التعليم ومسؤولية بناء منظومة الموارد البشرية د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com

التعليم ومسؤولية بناء منظومة الموارد البشرية ،
·       هل حقق التعليم الرؤية السامية نحو تعليم نوعي منتج ؟
·       وما المطلوب من منظومة التعليم في سبيل كسب ثقة الإنسان العماني؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
‏27‏/05‏/2013‏ 11:35:29 م
يعد التعليم وبناء منظومة الموارد البشرية صنوان لعملة واحدة ، فإن التعليم لا يمكن أن يحقق أهدافه وغاياته إلا إذا استطاع أن يبني الإنسان في مهاراته وتوجهاته ويرقى بفكره ويسهم في بناء شخصيته وتقويم سلوكه وتطوير قدراته وتوظيف مهاراته في خدمة الوطن والمواطن وخدمة نفسه ومؤسسته، فإذا استطاع التعليم أن يقوم بهذه المهمة وأن يحقق هذا الهدف المبتغى منه يمكن القول بأنه وصل إلى مرحلة من الجودة والكفاءة والفاعلية وحقق الغايات المرسومة والمطلوبة منه، وفي الوقت ذاته لا يمكن أن يصل التعليم إلى هذا المستوى من الفاعلية إلا إذا وجد الإنسان العماني الواعي لمستقبله والقادر على قراءة واقعه وفهم متطلبات حاضره، وعمل بكل جهد وإخلاص وتفان وولاء وانتماء يلازمه حس وطني ومسؤولية مهنية وإرادة قوية وتطوير للقدرات وبناء للذات وحب للعلم والعمل ورغبة في الاستفادة من علوم العصر المفيدة بما يضمن له أمنا وأمانا واستقرارا وسلاما، ويضمن شراكة فاعلة في التنمية والتطوير الاجتماعي تعتمد الوعي منهجا لها والفهم والمبادرة معيارا يضيء طريقها.
إن هذه التفاعلية والتكاملية  بين التعليم وبناء الإنسان وتنمية الموارد البشرية  تذكير  بعمق الاندماج بينهما والتكاملية في أدوارهما وتأكيد جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه في خطبه وكلماته السامية إلى الاهتمام بالمورد البشري ينطلق في تقديري الشخصي من  أمرين مهمين : الأول يتعلق  بالدور المعقود على الإنسان العماني  نحو هذه النهضة  المباركة في المحافظة على منجزاتها الخالدة والاستمرار  في تقديم المبادرات  التي تعزز من الجهود الحالية  للحكومة وأجهزة الدولة المختلفة  من أجل بناء مستقبل عمان الغالية، وهو الإنسان العماني الواعي المستنير والقادر على  تحمل مسؤولية التطوير والتجديد والتنمية  والتحديث الذي يأخذ على عاتقه أن مسؤولية التطوير مسؤولية وطنية اجتماعي وفردية في الوقت نفسه، وبالتالي فإن تأكيد جلالته رعاه الله  بمجلس عمان بتاريخ 31/10/ 2011م على دور الشباب في خطط التطوير والتنمية ورؤيته السامية بأن تشهد  المرحلة القادمة  اهتماما أكبر ورعاية أوفر يتطلب من كل فرد على أرض هذا الوطن مستويات عالية من الوعي والبصيرة وبعث الهمة والصبر والتحمل والإخلاص والولاء والمبادرة الذاتية التي لا تنتظر المقابل، تنتظر شراكة فعليه في التطوير لا تعتمد على مجرد عبارات تتردد في الألسن أو نقاط تثار هنا وهناك أو أحاديث حول التطوير بل ممارسة فعليه وقناعة صادقة وإرادة قوية  تقررها ذات الفرد وتحتكم إليها بمنطق العمل والعمل، وخوض غمار التجربة وإبداء الرأي وتقديم البديل المناسب والواعي والهادف والمحقق للغرض ثم  بعد نظر في كل المتغيرات العالمية والإقليمية والمحلية وقراءتها بعين بصيره وفكر مستنير يضمن لهذه الأفكار والبدائل إمكانية التنفيذ في أرض الواقع ، قادر على التفاعل مع  التحديات والتعامل مع المتغيرات بروح وقادة وعزيمة أكيدة وفكر واثق متقد ورؤية عصرية تضع أمام الجميع خيارات وبدائل وتضع أمام مؤسسات التعليم سيناريوهات بديله واعية رشيدة تحقق الهدف وتسمو إلى تحقيق الطموح. أما الجانب الآخر  فيتعلق بالمسؤوليات الجسيمة على مؤسسات التعليم بالسلطنة في تأكيد مسؤولياتها وتحقيق أولوياتها وطموحات القيادة الحكيمة منها وآمال الوطن والمواطن ، وهو ما يعني أن تكون على مستوى المسؤولية في الفكر والرؤية والرسالة والخطط والتنفيذ لبرامجها وأنشطتها لتصل إلى مستويات مرضية من التنفيذ  قادرة على تشخيص الواقع وبناء أطر المستقبل ومدركة للتحديات والمتغيرات.
