د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
- مدونة الحوار- 2013م
http://alhwaraleegabe.blogspot.com
الابتكار التعليمي العلمي والمسؤولية المجتمعية
نحو بناء شراكات مجتمعية في الابتكار التعليمي، ما المطلوب
؟
الدكتور/ رجب بن علي بن عبيد العويسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
·
كيف يمكن ان يتحول موضوع دعم القطاع الخاص لبرامج
الابتكار إلى مرحلة الاستدامة؟
·
وهل ستضع مؤسسات الاستثمار والمال الابتكار التعليمي العلمي
من بين مسؤوليتها الوطنية؟
·
أين موقع الابتكار العلمي في المنظومة الوطنية؟ وهل من
فعل وطني قادم يضع الابتكار في قائمة الأولويات؟
·
هل من رؤية في احتواء المبتكرين والحيلولة دون تركهم
يغردون خارج سرب الوطن؟
د. رجب بن علي العويسي
02/07/2013 01:00:19 ص
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يأتي موضوع الابتكار التعليمي العلمي من بين اهم نواتج
التعلم ومخرجاته وتعبير عن مستوى المنافسة والمكانة التي يتميز بها النظام التعليم
بمختلف مستوياته ومراحله، وتحقق الابتكار التعليمي دليل على جودة التعليم ورقي
منهجية عمله وقدرة القائمين عليه على تحقيق غاياته النوعية والتي تستهدف بالأساس
رقي الوطن الدولة والإنسان ويأتي موضوع
الابتكار التعليمي العلمي كأحد الموضوعات المهمة
عند الحديث عن المسؤولية الاجتماعية في التعليم ، كون العمل الابتكاري ليس مخرج تعليمي فقط بل
هو إرادة مجتمعية تصنع مستويات عالية من الدعم والمساندة للتعليم ومؤسسات الابتكار
في المجتمع، ولذلك اصبح الحديث عن الابتكار التعليمي إنما هو حديث عن منظومة
مجتمعية تتكامل فيها الجهود وتتفاعل فيها مجموعة كبيرة من المتغيرات وترصد حقيقة
وجود نوعية الثقافة المجتمعية السائدة ومستوى الدعم المقدم للابتكار التعليمي ،
ومسؤولية مؤسسات الدولة الاقتصادية والاستثمارية والأكاديمية وغيرها في بلورة رؤية
واضحة تضع الابتكار في اولويات العمل الوطني وترصد الموازنة المالية العامة للدولة
مساحة واسعة له في سبيل تعزيز وجود
مؤسساته وتأصيل ثقافته لدى الأفراد وتقديم الدعم والتشريعات المناسبة له لنموه وتطوره
وإيجاد الأرضية التشريعية والتنظيمية والهيكلية له في سبيل تأكيد الدعم والقناعة
بأهميته في منظومة العمل الوطني.
وبالتالي يطرح الموضوع تساؤلات عدة حول مستوى الاهتمام
الذي يحظى به في منظومة العمل المؤسسي ومستوى خلق مرتكزات عملية وعلمية ومنهجية لعمله
ومستوى وضوح التشريعات والآليات والأدوات التي يعمل في ضوئها، ثم ما المطلوب من
مؤسسات المجتمع وبشكل خاص القطاع الخاص في
سبيل النهوض به وتقديم الدعم له، وهل هناك رؤية واضحة في التعامل معه خاصة في فترة
نشهد فيها وجود فرص لنمو هذا الجانب كمجلس البحث العلمي وبعض المبادرات التي تقوم
به مؤسسات التعليم بالسلطنة ، إن المتتبع لواقع التوجهات حول الموضوع يستدعي بلا
شك النظر إلى الموضوع من خلال محاور عدة منها:
·
طبيعة الفلسفة التي يبنى عليها الابتكار التعليمي العلمي،
والغاية المتحققة منه، ومدى الاستفادة من المنتج الابتكاري، وطبيعة النظر للفرد
المبتكر، والمحتوى أو المضمون العلمي للابتكار التعليمي، وآلية التعامل مع الثقافة
الابتكارية او الجهد الابتكاري الحاصل في الموضوع من حيث مستوى الدعم المعنوي
المقدم للمبتكر والدعم المادي المساند له في ابتكاره، ومستوى الترويج الحاصل لما
تم ابتكاره بل طبيعة النظرة المؤسسية والفردية للابتكار والمنجز المتحقق من ذلك.
