نحو استيعاب الناشئة لمفهوم تحليل الواقع و بناء مؤشرات رصينة لأداءات متميزة؟ د. رجب بن علي العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com

" من أجلك يا وطني وأنت تزهو بمنجزات الثالث والأربعين المجيدة"
نحو استيعاب الناشئة لمفهوم تحليل الواقع و بناء مؤشرات رصينة لأداءات متميزة؟
د. رجب بن علي العويسي
‏14‏/11‏/2013‏ 10:38:40 ص
إن نجاح محاضن التربية ومؤسسات التنشئة والتثقيف  في تحقيق رسالتها ، تكمن في ما يمكن أن تغرسه في نفوس الناشئة من قيم حضارية راقية وتوجهات تجديدية متطورة وقناعات ومبادئ خلقية سامية، وبالتالي يأتي مقياس النجاح  في مدى ما تقدمه لتعليم أبناء الوطن وبناته وما تغرسه فيها من اخلاقيات ومثل ومنهج عمل، و في ظل واقع متجدد ومتغيرات تضع هذه المحاضن والمؤسسات أمام مرحلة جديدة وفي قائمة أولويات مرحلة التقييم والتشخيص والدراسة  التي تشهدها الحالة العمانية وفي ظل مؤشرات نوعية عززتها إرادة التحول التي يقود مسيرتها وخططها المباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه والتي استهدفت الإنسان والرقي به وما الأوامر السامية الأخيرة بشأن توحيد جداول الدرجات والرواتب لجميع موظفي القطاع المدني  إلا جزء من هذا المنجز الحضاري  ، وبالتالي كان لا بد وأن تضع هذه المحاضن في مسؤوليتها تحقيق مجموعة من الأطر والتوجهات التي أفرزتها طبيعة الحالة العمانية  من حيث  تكوين الثقافة الواعية وتعزيز المسؤولية الوطنية  وتأصيل مستوى المشاركة المجتمعية، وتجويد العمل وتقويم مساره ، وأن تؤصل في مناهجها للمفاهيم التي أوجدتها مرحلة التحول في المنظومة العمانية برمتها في مجالات عملها المختلفة،  كالحريات المسؤولية وإتاحة إبداء الرأي في إطار القانون وتعزيز مفهوم المحاسبية المؤسسية والتقويم في ظل معايير ، وبالتالي فإن تضمين هذه المفاهيم بشكل أكثر قوة وفي إطار معالجة نقدية تحليلية دقيقة في المناهج الدراسية يفرض على محاضن التربية ومؤسسات التنشئة والتثقيف  تطورا في فلسفتها وفكرها ومنطلقاتها وتوجهاتها ونطاق عملها وخططها وبرامجها، هذا الأمر بلا شك يستدعي تعريض الناشئة إلى مجموعة من الأدوات والمهام والحقائق المجتمعية وتعريفه بها وتأصيل ملكة البحث والتحليل والنقد والتفسير وحل المشكلات لديه ، وبالتأكيد يصبح من المهم للناشئة مناقشة قضايا التربية والتعليم والأسرة ووسائل الإعلام والمواطنة والتطوع وغيرها بكل مدخلاتها وعملياتها  ومخرجاتها وأبعادها ، و إتاحة قدر من المرونة في ثقافة التعليم والتعلم والتدريس والتثقيف ومنحهم فرصه تحديد متطلبات تعلمهم ونقده من جهة والاختيار ضمن بدائل من جهة أخرى، وهو أمر يستدعي بلا شك تمكنهم من الكثير من المهارات وإتقان العديد من الثقافات وفهم الجديد من التوجيهات، فالواقع الاجتماعي يفرض على محاضن التربية ومؤسسات التنشئة والتثقيف  اليوم نمطا جديدا ومرحله تستدعي منها أن تحظى بمزيد من الثقة وتضمن قدرتها على بناء جيل تتوفر لديه الإرادة والصبر والعمل والانخراط في المهنه وتحمل المسؤولية وبناء ذاته والاعتماد على النفس ، وهو أمر لا يمكن لها أن تحققه إلا وفق شروط عليها أن تعمل بها و تلتزم بتحقيقها على المستوى الوطني أولا والعالمي ثانيا في ظل حديث عن المواطنة العالمية والإنسان العالمي الذي لا يمكن أن يحصر نفسه وفكره في إطار ضيق ولا زاوية محدده ، لأنه يتعامل مع عالم شديد التعقيد وسريع التواصل وسهل التأثير والتأثر ، فإذا كان لا يمتلك الأدوات التي تساعده  وتعينه على تحقيق ذلك فإن تكيفه مع الواقع لن يكون سهلا.
