·
ما
أثر ثقافة الأفراد وانعكاساتها على أداء المؤسسة ونطاق عملها؟
·
لماذا
تعمم تصرفات البعض بأنها ثقافة مؤسسة؟
·
هل
نحن بحاجة إلى تشريعات وضوابط تعزز أخلاقيات المهنة وتؤصل لثقافة نوعية في العمل
المؤسسي؟
·
هل
يمكن تأصيل قيمة النقد الايجابي كثقافة مؤسسية تنشد التجديد والتطوير وتستجيب لمتطلبات
المستقبل المنشود ؟
04/03/2013 11:00:48 م
Rajab.2020@hotmail.com
تشكل
القيم في أي مؤسسة تنشد الجودة في أدائها والاستدامة في نشاطها والتطور في اسلوبها
وطريقة أدائها ركيزة اساسية ، وأحد المعايير التي يمكن أن تقاس من خلالها جودة
الأداء المؤسسي وفي الوقت نفسه تعبر عن نوعية الثقافة التنظيمية السائدة بها
والمناخ التنظيمي الذي تتولد من خلاله منظومة القيم المؤسسية ومستوى الالتزام بها في العمل المؤسسي، لذلك بات الحديث عن جودة
المؤسسات من خلال ما تمتلكه من ثقافة وما تحتضنه من فكر وما تعبر به من ممارسات
العاملين بها وما تترجمه القرارات المؤسسية من سلوكيات ومبادئ وأخلاقيات تنال على
استحسان المجتمع وقبول المراجعين ورضا المستهدفين من عمل تلك المؤسسة، من هنا أصبحت
المؤسسات الكبرى تعير موضوع القيم اهتماما كبيرا وتعطيه مساحة واسعة من خلال جانبين
رئيسيين يتعلق الأول بالعاملين انفسهم الذين يعبرون عن رؤية المؤسسة وفلسفتها
ويترجمون منهجها وغاياتها وأهدافها في استراتيجيات عمل تعبر في حقيقتها عن السلوك
المؤسسي، لذا كان من المهم أن يكون ممن يلتحقون بتلك المؤسسات او ينضوي تحت لوائها
أن يتشبع بمنظومة القيم الاخلاقية والسلوكية والمهنية والاجتماعية والتواصلية
والتفاعلية وغيرها، وان يكون جانب القيم وأخلاقيات
المهنة حاضرة في سجل ممارساتهم اليومية وتعاملاتهم المستمرة وفي سجل الموظف الشخصي
بل وفي استمارات التقييم وذلك من خلال التركيز على مدى ما يلتزم به الفرد من مبادئ
وقيم وأخلاقيات وسلوكيات ومستوى الاتزان في ا لانفعال والسلوك وحسن التصرف في
الامور والكياسة والقدرة على احتواء المشكلات وعلاج التحديات وتوفر قدر كبير من القيم
والمهارات في ادارة الازمات او عند الرغبة في اي مراجعة تظهر سببا في تدني الاداء
او معالجة نوعية لأحد جوانب العمل بالمؤسسة، أما الجانب الآخر فيتعلق بمستوى
الالتزام المؤسسي كمنظومة ادارية وتنظيمية وهيكلية بموضوع القيم، بمعنى آخر مستوى
التأصيل للقيم في بنيان العمل المؤسسي، يظهر ذلك في مستوى التكامل والترابط
والتفاعل والحوار في بنية العمل المؤسسي وهيكليته الادارية والمالية والرقابية
والتدريب ، بما يضمن تحقق قيم المرونة
والشفافية والانسايبة والتكاملية وتقليل الازدواجية في العمل ووحدة الهدف ووضوح
الغاية من العمل المؤسسي والدفاع عن المبادئ المؤسسي والشراكة في القرار المؤسسي ومستوى
التكاملية في الادوار وتقاسم المسؤوليات، وهو ما يمكن أن يعبر عنه من خلال طبيعة
اللجان ونوعية فرق العمل وقناعة الادارة العليا بدور كل افراد المؤسسة في بناء
المؤسسة والاستفادة من الكفاءات وتوظيف الخبرات المؤسسية وخلق روح الانسجام
والتواصل بين قيادة المؤسسة والموظفين بمختلف المستويات الادارية وازالة المحبطات
الأخرى المناقضة لجانب القيم ومنها " المحاباة والمحسوبيات واللوبيات والشللية"،
وقناعة القيادة بحاجة المؤسسة لجميع العاملين المخلصين، وأن تسهم ممارسات الادارة
العليا بالمؤسسة وحسن ادارتها وحكمتها في معالجة الامور في خلق مناخ تنظيمي يعزز
سلوك المبادرة والابتكار والتطوير والإنتاج والإخلاص في العمل والانضباط والالتزام
المهني والأخلاقي مما يعني وصول المؤسسة الى مرحلة نوعية من العطاء القائم على
القيم والأخلاقيات والمنهجيات ووضوح الاليات التي ترتبط الى حد كبير بدراسات