·
كيف تقرأ مؤسسات القطاع الخاص موضوع الابتكار في
التعليم، بمعنى أن الملاحظ أن الابتكار التعليمي يسبق عملية الدعم، وعندما تقدم اي
فرد أو مجموعة أفراد بجهد ابتكاري معين يطلبون الدعم من المؤسسات، فإن الموضوع
يحتاج لفترة طويلة لانتظار الموافقة على ذلك، والسؤوال الذي يطرح نفسه ما مدى وجود
مساحة في العمل الابتكاري في بنية القطاع الخاص أو بنية ومسؤولية الشركات
والمؤسسات، أم أن النظر للموضوع يأتي بمجرد منحة وشعور فردي بالمسؤولية الوطنية
لدعم المبادرات النوعية في المجتمع.
·
نوعية البيئة المتاحة للابتكار التعليمي سواء على مستوى
مؤسسات التعليم ذاتها أو من خلال توفر مراكز للابتكار التعليمي ، وهو أمر بلا شك
يستدعي الدعم وتأصيل هذا الجانب في البيئة التنظيمية والهيكلية للمؤسسات
التعليمية، بمعنى أن تكون هناك مراكز ابتكار متنوعة تتفاعل مع كل الجهود
والمبادرات النوعية التي يقوم بها طلبة المدارس والجامعات والمعاهد والمؤسسات بل
والأسر عامة.
·
إن تحقيق وجود بيئة ابتكارية يستدعي توفير نظام هيكلي في
المؤسسات لدعم الابتكار العلمي في مجالاته
المتعدده، بحيث تضع هذه المؤسسة في هيكليتها الضوابط والاختصاصات والصلاحيات
ومنهجيات العمل ، والشروط المؤسسية الأخرى، ولا شك فإن وجود مثل هذه الهيكلية في
بنية المؤسسات سوف يضمن تحقق المتابعة والرصد والتقييم والمساندة لها.
·
إن وضوح مرئيات العمل والإطار العام لعمل تلك المؤسسات
يستدعي وجود هيئة عليا للابتكار والبحث، ولعل المطلوب هنا أن تتضح رؤية الابتكار
في مجلس البحث العلمي، وأن يضاف الابتكار
التعليمي كركيزة أساسية في عمل المجلس، بل أن يتحول عمل المجلس إلى فعل وطني قادم يدفعه
نحو مزيد من العمل الجاد والرؤية الواعية والتفاعل المستمر مع كل المبادرات والابتكارات الفردية
والجماعية والمؤسسية. وبالتالي فإن عمل
هذه الهيئة المقترحة أو المجلس إن كان يضاف هذا الاختصاص كجزء أساسي في مسمى مجلس
البحث العلمي أن يعمل على احتواء الابتكار
التعليمي العلمي ويضمن تحقق اهدافه ويضمن للقائمين عليه فرص كثيرة في انجاز علمي
مبتكر وممارسة نوعية مبتكرة تحقق منافسه دوليه في براءات الاختراع وغيرها.
·
إن عملية بناء منظومة ابتكارية وطنية يستدعي بلا شك
الاستفادة من كل الممارسات الأفضل الحاصلة في يدان التعليم والقاعات الدراسية
بالجامعات ، وبالتالي فإن محاولة ترسيخ مناخ ابتكاري نوعي بالمدرس والجامعات وتعزيز
وعي الطالب وثقافتة بذلك وترسيخ قناعاته بأن ما يقدمه من ابتكار سوف يحظى باهتمام رسمي
ومجتمعي كبير ، سوف ينمي من استمرارية هذه الثقافة واتساع هذه الممارسة لتصبح
ممارسة تعليمية متحققة في مؤسسات التعليم لدينا، وبالتالي فهي ستكون بمثابة النواة
الأولى للممارسة الابتكارية الكبرى التي
سيكون لها أثرها على البناء الوطني وتحقيق برامج التنمية الوطنية، وبالتالي يستدعي ذلك ان تعمل الممارسة التعليمية
التي يقدمها المعلم ودير المدرسة وبيئة التعلم والموقف التعليمي على محاولة اكتشاف
هذه المواهب الابتكارية وصقلها ومتابعة نموها، وهو ما يعني ضروة ان تصنع الحالة
المدرسية المناخ المعزز للابتكار ونموه وتوجهه
نحو تحقيق الهدف والغاية منه.
