بناء شخصية الطالب جهد مشترك ووعي متجدد هل سيعمل البرنامج الصيفي على تحقيق ذلك؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com


بناء الشخصية الايجابية للطالب: جهد مشترك ووعي متجدد
هل سيعمل البرنامج الصيفي على تحقيق ذلك؟
د. رجب بن علي  بن عبيد العويسي
‏26‏/06‏/2013‏ 01:07:55 م
يعد الطالب نتاج العملية التعليمية ومخرجها الأساسي وعندما تتوفر في المخرج المهارات الخلاقة التي يفتخر بها الوطن وتتطور بها الأمة عندها تتحقق الغاية من التعليم وبرامجه والهدف من وجودها بأي شكل من الأشكال سواء كانت على مقاعد الدراسة النظامية أو من خلال البرامج التثقيفية والتوعوية المساندة والمعززة للتعليم والتعلم، وعليه فإن بناء الشخصية الايجابية الفاعلة والمؤثرة أو بناء المواطن الفاعل والايجابي يتطلب جهد مؤسسي مشترك ومسؤولية تتقاسم تبعاتها ونتائجها كل المؤسسات، وترابط أكيد بين السياسات والإجراءات وبين الرؤى والطموحات وآليات العمل، يتطلب بالأحرى وضوح في التوجه ورؤية متعمقة وفهم واضح فيما نريده من أبنائنا الطلبة  والطالبات ، وما نأمله فيهم، وماذا يريدونه هم من التعليم وكل الجهود التي تبذل في هذا الإطار  في ظل عالمهم المليء بالمفاجآت والمتغيرات، ثم ماذا يريد المجتمع وماذا يريد الوطن وماذا تريد الحكومة وماذا تريد وزارة القيادة الحكيمة التي ترى في هؤلاء الشباب عزة الوطن وقوته وطريقه نحو بلوغ أهدافه السامية ، وبالتالي فإن التفاعل والتمازج والترابط الصريح منذ البداية في معرفة الهدف ووضوح الرؤية والتوجه سوف يعزز من قدرة مخرجات التعليم وبرامج التدريب والتطوير والاثراء والتثقيف على فهم دورها المطلوب منها في البناء الاجتماعي والتنمية الوطنية، وفي تقديري فإن هناك العديد من المبادرات التي يمكن أن تصنع منها المدرسة أو الأسرة أو المسجد أو المركز الصيفي شخصية ايجابية لمتعلم يدرك دوره ومسؤولياته ، وهي قادرة على ذلك إن توفرت لها الموارد والدعم الذي يتيح لها مواصلة مشوار البناء والإعداد للمورد البشري،
كثيرا ما ينظر إلى بعض الممارسات الحاصلة في الواقع اليومي على أنها أخطاء توجه للنظام التعليمي وعدم قدرته على تخريج متعلمين لديهم حس المسؤولية أو أن التعليم لم يستطع أن يؤصل لثقافة بعينها كثقافة الالتزام مثلا ( انقطاع طلاب المدارس في فترة الامتحانات، أو ما يحصل من بعض الطلبة من ممارسات غير مقبولة كتخريب بعض المرافق العامة أو غيرها)، في تقديري الشخصي المسالة تحتاج إلى عمق في الرؤية ووضوح في التوجه  يبرز تساؤلات حول الطالب الذي نريد ، ونوعيه الإنسان الذي نحتاجه للبناء والتطوير وما المواصفات التي نرغب أن تكون فيه وبعدها نقرر نوع التربية التي يمكن أن تقدم للطالب ونوع الآليات التي يمكن استخدامها في هذا الجانب ثم طبيعة المنهجيات والسلوكيات والأفكار والمعلومات التي يتطلبها كمدخل لبناء الشخصية الايجابية ، هذا بدوره يوصلنا إلى مرحلة جديدة تتطلب من الجميع تكاتف الجهود فليس التعليم مسؤولية وزارة التربية فحسب وليس مسؤولية المعلم فحسب بل هو مسؤولية وطن بكل ما