وزارة التربية والتعليم والاختبار الصعب (1) د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com





وزارة التربية والتعليم والاختبار الصعب (1)
" رؤية تحليلية لتوصيات نتائج الدراسة المشتركة بين وزارة التربية والتعليم والبنك الدولي " التعليم في  سلطنة عمان : المضي قدما في تحقيق الجودة "
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
rajab.2020@hotmail.com   تم نشر الموضوع في صفحتنا في الفي سبوك  بتاريخ
23/10/ 2012م
(      http://alhwaraleegabe.blogspot.com        )
.........................................................................................................
طرحنا لهذا الموضوع يأتي في إطار تدشين الدراسة المشتركة بين الوزارة والبنك الدولي 22/10/ 2012م، والتي جاءت في وقت مقنع وتحديات كثيرة تواجه منظومة  التعليم وحراك تعليمي شهدته المؤسسة التعليمية نهاية عام 2011م، وتحولات نوعية في رسم صورة الأداء التعليمي النوعي مستقبلا بالسلطنة بدأت بالتوجيه السامي لمولانا المعظم بإجراء تقييم شامل للمسيرة التعليمية عام 2011م  وتوجت بإنشاء مجلس التعليم عام 2012م، ،  هذه الدراسة بلا شك  تضع اليد على الجرح كما يقول البعض ، أين المشكلة، وما مسارها، وما نتائجها، ، فهي تحمل الكثير  من الهموم والشجون والطموحات والتحولات المنتظرة في التعليم، لذلك كانت نتائجها متوقعة بعض الشئ ، كون نتائجها تعكس هم الميدان التعليمي وفي الوقت نفسه طموحات مجتمع التعليم ، وهي مع ذلك ليست وليدة الصدفه فيما أشارت إليه أو ما احتواه مضمونها، ولم تأت بوصفات سحريه ، بل هي نتاج مداولات وحوارات المعلم والطالب ومدير المدرسة وولي الأمر، وتساؤلات القطاع الخاص ومؤسسات التنمية وغيرها، فهي نعم دراسة تشخيصية لواقع العمل المؤسسي ورؤية من أجل مستقبل تعليمي يمكن أن نحقق من خلاله طموحات الأجيال القادمة، غير أن المهم في هذه الدراسة هو أنها وضعت وزارة التربية والتعليم في اختبار مقنن يتطلب إجابات مقننة وسلوك يستوعبه الجميع في ظل حقائق ومؤشرات ومشاهدات، وأكدت على أن عملية الاختبار هذه  تتسم بكونها مقلقة وملحة ولا تنتظر التسويف، وهي  بشكل آخر عملية تفاعلية يومية  تنتج عنها مراقبة دورية  من كل الشركاء والمستهدفين والمعنيين للسلوك التعليمي، بل القرار التعليمي المؤسسي ذاته، ليضعه في قائمة متابعاته اليومية ورصده لمجريات العمل التربوي، مما يعني ان على وزارة التربية والتعليم أن تكون مستوعبة بشكل متكامل لكل النتائج التي أظهرتها الدراسة ، وبالتالي كان من المهم أن تضع لنفسها رؤية واضحة  من أجل البث في هذا التعهدات التي بدت في الدراسة كونها عمل يلزم وزارة التربية والتعليم القيام به والحيلولة دون تجاوزه بدون المرور عليه أو تعدي أحقيته في الأولوية المؤسسية،  وبالتالي ليس لها إلا  أن تعد العدة لها، فلا مجال لوضعها في الأرفف، ولا مناص لإخفائها عن أعين الجميع، ولا فرصة لنسيان ما ورد فيها من حقائق، وإعداد نفسها من أجل تحمل تبعات قرارها أو اشتراكها في هذه الدراسة وتبنيها لها في محفل رسمي ضمن  مظلة أكبر مؤسسة تشريعية رسمية في الدولة وهو مجلس الوزراء الموقر والأمانة العامة للمجلس،  وبالتالي تتطلب الاجابة عن هذا  الاختبار الصعب مستوى عال من الجاهزية المهنية والادائية لتبني تلك التوجهات على شكل برامج وسلوك عمل رسمي، ومستوى الوعي المتحقق لدى القائمين على المؤسسة التعليمية بضرورة  أن تكون مخرجات  هذه الدراسة بمثابة منهج عمل يرسم طريقهم لمستقبل واعد، في ظل اريحية وقناعة واقتناع بالتنفيذ ومعيارية الهدف المتحقق، بما ياخذ في الحسبان نتائج المراجعة والاجراءات النوعية التي يمكن ان تخرج بها كمنطلق يضيف بعدا آخر في الاستعداد المبدئي الذي سيكون نقطة الانطلاقة نحو تقبل هذا الفكر الجديد والسلوك الجديد الناتج من التحول الذي يفترض ان تخرج به توصيات الدراسة ونتائجها، 
