التعليم وكسب ثقة الإنسان العماني د. رجب بن علي العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com

التعليم وكسب ثقة الإنسان العماني
د. رجب بن علي العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
يشكل كل من التعليم وبناء منظومة الموارد البشرية صنوان لعملة واحدة ، فإن التعليم لا يمكن أن يحقق أهدافه وغاياته إلا إذا استطاع أن يبني الإنسان في مهاراته وتوجهاته ويرقى بفكره ويسهم في بناء شخصيته وتقويم سلوكه وتطوير قدراته وتوظيف مهاراته في خدمة الوطن والمواطن وخدمة نفسه ومؤسسته، وفي الوقت ذاته لن يصل التعليم إلى تحقيق غاياته إلا إذا وجد الإنسان الواعي القادر على استخدام الأدوات والآليات المعززة لتعلم منتج، فإن هذه التفاعلية بين التعليم وبناء الإنسان وتنمية الموارد البشرية  تذكير  بعمق الاندماج بينهما والتكاملية في أدوارهما ينطلق في تقديري الشخصي من  أمرين مهمين : الأول يتعلق  بالدور المعقود على الإنسان العماني  نحو هذه النهضة  المباركة في المحافظة على منجزاتها الخالدة والاستمرار  في تقديم المبادرات  التي تعزز من الجهود الحالية  للحكومة وأجهزة الدولة المختلفة  من أجل بناء مستقبل عمان الغالية، أما الجانب الآخر  فيتعلق بالمسؤوليات الوطنية على مؤسسات التعليم بالسلطنة في تأكيد مسؤولياتها وتحقيق أولوياتها وطموحات القيادة الحكيمة منها وآمال الوطن والمواطن ، وهو ما يعني أن تكون على مستوى المسؤولية في الفكر والرؤية والرسالة والخطط والتنفيذ لبرامجها وأنشطتها لتصل إلى مستويات مرضية من التنفيذ  قادرة على تشخيص الواقع وبناء أطر المستقبل ومدركة للتحديات والمتغيرات.
ويأتي التوجيه السامي لجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه في خطابه في مجلس  عمان 2012 بمثابة تأكيد على ضرورة ان تنتهج السياسات التعليمية منحى آخر ومناهج عمل متجددة تخرج التعليم الى مرحلة جديدة يتفاعل فيها مع مجريات التنمية ويرتبط فيها بحقيقة الإنسان كون التعليم انما هو من اجل التنمية والإنسان، ولأن الإنسان هو من يستطيع ان يوجه مسار التعليم من اجل رقيه وتطوره ، لذا كان التوجيه واضحا وآليات العمل محددة وواضحة وطريقة الأداء ينبغي أن تضع مؤسسات التعليم في إطار معياري واضح يقوم على وضوح الهدف ودقة العمل واتساع التوجه وشمولية النظرة ، غير ان تحقيق هذه الرؤى والتوجهات والعمل بهذه المعاني يحتم بلا شك ان تتجه هذه المراجعة الى مرحلة من الجدية المصحوبة بالمتابعة والمراقبة والمحاسبية والضبط والتقييم المستمر لكل مراحل المراجعة وآليات العمل،  في إطار تكامل الأدوار وتقاسم المسؤوليات
إن عملية إيجاد مراجعة مستمرة للسياسات التعليمية التي وجه إليها جلالته حفظه  الله  ورعاه نابعة من قناعة صادقة وإدراك حقيقي من لدن جلالته لدور التعليم في التنمية المستدامة وتحقيق برامج التطوير الاجتماعي بل ومسؤولياته في بناء جيل واعي قادر على المنافسة العالمية وفي الوقت ذاته لا يتنكر لقيمه ومبادئه ويعتز  بهويته الحضارية ، وهو ما يعني أن تقوم مؤسسات التعليم بالسلطنة في المرحلة القادمة بتشخيص علمي وفعلي لواقعها يراعي كل المتغيرات ويسلط الضوء على كل القضايا المؤثرة في التعليم مع الاستفادة من كل الجهود والمبادرات الدولية والإقليمية بما يتناسب وهوية السلطنة  وقيمها ومبادئها الحضارية، كما يتطلب مراجعة دقيقة لآليات العمل تبرز جوانب القوة والقصور وتؤدي إلى إيجاد آليات عمل مبتكرة شاملة وواعية وعادله  تضمن تحقيق الغايات بصورة أقل كلفة وأكثر نوعية مراعية لطبيعة المجتمع ومحققة لآمال المواطنين ومساهمة في تعزيز فرص  المنافسة والتحدي الشريف في ظل معايير واضحة وآليات دقيقة ومنهجيات سليمة وأطر عمل مرنة تتفاعل مع المتغيرات وتلبي الاحتياجات المتغيرة للإنسان العماني.
من هنا فإن مرور ما يقارب من عام على الخطاب السامي لجلالته أعزه الله  يستدعي الوقوف عند كل المحطات التي تحققت  من جميع مؤسسات التعليم لما انجز في هذا الشأن وما لم ينجز من أولويات من خلال  شراكة مؤسسية واعية لمسؤولياتها، قادرة على فهم اسباب وجودها في ظل وعي اجتماعي متحقق بدور التعليم ومسؤولياته وأن يؤدي مجلس التعليم دورا مهما في هذه المسالة من خلال إيجاد إطار واضح تعتمد عليها مؤسسات التعليم جميعا في تبني رؤية المراجعة ، على أن تكون هذه المراجعة في ظل عمل مؤسسي قائم على منهجيات واضحة وأطر مقننة وتحليلات للواقع ومؤشرات دقيقة لا يكون للحظ والاجتهاد الفردي والصدف أي وجود فيها بل تعتمد التخطيط المعزز لخلق بيئة عمل مؤسسي تعليمي تنهض بالتعليم وترقى بعناصره وتبرز نواتجه في شكل سلوك ومنافسه وقدرة على العطاء الإنساني للوطن والإنسانية جمعاء ، فهل ستعمل جهود مؤسسات التعليم إلى كسب ثقة الإنسان العماني في نظامه التعليمي وخلق فرص التوظيف والتطوير والوعي له.
وإلى لقاء آخر

تعليقات