واستطلاعات راي ونقد ذاتي ووضوح منظومة المتابعة
ومنهجية العمل وقدرة منظومة تقييم الاداء على تحقيق المحاسبية والمساءلة المؤسسية
الادارية والمالية والوظيفية وغيرها ،
لا
شك بأن واقع العمل المؤسسي في ظل منظومة القيم ما زالت تعترضه الكثير من التحديات والغموض في
آلياته وتطبيقاته وقياس تأثيره، فهي ما زالت غير ممنهجة بالشكل الصحيح ولم يؤخذ
موضوع القيم المؤسسية ضمن الثقافة التنظيمية للمؤسسة أي اهتمام على مستوى التشريع
او التقييم او الرقابة والمتابعة ، بل ظل موضوع الالتزام القيمي هو مجرد سلوك شخصي
يختلف من شخص لآخر ومن جهة لاخرى بل قد يختلف بين موظف وآخر ومسؤول وآخر في نفس
المؤسسة، حتى ليظهر للمتابع أن المسألة تقاس بمعايير اخرى وموازين
مصطنعه موازين الربح والخسارة وعند الحاجةفقط، فقد يتصنع الموظف بالتزامه بمنظومة
القيم واخلاقيات المهنة في موقف معين يستدعي منه ذلك في حين أنه قد لا يلتزم بذلك في موقف آخر ، لذلك باتت المسألة تعالج في إطار شخصي وضمن
اجتهادات من البعض ، وأصبح الضمير الحي قل من يمتلكه في العمل المؤسسي ، لذلك ظهرت
الكثير من الاشكاليات عندما كان الموضوع ممعلقا على الفرد وضميره وقناعتهه بدون أن
يكون لموضوع تطبيق القيم سلوك مؤسسي وثقافة مؤسسية لها تشريعاتها وأنظمتها
ولوائحها وأخلاقياتها ونطاق عملها ، وبالتالي فإن الطموح تحقيق هذه المنظومة
القيمية يعود بنا إلى طرح العديد من التساؤلات ومن بينها: إلى أي مدى تعطى منظومة القيم مكانتها وموقعها
في منظومة العمل المؤسسي، وما الحجم الذي
تعطي له هذه المنظومة من المتابعة والتقييم والدراسة والرصد والتمحيص بل مدى
الاهتمام بها لجعلها مقياسا للمنافسة ومعيارا للتفاضل ومناخا لخلق التفاعل والإنتاجية
بين العاملين في المؤسسة وبين مديريات المؤسسة وإداراتها وأقسامها ، وإلى أي مدى يسهم الهيكل التنظيمي للمؤسسات في
تحقيق وترجمة اخلاقيات المؤسسة بل إلى أي مدى هناك اخلاقيات وقيم تؤكد عليها
المؤسسات كما تؤكد على رؤيتها ورسالتها واختصاصاتها، وبالتالي كان من المهم ان
يتعدى موضوع الاهتمام بالقيم كونه سلوك فردي إلى نطاق عمل مؤسسي ومنهج عمل يتضح في
كل هيكلية المؤسسة ونطاق عملها وفي اختصاصات الوظائف والوصف الوظيفي، وأن تكون
هناك في المؤسسة جهات محددة هدفها التأكد من سلوك المؤسسة والعاملين بها مسلك التعبير الفعلي عن منظومة القيم في كل المجالات
المؤسسية، وان تضع تلك المؤسسة الاليات والأدوات واطر العمل التي يمكن من خلالها
تعزيز القيم في نفوس العاملين وترسيخ منظومة الاخلاق في ذواتهم وممارساتهم
وتشبعهم بها من جهة ومن جهة أخرى مدى
التزام المؤسسة في منهجيتها وإطار عملها بمنظومة القيم وإلى أي مدى تعكس ممارسات المؤسسة وقراراتها
وتوجهاتها منظومة القيم.
وعلى
هذا وفي ضوء التجاوزات التي تحصل اليوم من قبل العديد من المؤسسات والشركات
الكبيرة والصغيرة من غش وتجاوزات قانونية وأخلاقية وترويج لأشياء مغلوطة وتزييف
للوقائع والحقائق بات الامر يستدعي اعطاء جانب القيم المؤسسية اهمية اكبر من خلال
تعميقها كسلوك في المؤسسة "الانسان والبنيان". وهنا ينبغي التأكيد على مجموعة من النقاط
التي يمكن من خلالها تعزيز منظومة القيم المؤسسية ونشر ثقافة العمل المؤسسي ومن
ذلك:
§
تأكيد
مبدأ الثواب والعقاب في العمل المؤسسي من خلال منظومة التقييم والمحاسبية في
الاداء وإيجاد ادوات واضحة ومعايير معززة للمبادرة ومؤكدة على اخلاقيات العمل
والالتزام المهني وفي الوقت نفسه تعمل على ايجاد آليات وأدوات محاسبية محددة ضمن
معايير يؤدي الالتزام بها الى تحقيق التعزيز او المساءلة على الموظف.
