيه في بعض المهام، وهو ما يسهم في ترسيخ الوحدوية في العمل، والسلوطية في الاداء، وكل جهة تتنازع الاختصاص ، ويبقى العمل في النهاية معلقا بدون أن  يحقق جدواه، هذه القضية تدعونا أيضا لاثارة موضوع آخر في العمل المؤسسي وهو فرق العمل أو اللجان المشكلة في البث في بعض الأمور، ولا شك فإن الهدف منها تنظيم العمل وترسيخ قيمه التواصل والحوار وفريق العمل الواحد والاستفادة من الخبرات المؤسسية في هذا المجال او ذاك، ولذلك ليس لهذه اللجان أن تقوم بدور ومهام الدوائر والوحدات في المؤسسة، ولا أن تتعارض معها، ولا أن تتدخل في مهامها ، وبالتالي فإن وضوح المهام ووجود الثقة بين الوحدات المختلفة في المؤسسة سوف يقوي من الوصول الى معالجة دقيقة لكل الاشكاليات وتحقيق نوعي لكل الاهداف المؤسسية.
·        وإذا كانت المؤسسة بجميع مستوياتها الادارية وعناصرها إنما تسعى لتحقيق غايات محددة وأهداف معيارية واقعية، فإن التواصل والتفاعل بين العاملين في جميع هذه المستويات بدون قيد او شرط وفتح باب التواصل والشراكة مع الادارة العليا بالمؤسسة، وإتباع سياسة الباب المفتوح سوف يعزز من منهجية العمل المؤسسي الواحد، فيصبح رأي المؤسسة هو رأي الجميع وليس رأي فلان أو علان، نسمع اليوم من البعض عندما يقال أن المؤسسة الفلانية اصدرت قرارا أو وجهت بكذا وهو من نفس المؤسسة تجده لا يعرف شيئا ولا يعترف بما قررته مؤسسته ولا بما أصدره رئيس الوحدة لديه، ولا يعنيه ما يحصل وكأنه في عالمه الآخر، هذه الممارسات الحاصلة هي نتاج لضعف التواصل والحوار المؤسسي، وسياسة غلق الأبواب عن البعض والسماح لعينة لا تتعدى عد الأصابع بلقاء الإدارة العليا بالمؤسسة، وبالتالي فإن اتباع سياسات أكثر عملية في هذا الجانب كحلقات النقاش واللقاءات الجماعية وفرق العمل واللقاءات الدورية والندوات المتكررة واللقاءات المفتوحة في أوقات الدوام الرسمي وخارجه، والزيارات الميدانية والتوجيه المباشر في مواقع العمل المختلفة بالمؤسسة التي تقوم بها الادارات العليا بالمؤسسات لمواقع العمل  تعتبر من أهم العوامل التي يمكن في ضوئها بناء اطار منهجي للحوار المؤسسي وهو ما نحتاجه اليوم بشكل أكثر نضجا ومنهجية في مؤسساتنا.
  قد يظن البعض أن وجود المواقع الالكترونية للمؤسسة والتي تضم كل الرؤى والتوجهات والفعاليات واللقاءات الحاصلة بالمؤسسة كاف لترسيخ مستويات المعرفة المهنية الحوارية لدى الأفراد، وهو أمر لا يمكن الاعتماد عليه بشكل فعلي ، فإن الحوار المقصود هو ارتباط فكري وروحي وشعوري وحسي ووجداني بين الفرد والآخر والفرد والمؤسسة وهو ما يتطلب حوارا وجها لوجه تتفاعل فيه قسمات الوجه، ولمحات الأعين، ونبرات الصوت، يشعر فيه الجميع بروح الأخوة والزمالة والصداقة والأسرة الواحدة ، ما أجمله من شعور، وما أعظمه من موقف ، وما اقوى صداه على النفس لينبري الجميع يسجل ما يسمعه من إدارته ورئيس الوحدة لديه ليكون فكره ترجمه عمليه لرؤية قادمة في العمل المؤسسي الناجح، فلنعي جميعا قيمة الحوار، وأهمية التواصل، وليس من شيء أعظم في لم الصف وتوحيد الكلمة وسماع صوت المؤسسة للأخر، إلا بوجود هذا الحوار البناء الذي يشعر فيه الجميع بأهمية الجميع وأن أي مؤسسة بحاجة إلى جميع أفرادها وأن على جميع الأفراد بالمؤسسة أن يوظفوا كل قدراتهم وأفكارهم من أجل البناء والتطوير المؤسسي، ولا شك فإن الحوار هو صاحب الحق في القضية وهو الذي يمكن من خلاله تحقيق هذا الطموح.
وإلى لقاء آخر

تعليقات