الدراسات الاستراتيجية العمانية في الميزان د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com



·       الدراسات الاستراتيجية  العمانية في الميزان
·       هل ستشهد الفترة القادمة تأسيس مؤسسة وطنية عليا ترعي الفكر الاستراتجي  وتحتضن الابداع والابتكار النوعي وتنتج  الدراسات الاستراتيجية  الاسترافية لبناء عمان المستقبل؟
·       كيف يمكن توحيد الجهود المؤسسية القائمة حاليا لبناء منظومة متكاملة للدراسات الاستراتيجية؟
·       هل ما زال الدور المطلوب من القطاع الخاص مقتصر على الدعم المادي، وكيف يمكن الاستفادة مما يمتلكه هذا القطاع من خبرات ومهارات وإمكانيات فنية داعمة للفكر والعلم والمعرفة الاستراتيجية ؟
   ..............................................................................................
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي – rajab.2020@hotmail.com
5/10/ 2012م
(      http://alhwaraleegabe.blogspot.com        )
.........................................................................................................
في دول العالم المتقدم والساعي للتطوير والتجديد يلحظ اهتمام كبير بالبحث العلمي والدراسات الاستراتيجية التشخيصية والتطويرية والتتبعية والتاصيلية وغيرها، هذا الاهتمام ناتج عن قناعة أكيدة بأهمية البحث العلمي في بناء المجتمع وتطوره، وقناعة أكيدة بدور الدراسات الاستراتيجية في مجالات الحياة المختلفة في رسم سياسات التطوير وتوجهات التنمية وتوجيه مسار العمل المؤسسي بل وأهمية في صياغة القرار الاستراتيجي للدولة ونظام الحكم ، هذا الاهتمام بدور الدراسات الاستراتيجية كان له أثره الايجابي في منظومة العمل الوطني في تلك الدول ويساهم بشكل كبير في رفد التنمية وبرامجها بكل الأحداث والبيانات والإحصاءات والحقائق والممارسات والأفكار والتفاعلات التي تحصل في ميدان العمل الوطني بكل تجلياته وتفاعلاته وبمختلف مستوياته،  مما كان له أثره الواضح أيضا في بناء روح وطنية في العمل المؤسسي ، وقوة في القرار الاستراتيجي ، واتفاق على كل التوجهات التي تسعى القيادة السياسية في تلك الدول على بنائها ،  هذا الموضوع بلا شك يعنينا نحن في عمان بشكل كبير، ولدينا رصيد لا باس به في محاولة  تفعيل البحث العلمي في البناء المؤسسي، وقبل ذلك لدينا فرص متاحة يمكن أن نستغلها في تحقيق هذا الحلم أو هذه الأفكار التي طرحتها في هذا المقال البسيط، أول هذه الفرص هو أن لدينا قناعة على مختلف مستويات العمل الوطني بأن البحث العلمي هو اساس نجاح العمل الوطني، وأن الدراسات الاستراتيجية بمختلف أنواعها ومستوياتها وفصولها تشكل في رؤية القيادة العمانية الحكيمة رصيد الوطن في بناء منجزاته والمحافظة على حقائق الانجاز التي تحققت، وثانيها، أن هناك مجموعة من الدلائل الملموسة التي يمكن أن تشكل فرصة نبني عليها ونعززها بقوة الدعم ( دعم القرار، ودعم المال، ودعم الكفاءات) ، فالمكرمة السامية لجلالته أعزه الله بشأن دعم البحوث الاستراتيجية والتي تشرف عليها جامعة السلطان قابوس ومجلس البحث العلمي ، جزء من هذه الفرص، ويشكل بدوره  مركز الدراسات العمانية بجامعة السلطان قابوس نواة لهذا العمل الوطني الذي نطمح أن يكون أكثر من ذلك اتساعا وانتشارا وتاصيلا وقوة وتفاعلا واستدامة، وأن تشكل هذه المراكز منطلق لمركز وطني أو مجلس أعلى للدراسات الاستراتيجية، نحن في عمان وفي ظل كل المتغيرات الحاصلة الملموسة وغير الملموسة بحاجة إلى إعطاء جانب الدراسات الاستراتيجية الدعم والاهتمام والمتابعة ، وأن يكون لها دورها وبروزها وصداها في إيجاد حلول أو بناء أطر عمل واضحة تسترشد بها مؤسسات الدولة بل والقرار الرسمي في الوصول إلى غاياته، موضوع ايجاد مؤسسة عامة ترعاها الدولة ويساهم فيها القطاع الخاص بنصيب وافر من الدعم تستقطب الخبرات الوطنية والكفاءات  في ظل المتغيرات الوطنيىة باتت لا تقبل النقاش ولا تنتظر التنازع عليها إلى أين يمكن ظمها ، وإلى من تنتسب ، نحن بحاجة إلى مؤسسة ترعى الفكر الاستراتيجي تدرس الواقع وتحلله وتستقرئ المستقبل ، بمعنى تستقرئ مستقبل اقتصادنا الوطني بعد عشرين عاما، تستقرئ انتاج شباب الوطن، والتحديات التي تواجه التنمية الوطنية ، أين نحن، وكيف يمكن أن نكون بعد عشرات السنين،  نحتاج إلى مؤسسة تعمل على صياغة الفكر المؤسسي وتدرس جوانب التراجع فيه أو مواطن القوة فيه، أو ما يتجه إليه،  أي بمعنى آخر تدرس الواقع وتشخصه في ظل مطلب وطن وتوجه أمه ورؤية قائد ،  إن الفكر السامي