§
تعزيز
منظومة تقييم الاداء المؤسسي والفردي وذلك بتعديل اللوائح والأنظمة ذات العلاقة
بعمل الموارد البشرية وبما يرسخ لمفهوم الحوافز بناء على الاداء الجيد والتمايز
بناء على المهارة والسلوك المهني والوظيفي، وبالتالي ايجاد التشريعات واللوائح
التي تؤطر لمفهوم الاجادة في العمل المؤسسي وتضع القواعد والعقوبات لحالات التقصير
والاهمال الحاصلة من البعض.
§
ايجاد
المؤسسات المعنية بتأصيل القيم المؤسسية في العاملين من خلال برامج التوعية
والتوجيه والرعاية والتثقيف أو من خلال تلك الجهات المؤسسية المعنية بتطبيق النظام
وتأكيد قواعد الالتزام المؤسسي او تلك التي تعني بالسلوك الاداري والمخالفات
الادارية والمالية والقانونية .
§
تعزيز
ايجاد البرامج والمسابقات التنافسية في المؤسسات التي تكافئ على السلوك المجيد
وتخلق روح العمل المسؤول والتفاعل والتكامل في الاداء وبشكل خاص المشاركات التي
تتصف بسمة الشراكة وروح الفريق وتستهدف الصالح العام المؤسسي.
§
بناء
منظومة معايير الاداء الجيد في المؤسسات وترسيخ قيم العمل المهني المحترف في
السلوك المؤسسي وسد كل الذرائع التي تتيح فرص التقاعس والتواكل وتخلق نوع من
التسيب والاتكالية في العمل المؤسسي.
§
ضرورة
ان تكون قيم المؤسسة ظاهرة ومترجمة الى معايير ومؤشرات عمل وواضحة لدى جميع
العاملين بالمؤسسة على ان تتضح في الوقت نفسه ادوات التقييم والمتابعة والقياس
التي تتم في المؤسسة من قبل الجهات ذات العلاقة .
§
صناعة
القدوات في لمؤسسات وتعزيز النماذج المضيئة وإعطاء الصور المشرقة في الاحترافية
والمهنية في العمل اهتماما اكبر يؤدي الى ترسيخ مبدأ القدوة والمثال والنموذج في
العمل المؤسسي ويعطى الاخرين فرص المراجعة والتطوير واعادة صياغة الذات في اطار
منظومة قيمية تؤكد مبادئ العمل النوعي وبالتالي اعطائها فرص الترقية والمكافأة والثواب
والتعزيز الايجابي الذي يؤصل لديها ثقافة العمل المنتج.
وعود
على بدء فإن الحاجة اليوم الى تأصيل القيم في ثقافة العمل المؤسسي باتت من أولويات
المرحلة القادمة، فنحن بحاجة إلى تأصيل القيم في مجالات العمل المؤسسي المختلفة في
القرار المؤسسي، واللقاءات ولجان العمل، والشراكة مع الآخر، وفي التكامل والتنسيق
بين جميع الجهات المختصة بالمؤسسات، وفي الربط بين السياسات والخطط والبرامج، وفي مجال بناء الموارد البشرية، وفي إدارة
الاجتماعات ، وفي المخاطبات الرسمية، وفي مهام العمل وتطبيق اللوائح والأنظمة، ونظم
الخطاب الرسمي بين الجهات في المؤسسة الواحدة،
وفي عملية اختيار الكادر المؤسسي، وفي الترقيات والمكافآت، والبرامج
التدريبية وغيرها، غير أن تحقيق ذلك بلا شك يتطلب ضرورة أن تكون منظومة القيم في أولوية العمل
المؤسسي وأن تحظى بالمتابعة والتقييم والاهتمام
في ثقافة المؤسسة وبرامج عملها وخططها،
والأهم من ذلك أن تنال منظومة القيم أيضا نصيبها من المراجعة والتقييم
وإعادة النظر في جانبين مهمين يتعلق الأول بمستوى التطبيق والممارسة لها في السلوك
المؤسسي ، ومن ثم مدى وجود الآليات والأدوات التي تضمن قياس مستوى التأثير الذي
تحدثه على أداء الفرد وإنتاجيته والأداء المؤسسي بشكل عام ، وبالتالي ضمان الوصول
إلى صياغة جديدة أو تطوير القائم في ضوء نتائج التقييم والمتابعة والرصد،
وإلى لقاء آخر
تعليقات
إرسال تعليق