وأسهمت التقنية الحديثة كأحد معطيات الألفية في تطوير دور محاضن التربية ومؤسسات التنشئة والتثقيف  لتتفاعل بشكل أقرب إلى مزاجية الطالب وإرادته ويستهوي ابداعاته واهتماماته، فإن التغير الحاصل في مجال المعلومات ووسائط التواصل الاجتماعي و غيرها ساهمت في زيادة سرعة اطلاع الناشئة  على التجارب و الخبرات مما يعني الحاجة إلى قيام هذه المحاضن والمؤسسات  بدور أكثر ابتكارية في  توعيه النشء بطريقة التعبير عن مستوى رضاه من عدمه عن الواقع المعايش ، من خلال تعريفها بدور الدولة ومؤسساتها  ومسؤولية المواطن نفسه و حدود هذه المسؤوليات و جانب التكاملية و الشراكة المأمولة و خلق روح من الانسجام بين دور المؤسسات و دور الفرد و المجتمع و تربية الناشئة على أساليب الحصول على الحقوق و الوصول اليها و طريقة التواصل مع قيادات الدولة، وبالتالي تأصيل ثقافة نوعية في الحصول على الحقوق و طريقة المطالبة بها و الوصول اليها قائمة على التبصر و الحكمة و المنهجية بعيدا عن التخريب او إثارة المشكلات أو تهديد الحقوق أو تعريض الاخرين للخطر و هو ما يستدعي أسلوب قائم على الحوار العلمي التشاركي البناء الذي يؤخذ فيه برأي كل عناصر المنظومة المجتمعية و بشكل خاص الناشئة و الشباب من خلال أطر متابعة و تقييم و فرز الاراء بحيث يصبح ذلك سلوكا عاما و منهجا فكريا مؤسسيا توضع له اللوائح و الانظمة يأخذ منحى العمل المؤسسي  بعيدا عن الارتجالية وبالتالي  تدريب الناشئة  على قراءة الواقع قراءة صحيحة من خلال مؤشرات واضحة و اعتراف بجهود الآخرين و تقدير الانتاج و الابداع الانساني بعيدا عن المزايدات أو التهويل أو التضخيم بحيث تمتلك الناشئة آليات قراءة الواقع كونه سيكون له الاثر على مصيرها و جهودها في الساحة العالمية. ويصبح من الأهمية في المقابل توجيه عقول النشء نحو إعادة قراءة التاريخ وصياغته بشكل يضمن مصداقية و صحته بعيدا عن المزايدات و التجاوزات الحاصلة فيه و تلمس الواقعية فيه من خلال الدراسة و البحث و المقارنة و التحليل و التصحيح مع الاعتراف بدور التاريخ في حياه الأمة  فمن لا ماضي له لا حاضر له و الشعوب التي تتأفف من الماضي ولا تعطيه اهتماما، إنما هي شعوب تنسلخ من هويتها الحضارية، هذا الدور الذي ينبغي أن تتبناه محاضن التربية ومؤسسات التنشئة والتثقيف  ويمهد  لمرحلة جديدة في التاريخ توجه فيه المؤسسات الناشئة  نحو الابداع وتربية الامل و المستقبل في الاجيال الصاعدة و تربية الطموح والتطلعات الراقية و توجيهاته لخدمه الانسان و التنمية و التطور.
إن احتفال عماننا الغالية بعيدها الثالث والأربعين المجيد ينبغي أن يشكل محطة تحول تتلقاها هذه المحاضن والمؤسسات بمزيد من العمل الجاد نحو بناء الناشئة العمانية كما أراد عاهل البلاد المفدى، وعليها أن تضع الإنسان العماني في شموخه الذي يستمده من شموخ وطنه وأمجاده العظيمه، وأن تعزز فيه هذه المنهجيه من الولاء والانتماء والمسؤولية .... وكل عام والجميع بخير

وإلى لقاء آخر 

تعليقات