هذا الأمر يضع الوزارة في مرحلة جديدة تجعل من هذه الدراسة بمثابة معيار تقييم لأدائها يحدد للشركاء والمستهدفين وأولياء الأمور بل والقطاع الخاص ومؤسسات الدولة الأخرى المعنية بالتعليم ،   الطريق الذي تسلكه الوزارة والتوجهات التي تعمل عليها  ومدى قربها أو بعدها من المعيار الوطني الذي رسمته لنفسها ، وبالتالي تقيس مدى اقتراب الممارسات والخطوات والتوجهات والسياسات التي تتخذها من المسار الذي حددته نتائج هذه الدراسة في مضي  الوزارة قدما نحو  تحقيق الجودة،  هذا بلا شك ستكون له تبعاته الايجابية  على المدى البعيد  في مستوى الوعي والتفاعل الاجتماعي مع التعليم وقضايا ه، بحيث تضع عمل الوزارة أمام  تساؤلات عدة ونقد مستمر، واستفسارات متوالية، ونقاشات  مستفيضة وحوارات على مختلف الأصعدة وعلى مستوى وسائل الاعلام وشبكات التواصل والحوار الاجتماعي،  وبالتالي فإن المتوقع من هذا التفاعل وجود ما يعكسه من عمليات الحراك النوعي الداخلي والتغيرات الهادفة والتفاعلات والاستراتيجيات التي يتوقع  أن يتسم بها عمل المؤسسة التربوية والموجه لصالح الأداء النوعي، هذا التفاعل  يتعدى مرحلة الاجتهاد والفردية إلى مرحلة نوعية  تتسم بالتحولات المخططة والمدروسة والمنهجية والمعلنه والواضحة والشاملة والصريحة ،  لأن هناك من يعمل في المقابل على تقييمها بشكل دوري ويضعها أمام محطات قد يصعب الاجابة عنها إن انحرفت عن المعايير أو لم تصل لتحقيق  السلم التقديري المقبول وطنيا ودوليا، كون الدراسة نتاج خبرات دولية في مجال التعليم، ولذلك ففي تقديري الشخصي على الوزارة أن تضمن قدرتها على التعامل مع مجموعة الحزم الواردة، كحقيقة ماثلة أمام أي توجه للوزارة بما يعكس  سعيها قدما لتحقيق الجودة  ومن بينها:
§        نوعية القرار المؤسسي والطموح الذي يقدمه
§        مستوى التغييرات الحاصلة في الأداء الاداري والمالي والتنظيمي وقدرته على التفاعل مع المعطيات الجديدة
§        مستوى الكفاءة النوعية للأداء الوظيفي للإدارات على مختلف مستويات منظومة التعليم والمهارات المتوفرة لديها، ومدى وعيها لمقتضيات التمكين والصلاحيات الممنوحة
§        مدى الالتزام بالمعايير والشروط في عملية اختيار الصف الثاني والثالث والرابع من القيادات الادارية في المؤسسات ، ومستوى وجود الرؤية الاسترتييجة والفكر الاستراتيجي في عمل هذه القيادات.
§        ضرورة وضع حد لمدخلات التعليم من الباحثين عن عمل، بل تكون الاحترافية والمهنية هي الشرط الرئيسي لكل مدخلات التعليم وفي كل مجالات العمل المؤسسي.
§        ضرورة وضع حد لمفهوم الذاتية والفردية وسيطرة القرار الفردي على الفكر المؤسسي ، في إطار وضوح في التوجه ووجود مسوغات للقرار.
§        وضع لحد للازداوجية في العمل، والذاتية في الانجاز وبناء اطار مشترك في العمل المؤسسي يضمن تكامل ا لادوار يضع الأهداف العليا للمؤسسة فوق اي اعتبار.
§        مستوى الوضوح في التوجه والثقة في الآخر واتساع مساحة الحوار المشترك الذي يفضي إلى انجاز ملموس وعمل فعلي متحقق.
§        وضع حد للبيروقراطية المؤدية الى ضعف الانتاجية في العمل والمضللة لحقيقة الممارسة الفعلية .
§        القناعة بأن العمل المؤسسي التعليمي إنما هو جهد بشري وفكر إنساني في المقام الأول فالإنسان الموظف/ المعلم هو بدايته والمتعلم الخريج هو نهايته، وبالتالي فإن وضوح استراتيجية بناء الموارد البشرية ومستويات الدعم والمساندة والحافز المقدم لها في ضوء وضوح المعايير سوف يكون الطريق الذي تسلكه الوزارة لبناء انجاز متحقق والوصول إلى تحقيق النوعية في الأداء.
§        إن بناء إطار مؤسسي للأداء وضبط عملياته لا يتحقق إلا في ظل نظام تشريعي خاص بالتعليم( قانون التعليم) يعمل على ضبط عملياته وتوجيه اهدافه وترسيخ ثقافة العمل المؤسسي الهادف والمتقن بين أفراده، ويضمن للعاملين في التعليم سيرهم في طريق تحقيق الجودة .
هذه النقاط التي اشرت إليها هي جزء من الاختبار الصعب الذي يحتاج إلى إجابة واقعية واضحة تتعدى النظرة الصحفية الرسمية الضيقة إلى منظور تحليلي مؤسسي  يتسم بالعمق والوضوح والاقتناع  تظهر شواهدها في واقع ملموس، وبصماتها في مخرجات تعليمية يشيد بها الوطن ومؤسساته، إجابة تعكس واقع نوعي ، وتوجه طموح مرغوب فيه بل يأمل الجميع أن يراه في أداء المؤسسة التعليمية،  ومع قناعتنا بأن تحقيق هذا العمل يحتاج إلى جهود كثيرة ومشاركات واسعة وعمق في التحليل ووضوح في التوجه وشراكه مع كل قطاعات التعليم، إلا أننا ندرك أيضا أن البدء به  يأتي من البيت الداخلي للمؤسسة التعليمية ومن اروقة العمل اليومي في الصفوف الدراسية،  إن توظيف المساحات الواسعة التي يضمها العمل المؤسسي على اتساع رقعه عمان الغالية ومدى توفر الارادة نحو تحقيق ذلك الطموح، ومستوى الوعي المتحقق لدى الميدان التعليمي في قدرته على التفاعل مع هذا الطموح بحرص ووعي وإدراك لمسؤولياته وفهم ما تريده الوزارة  منه، هو السبيل للمضي قدما في تحقيق الجودة وتجاوز  الاختبار الصعب،،،
 وإلى لقاء آخر.

تعليقات