·
هناك العديد من المجالات التي يبرزها الواقع التعليمي
ويمكن أن تكون بمثابة مدخل لهذا الجانب ان وظفت بالشكل السليم ووجد لها التقييم والتأصيل
المناسب لأدوات المتابعة والتقييم والرصد ، بل يمكن ان تسهم المسابقات التي وجه
اليها مولانا جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه سواء كان جائزة السلطان قابوس
للبحوث الاكاديمية النوعية، أو جوائز السلطان قابوس الأخرى، وبرنامج التنمية
المعرفية وغيرها في رفد هذا المجال ، على أن تتم في إطار وضوح الهدف ونوعية المنتج
المتحقق ووضوح الأدوات ومعيارية المؤشرات .
إننا لا ننكر
وجود جهود مؤسسية بدأت تظهر جانبا مهما في الابتكار التعليمي ولكنها جهود ما زالت
قاصرة جدا عن تحقيق الطموح، وعلى الرغم من توفر الفرص الداعمة لهذا الجانب والتي
يأتي في أولويتها القيادة الحكيمية لجلالة السلطان المعظم، إلا أن عدم وضوح
الرؤية، وضعف مستوى الثقافة المتوفرة لدى القطاع الخاص، بل وجود التجاذبات
المختلفة بين المؤسسات في مسؤوليته عن هذا الجانب، وعدم وضوح الرؤية الوطنيىة حول
الفلسفة والغايات والأهداف والنواتج وماذا بعد النواتج المتحققة، وقلة وجود البيئة
المعززة لهذا الجانب في سياسات مؤسسات الاقتصاد والاستثمار والتمويل وضعف الرؤية
لدى مؤسسات الاعلام والترويج عن المنجز الوطني ، بل وتحديد الجهة التي تعمل على
تقييم المنجز وتقدير اهميته ومستوى فاعليته القادمة في العمل المؤسسة القادم تضع
الموضوع ضمن دائرة مفتوحة بدون وجود هدف
او وجهة محددة تنتهي اليها أو تبلورها في حقيقة ماثلة/ وهو يدور في دائرة ضيقة
ايضا تتقاذف الكرة فيها المؤسسات حول من المسؤول المباشر، ومن الشريك الأساسي ومن
الفاعل الألماسي او الذهبي للموضوع، هل مجلس البحث العلمي أم مؤسسات الدولة الأخرى
أم مؤسسات التعليم أم مجلس التعليم، ثم
اين يقع دور القطاع الخاص إذا كنا في عنوان مقالنا قد اثرنا هذا الموضوع من منظور
اجتماعي بمعنى مشاركة مؤسسية تبدأ من الجميع ( الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات
التعليم وأولياء الأمور وابناء هذا الوطن ) وتنتهي إلى الوطن الإنسان الذي سيكون
هو الغاية والهدف والوسيلة لهذا المنجز الوطني بل والمساهمة الانسانية التي تتحول
الى اضافة نوعية في المنجز افنساني العالمي.
إننا في انتظار تلكم اللحظة التي تشعر فيها مؤسسات
المجتمع بهذه المسؤولية ويدرك القطع الخاص دوره ومسؤوليته الوطنية من اجل هذا
الوطن وابنائه، في احتضان الفكر والابداع والابتكار الإنساني الوطني ، والمحافظة
على هذا الابتكار الوطني في هويته الوطنية ، من خلال المحافظة على إنسان هذا
الابتكار ومن زوده الله بفضله ليبدا ابتكاره من هذا الوطن ينطلق به في العالمين
وهو يرفع هامته فوق السحاب، فالقوة والمدد والدعم والتمويل يجده من هذا الوطن فلا
حاجة لأن يهاجر إلى وطن آخر يجد فيه ملاذا له من أجل تحقق ابتكاره ونمو انجازه،
إننا اليوم بحاجة لأن نعترف بأن فرصنا في الابتكار أكثر من أي وقت مضى وأن المتاح
لنا من فرص كثيرة جدا وأن من بين أبناء هذا الوطن وبناته الكثير ممن يبتكرون ويخترعون ويكتشفون وتطالعنا
الصحف في كل يوم بنماذج حيه من هؤلاء المبتكرين الذين بحاجة ماسة إلى من يأخذ بأيديهم
ومن يفتح المجال لهم للتجريب والبحث ومن يمنحهم الفرص لاكتشاف ما لديهم من
ابتكارات ، فهل سنعمل على احتوائهم والمحافظة عليهم أم نتركهم ليغردوا خارج سرب
الوطن وعندها ولات ساعة ندم.
وإلى لقاء آخر
تعليقات
إرسال تعليق