مهرجان مسقط ترسيخ مبدأ التواصل الحضاري عبر شراكة فاعلة وما المطلوب فعله؟ د. رجب بن علي العويسي


مهرجان مسقط:  ترسيخ مبدأ التواصل الحضاري عبر شراكة فاعلة
كيف يمكن فهم تجلياته على المستوى الشخصي والمؤسسي؟ وما المطلوب فعله؟
د. رجب بن علي العويسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مهرجان مسقط السياحي هو في حقيقة الأمر تظاهرة حضارية نوعية تحمل العديد من الدلالات وتظهر التنوع في الرصيد الفكري والثقافي والقيمي الذي يتمتع به الإنسان العماني وتسمو به الارض العمانية المباركة، ولقد كان وعلى فترات مختلفة منذ اعلانه يشهد مراجعات نوعية ومعالجات في كثير من برامجه وخططه وآليات عمله، وفي تقديرنا انه نجح بشكل جذري في إحداث نقلة نوعية في كثير من جوانب الحياة اليومية للانسان العماني وتعاطيه مع العديد من القضايا والأحداث والمصطلحات التي باتت تحمل بعدا عالميا،  وأظهرت الترجمات العملية لها مستويات من الوعي والحرص المسؤول في ايجاد مناخ عملي يسهم المهرجان في ايجاده وفي ترسيخه لدى كل فئات المجتمع، فبيئة المهرجان قبل أن تكون شيئا واقعيا وقبل ان تتوفر لها الموارد والمساهمات والمشاركات والدعم تتطلب ارضية فكرية ووجدانية وقناعات في تقبل هذا العمل من عدمه، وفي طبيعة النظرة إليه، والسلوك الذي يحمله من  أجل الوطن والإنسان، ولا شك فإن المؤشرات تشير فعلا إلى وجود هذه الأرضية وهي الوطن  المحب للسلام والأمن والاستقرار والتعايش والاستفادة من الآخر وتقبل الآخر والاعتراف به و الايمان بمفهوم العالمية وعدم التقوقع وهي في حقيقتها مبادئ وطنية رسختها تقاليد العمانين وصلاتهم مع مختلف دول العالم، وهي في الوقت نفسه تتطلب أرضية أخرى تكمن في الإنسان ومدى تعاطيه مع فعاليات المهرجان وبرامجه وخططه ومدى وعيه بالسلوك الايجابي والثقافة النوعية التي يجب ان يمتاز بها في العمل والتعامل والحوار والتفاعل والتواصل والتعاطي مع كل متطلبات بيئة نوعية تعزز من قيم التعايش والتسامح والتعارف والتعاون ، وترسيخ ثقافة الوعي قبل الاستهلاك وأدب الحوار والنقد والاعتراض في التعامل مع كل الفعاليات بروح تعلوها الحكمة ويكسوها خلق التعامل وطيب المقام وحسن الجانب،  هذه المعاني هي في حقيقة الأمر ما سيضيف إلى جمال المهرجان جمالا نوعيا أخاذا ويحقق تأثيرا إيجابيا ينعكس بعد ذلك على المخرجات النوعية التي يتوقع أن يخرج بها المهرجان وابسطها قدرته على ترسيخ القناعات الايجابية لدى القادمين من خارج السلطنة بالسلوك النوعي الذي يتخلق به الشاب العماني في كل تفاعلاته مع فعاليات المهرجان، وطيب خلقه ومستوى الوعي والحكمة في تحديده للهدف من زياراته ومتابعاته وتواصله مع فعاليات المهرجان،  وبمعنى آخر أن تتشكل لدى الشباب وغيرهم قناعات ايجابية حول زيارتهم للمهرجان تتعدى جانب المتعة والترويح والاثارة  التي تبرز من خلال الحراك الثقافي والفكري والاقتصادي والترويحي والعلمي ،  إلى جانب  السوك الحضاري في التعامل مع كل المواقف الحاصلة ، هذه الحقيقة هي ما يفترض أن نعيه جميعا من وجود المهرجان ، ومسؤولية خلق هذه البيئة لا يقتصر فقط على جهة معينة بالدولة بل هي مسؤولية مشتركة يقوم بها الصغير والكبير ، المرأة والرجل، والشباب والكبار، الموظف والمتسوق والمتابع، والناقل للحدث النوعي الحاصل في كل الأماكن التي سيقام بها المهرجان،  وبالتالي فإن خلق سلوك النظام والالتزام وبناء إطارا للثقة بين الجميع ، وتعزيز البرامج الحوارية الهادفة، وإيجاد الفئات الاعلامية المحترفة والمثقفة القادرة على توضيح الصورة ورسم الرؤية وتحليل الموضوع الحواري ، وايجاد الكفاءات الاعلامية المجيدة والحرص على نقل الخبر الصحفي النوعي وتحليله وابراز الجوانب الحضارية وتعميق مسائل وقضايا مبتكرة يمكن ان تشكل مائدة لحوارات ولقاءات تتفاعل مع احداث المهرجان وتعكس في المقابل مرحلة جديدة من تقييم المنجز واستطلاع الرأي في العديد من الموضوعات الاخرى الجانبية التي تقترب من موضوعات المهرجن بل والمحاور الوطنية والاقتصادية والحضارية  والعالمية التي يسعى لتحقيقها ، وهو ما ينبغي أن يحظى بالاهتمام والتركيز عليه ومن الأمور التي ننشد لها شخصيا اهتماما اكبر  ورؤية اعمق في التعامل معها وتعاطيها،  
إن بروز شعلة مهرجان مسقط منذ ما يقارب من عقدين من الزمان يحمل بلا شك العديد من المؤشرات التي ضمنت له الاستدامة والفاعلية ، ولعل تعاطيه مع الشارع العماني وملامسته لطبيعة الإنسان العماني، وارتباطه به في فكره وقناعاته ومبادئه واخلاقياته ، وفهم القائمين عليه بحقيقة وجود الهدف من وجود المهرجان هي محاور نعتقد بأنها مكنت المهرجان من ان يشق طريقه لغد مشرق ومستقبل باهر ،
إننا مع كل يد أرادت من هذا المهرجان أن يشكل نقطة تحول ايجابي في فكر الإنسان العماني ووعيه وثقافته والأخذ بيده وتعزيز مسؤولياته وحرصه على فهم حقيقة ما يحصل في بلده بل ومساهمته شخصيا في صنع الانجاز النوعي لبلده وتعريف الآخر بمقدرات وطنه، وبالتالي فإن مسؤولية التعليم في مناهجه المختلفة ومراحلة المتنوعه ومؤسسات التنشئة الاجتماعية والاعلام ومؤسسات التوعية والتثقيف ان تعمل معا من أجل توضيح الصورة الحقيقة للبناء الفكري والوجداني والخبراتي والثقافي والعلمي  الذي يمكن أن يبرز من خلال مهرجان مسقط، والمردود المتحقق منه، والحقائق الماثلة نحوه، بل على الجميع ان يحدد دوره ومسؤولياته الوطنية في تمكين هذه التظاهرة الوطنية من تحقيق اهدافها الايجابية في تعزيز وعي الانسان العماني وتأكيد تواصله بالآخر وتاصيل منظومة القيم الايمانية الايجابية لديه، وغرس حس المسؤولية لدى الناشئة والسلوك الحضاري والإنساني والايماني الذي ينبغي ان يصحب المهرجان وفعالياته وبرامجه، 
إن هذه المنطلقات السابقة ومستوى تحققها في الواقع  وتحقق الارادة المدركة لأهميتها هو ما يمهد لنا الطريق لسلوك افضل ومنجز أعمق ورؤية تحقق الطموح، فهل سنعي هذه الدروس وهل سنكون عند حسن المسؤولية من أجل عمان الوطن والإنسان ،،،
وإلى لقاء  آخر

تعليقات