لمولانا جلالة السلطان المعظم يحمل فكرا استراتيجيا في كل مجالات العمل الوطني وبالتالي فإن هذه المؤسسة سوف تعمل على قراءة ودراسة هذا الفكر، نحن بحاجة لدراسات استراتيجية في الاقتصاد وفي المرور وفي القانون وفي الشباب وفي التنمية وفي الكفاءات الوطنية، وفي السياسة، والوعي السياسي للمواطن العماني، وفي السياسة الدولية العمانية، وفي الأسرة العمانية، وفي جانب القيم ومنظومة الأخلاق،  وفي السياحة، وفي البنية التحتية، وفي بناء الموارد البشرية، وفي كل شيء، نحتاج إلى قراءات معمقة ومعالجات عمليه، وتحليلات تأخذ في الحسبان كل المتغيرات، قراءة ودراسة يترتب عليها قرار وطني،  رسمي يأخذ مجراه للتنفيذ الواقعي بناء على دراسة واعية ومنهجية عمل مؤطرة، نحتاج إلى مؤسسة ترعى الفكر الاستراتيجي والإبداع الخلاق والفكر الناضج الراقي، تنتج للوطن خلاصة الأفكار، يساهم فيها القطاع الخاص بدور كبير  في الدعم ليس المادي فحسب بل أيضا الدعم الفني بخبراته ومهاراته وكوادره في كل مجالات التنمية ، ويومها تصبح الاحصاءات التي ترد من مواقع العمل ليست مجرد أرقام تقرأ  بل هي حقائق تحللل وتدرس ومؤشرات تبني عليها برامج التنمية الوطنية لعشرات السنين،
إن ما أردت أن اشير إليه هو أن حاجتنا للدراسات الاستراتيجية ووجود مؤسسة لرعاية هذا الفكر  يعزز لدينا الرغبة الاكيدة في بناء رؤية واضحة للعمل الاستراتيجي يتسم بالشمولية ويحظى بمستويات من الدعم والمساندة، وتعالج فيه كل القضايا الوطنية  في إطار رؤية وطنية واضحة ومنهجيه عمل محددة ووعي بالدور المطلوب من هذه المؤسسة في رعاية الفكر الاستراتيجي ، بل وفي مسؤوليتها في بناء وتدريب كوادر وطنية في الفكر الاستراتيجي الأمني والإعلامي والشرطي والسياسي والتعليمي والاقتصادي والعملياتي وغيره،  بحيث تعمل هذه المؤسسة في عدة اتجاهات ، فمن جهة هي مؤسسة منتجه للفكر الاستراتيجي الوطني وداعمة له، ومن جهة أخرى تعمل على تأصيل هذا الفكر في ابناء الوطن من خلال برامج تدريبية وحلقات نقاش  تنفذ في الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس، وأيضا تعمل هذه المؤسسة على تدريب وتأهيل القيادات العليا بالدولة ورؤساء الوحدات والصف القادم من وزراء ووكلاء ومستشارين ورؤساء جامعات ومراكز بحوث، وأيضا من خلال سعيها لبناء روح التواصل الفكري الاستراتيجي مع ابناء الوطن داخليا ومع جميع المؤسسات، وأيضا من خلال قدرتها على بناء أطر شراكة دولية مع المراكز البحثية الاستراتيجي  الدولية والمجامعات والمؤسسات المعنية بالفكر الاستراتيجي  .
وإلى حين تحقق هذه الأمنية وطموحنا بايجاد هذه المؤسسة على المستوى الوطني ، هل يمكن أن يسد مركز الدراسات العمانية بجامعة السلطان قابوس جزء من الرؤية العامة لهذه المؤسسة التي ترعى الفكر الاستراتيجي العماني، لا شك بأن تحقق قيام المركز بالدور الاستراتيجي المنوط به في دراسة الفكر العماني بمختلف مجالاته منوط بحجم الصلاحيات والثقل والدعم والمساندة التي يحظى بها المركز، ومدى القناعة بما يقوم به  في سبيل تحقيق أهدافه، هذا بلا شك يأخذ في الحسبان جوانب أخرى كوجود خطة عمل ، بل ومستوى او نوعية وطبيعة القضايا والموضوعات التي يدرسها ومدى اولويتها في استراتيجية الحكومة بشكل عام  وتحقيق برامج التنمية الوطنية، ومستوى الشمولية والعمق والتحليل والترابط والاستشراف المستقبلي فيما ينتج عن المركز من دراسات وبحوث تتسم بالرصانة والدقة والجودة والفاعلية، ونوعية الكفاءات والخبرات والقدرات التي تتوفر بالمركز ومستويات الدعم والمساندة والحوافز المقدمة لها، هذا بالإضافة إلى طبيعة الشراكة ومستوى الحوار والتواصل الذي يربط المركز بمؤسسات وقطاعات الدولة المختلفة بالإضافة إلى شراكته الداخلية مع الباحثين والمثقفين وصناع الكلمة ، والأخذ في الحسبان مستوى الشراكة التي تربط المركز بالمراكز الدولية ،   إن مما ينبغي أخذه في الحسبان هو الدور المطلوب أيضا من القطاع الخاص في مساندة عمل المركز ومستوى الدعم المادي والخبراتي والمهاراتي والفني والتقني الذي يمكن أن يسهم به القطاع الخاص في بناء الفكر الاستراتيجي ، هذا بدوره يأخذنا أيضا إلى التأكيد على أهمية ما يتوفر من مستوى الوعي والفهم بطبيعة الدور الذي يقوم به المركز ، وآلية العمل المتبعة ، إذ كلها عوامل مساندة في إنجاز فعلي يمكن أن يقدمه المركز تمهيدا لايجاد مؤسسة للدراسات الاستراتيجية العمانية لديها الصلاحيات والاستقلالية الادارية والمالية وقوة القرار صناعته واتخاذه ، نأمل ان يرى طموحنا هذا النور،،
وإلى لقاء آخر

تعليقات