إن عملية إيجاد تقييم مستدام ومستمر للسياسات التعليمية التي وجه إليها جلالته حفظه  الله  ورعاه نابعة من قناعة صادقة وإدراك حقيقي من لدن جلالته لدور التعليم في التنمية المستدامة وتحقيق برامج التطوير الاجتماعي بل ومسؤولياته في بناء جيل واعي قادر على المنافسة العالمية وفي الوقت ذاته لا يتنكر لقيمه ومبادئه ويعتز  بهويته الحضارية ، وهو ما يعني أن تقوم مؤسسات التعليم بالسلطنة في المرحلة القادمة بتشخيص علمي وفعلي لواقعها يراعي كل المتغيرات ويسلط الضوء على كل القضايا المؤثرة في التعليم مع الاستفادة من كل الجهود والمبادرات الدولية والإقليمية بما يتناسب وهوية السلطنة  وقيمها ومبادئها الحضارية، كما يتطلب مراجعة دقيقة لآليات العمل تبرز جوانب القوة والقصور وتؤدي إلى إيجاد آليات عمل مبتكرة شاملة وواعية وعادله  تضمن تحقيق الغايات بصورة أقل كلفة وأكثر نوعية مراعية لطبيعة المجتمع ومحققة لآمال المواطنين ومساهمة في تعزيز فرص  المنافسة والتحدي الشريف في ظل معايير واضحة وآليات دقيقة ومنهجيات سليمة وأطر عمل مرنة تتفاعل مع المتغيرات وتلبي الاحتياجات المتغيرة للإنسان العماني.  وبالتالي فإن تحقيق هذا الجانب القائم على تشخيص الواقع  ومراجعة آليات العمل يتطلب  تكاملية في الأدوار قائمة على تعزيز الشراكة الفعلية بين المؤسسات المختلفة ذات العلاقة بالتعليم بمختلف أنواعه، وبينها ومؤسسات المجتمع والقطاع الخاص  وهو ما يعني أن تقوية جانب الشراكة وتعزيز مستوى الثقة والشعور بالمسؤولية المشتركة وتقويم بدائل العمل وتحليل السياسات الحاصلة وتعزيز مستوى الحوار والتواصل المؤسسي وتبادل الخبرات هو الكفيل بتحقيق هذه الغاية وقدرة التعليم على الإيفاء بمسؤولياته الوطنية والمجتمعية والإنسانية. وعلى هذا فإن التكاملية والتفاعلية في الأدوار تتطلب حرصا على الاستفادة من كل وجهات النظر وتأطير علمي وعملي لكل التوجهات ودراسة تحليلية  لكل الأطروحات والاقتراحات التي تبرز في أي خطوة تسعى أي مؤسسة تعليمية إليها في سبيل التطوير ، فإن بناء هذه التوجهات الطموحة على الدراسات التشخيصية للواقع والاستفادة من جميع الآراء المطروحة والإعلان عن كل التوجهات التطويرية والاستفادة من كل المؤشرات الموجودة الوطنية والعالمية في هذا المجال سوف تضمن الوصول بلا شك إلى الهدف المنشود وتضع خطط التطوير المؤسسي موضع التنفيذ، وبالتالي فإن المرحلة القادمة ينبغي أن تشهد  اهتماما كبيرا وعملا محكما ورؤية صريحة في هذا الجانب.
وعود على بدء فإن وصول التعليم إلى مستويات الجودة المنشودة يرتب عليه مسؤوليات كبيرة جدا في بناء إطار مشترك من القيم والمهارات والتواصل بين التعليم كفكر وممارسة يستهدف من خلالها أبناء الوطن، وبالتالي فإن مستوى الوعي المتحقق لدى الإنسان العماني في كل جوانب الحياة، وجانب التوعية والتدريب والتأهيل الممارس من قبل المؤسسات، والفكر الاستراتيجي المعزز لمنهج التواصل والتفاعل والمواءمة بين التوجهات والممارسات وبين السياسات والإجراءات ، التي تظهر آثارها في مستوى التمكين والاستعداد والشخصية العمانية هو النتيجة النهائية التي ينبغي أن تضعها المؤسسات التعليمية المعنية ببناء الموارد البشرية تعليما وتدريبا وتأهيلا وتثقيفا وتوجيها ضمن أولويتها ، بحيث تصبح الجهود موجهة لتحقيق هذا الهدف وهو بناء الإنسان العماني الواعي القادر على تحمل المسؤولية والمدرك الواعي لكل التوجهات الوطنية، إن مرور ما يقارب من عام على الخطاب السامي لجلالته أعزه الله  يتطلب مراجعة من جميع مؤسسات التعليم لما انجز في هذا الشأن وما لم ينجز من أولويات في ظل شراكة مؤسسية واعية لمسؤولياتها، قادرة على فهم اسباب وجودها في ظل وعي اجتماعي متحقق بدور التعليم ومسؤولياته وأن يؤدي مجلس التعليم دورا مهما في هذه المسالة من خلال إيجاد إطار واضح تعتمد عليها مؤسسات التعليم جميعا في تبني رؤية المراجعة ، على أن تكون هذه المراجعة في ظل عمل مؤسسي منهجي قائم على منهجيات واضحة وأطر مقننة وتحليلات للواقع ومؤشرات دقيقة لا يكون للحظ والاجتهاد الفردي والصدف أي وجود بل تعتمد التخطيط المعزز لخلق بيئة عمل مؤسسي تعليمي تنهض بالتعليم وترقى بعناصره وتبرز نواتجه في شكل سلوك ومنافسه وقدرة على العطاء الإنساني للوطن والإنسانية جمعاء .

وإلى لقاء آخر

تعليقات