فيه ومن فيه، والمطلوب من القائمين على العمل المؤسسي التربوي أن يدركوا هذه الحقيقة فإن مشاركة أو رغبة مؤسسات المجتمع في المشاركة  لا يعني تدخل في الاختصاص أو غير ذلك بل يعني رغبة في القيام بالمسؤولية الوطنية والتي لا يمكن أن يتحقق التربية السليمة إلا بوجودها أو تحققها والقناعة بها،  وبالتالي فإن فتح الأبواب لمشاركة فاعلة مسؤولة ووضوح أدوار كل من الأسرة والإعلام والمسجد وغيرهم في عملية التربية والتنشئة هو الكفيل بالوصول إلى نقاط مشتركة يمكن من خلالها العمل معا لبناء مخرجات طلابية فاعلة مشاركة في التنمية ومسؤولة عن تحقيق أو المحافظة على برامج التنمية
وعود على بدء وفي إطار الحديث عن البرنامج الصيفي ينطبق ما أشرت إليه أيضا على المراد من البرنامج الصيفي أن يحقه لأبناءنا الطلبة وبناتنا الطالبات، ونوع التغيير الفكري والثقافي والسلوكي المطلوب أن تثمر عنه جهود أقل من شهر من التثقيف والتوعية والتوجيه، وبالتالي تأتي الحاجة إلى أن تتحدد أولويات هذا البرنامج وفق دراسات واستطلاعات تشخيصية وتقارير ممارسة مجتمعية تشارك فيها كل الجهات، لتعرف موضع القوة وجانب الاخفاق ومكمن التوجيه أين ينبغي أن يتم ، لتشكل البرامج الصيفية بمثابة الدواء الموجه لعلاج المشكلة أو الذي يمكن أن يوضع على الجرح المصاب،  ولهذا عندما يتأكد هذا الاهتمام والحرص والمتابعة والتنسيق والتكامل في الجهود المؤسسية بشأن البرنامج الصيفي عندها ستثمر  نتائجه وتتحقق عوائده، وتبرز إلى السطح الكثير من الممارسات الأفضل التي يمكن أن نبني عليها الكثير من القرارات المؤسسية ذات العلاقة بالتوجيه والتعليم والرعاية الاجتماعية والوعي،
وبمعنى آخر لا ينبغي أن يكون البرنامج الصيفي عملا يقصر على ذاته فقط، ولا ينبغي أن ينظر إليه على أنه جهد مؤسسي وقتي ينتهي بانتهاء فترة زمنية معينة، بل من المفترض أن تكون نتائج البرنامج الصيفي رصد حقيقيى للمرحلة الجديدة من العام الدراسي القادم فتبني المدرسة جزءا من خططها على نتائج البرنامج الصيفي والمعالجات التي تمت وجوانب القصور التي ظهرت، وتبني الجامعات برنامجها الأكاديمي على ما تحقق من مهارات وما رصد من  معطيات وما برز من جوانب ، ولذلك كان لا بد وأن يصحب البرنامج الصيفي لكل المؤسسات رؤية واضحة وخطة عمل مقننة بعيدة كل البعد عن الدعاية الاعلامية وتلميع الصورة، نكتشف من خلالها واقع شبابنا في مجالات الحياة المختلفة وطريقة تعاطيهم للأمور وتفاعلهم مع متطلبات واقعهم، ولذا نؤكد على أهمية انخراط الطلبة في مواقف حياتية ملموسة وتجريبهم في مواقف عمل وممارسات واكتشاف مواهبهم من خلال مواقف تعليمية وتعلمية مجتمعية مختلفة،  إن المأمول من هذا البرنامج أن يشكل رافدا لكل الجهود القادمة حول بناء الإنسان في كل مجالات حياته المختلفة، وأن يستفيد البرنامج من كل المقترحات والأفكار التي تطرح بشأن تطويره وتحديثه، وأؤكد أيضا كما أشرت لذلك في مقال سابق من أهمية التنسيق والتكامل في الجهود للوصول إلى برنامج يحقق الغايات ويلبي  طموحات المستهدفين منه،

وإلى لقاء آخر 

تعليقات