ثقافة التحليل النوعي وبناء المؤشرات، متى سنعي أهميتها؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com


ثقافة التحليل النوعي وبناء المؤشرات، متى سنعي أهميتها؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
‏10‏/12‏/2013‏ 10:50:20 ص
في كثير من جوانب العمل التي نقوم بها في حياتنا الشخصية أو على مستوى العمل المؤسسي، نركز على جانب رصد الواقع أو سرده ، بدون وقفات تأمل أو تقييم للرصد ذاته، وماذا يمكن أن يقدم لنا في مستقبل عملنا، هل سيوفر لنا مؤشرات لعمل جديد، أم سيضعنا أمام مسؤولية أخرى ؟ في تقديري الشخصي نفتقد في كثير من جوانب عملنا إلى بعد التحليل وثقافة بناء مؤشرات من نتائج ما نقوم بعمله، وقد يكون العذر هو أن قيامنا بهذه المهمة يرتب علينا العديد من الأمور التي علينا العمل بها أو دراستها مستقبلا أو تكلفنا الكثير من الموارد ، أو أننا لا نمتلك فعلا  وضوحا لهذا المفهوم ووعيا بأهميته وإدراكا لما يمكن أن يقدمه من نتائجها على مستوى الأداء ، فثقافة التحليل تبنى وفق منهجيات وأسس وهي نتاج مقاييس أداء ومعايير مقننه ، لذلك يحصل في الواقع أننا لم نستطع أن نفعل شيئا أمام نوعية من  التقارير  التي تعتمد في صياغتها  على منهجيه التحليل وبناء مؤشرات للفعل المؤسسي، وما نصيبها إلا وضعها في الأرفف، أو الاقتصار على اقتباس جوانب الثناء التي تقدم لنا أو الوقوف عند بعض العبارات أو المفاهيم التي قد تتفق أو تختلف معنا، وتظل مشكله التحليل وثقافة بناء المؤشرات عائقا أمام قدرتنا كأفراد ومؤسسات على الخروج بنقاط عمليه وإجراءات تحسن من مستوى أداءنا أو تضع ممارساتنا في قائمة النقد ، ،
إن العمل بمنهجيه التحليل وبناء المؤشرات النوعية  هو ما نحتاجه فعلا ليس فقط على مستوى البنية الداخلية للمؤسسات بل أيضا في تعاطي الرسالة الاعلامية للمؤسسة مع الفعل المؤسسي وتقارير  العمل المنشورة التي لا تتعدى جانب  رصد الفعل بدون مبررات او استيضاح عن أولوية الفعل من غيره وأهميته وكونه ترف أم ضرورة ، لذلك نجد أن الكثير من القرارات التي تتخذ في أحيان عدة لا تعبر حقيقة عن طموح الفعل المؤسسي وقد لا تعكس الحالة التي تعيشها المؤسسة والمرحلة الحرجة التي تتطلب فعلا نوعيا يستكشف رأي الناس ونمط حديثهم ونوعيه الثقافة السائدة لديهم حول الفعل المؤسسي ذاته، إن ثقافة التحليل وبناء المؤشرات ركيزة أساسية في أي عمل مؤسسي ناجح، لأنه سيبنى عليه الفعل المؤسسي القادم في عمليات تخطيطه وتنظيمه وتطويره وتقييمه،  بيد أن ثقافة التحليل هذه  يجب أن تتحول إلى ثقافة عمل وليس لمجرد اجتهادات فرديه أو قناعات شخصية وأن يكون لها من التشريعات واللوائح والقوانين ما يؤصل عملها ويمكنها من بلوغها  غاياتها، مع ما يستدعيه ذلك من بناء الكفاءات المؤسسية الفاعلة والتي تمتلك مهارة التحليل  وثقافته، يساند ذلك برامج التدريب والتثقيف والتمكين التي تعزز من دور الكفاءات الوطنية المؤسسية في نقل المسألة إلى فعل مؤسسي.  وفي تقديري الشخصي بأن بناء منظومات مؤسسية لتقييم الأداء سوف يضع في أولوياته هذا العمل ، ولذلك نستطيع وفي ضوء تحول العمل التحليلي والمؤشرات من مجرد ثقافة إلى منهجيه مؤسسية نستطيع بلا شك تدارك الكثير من جوانب النقص وسوء الفهم وتعدد  الاستفسارات حول الحاجة لهذا الجهد المؤسسي ، لأنه سيدرس القضية من زوايا عدة ، وسيقدم للحل بدائل متعدده، ويضع المستهدفين من العمل أمام واقع جديد عليهم أن يتعاملوا معه بموضوعيه وأن يقرروا فيه بناء على استنتاجات واستطلاعات رأي ومرجعيات بحثية ودراسات ونماذج عمل،  وما قد يحصل من تفاجأ البعض بتناول المؤسسة لموضوع ما أو تطبيق مشروع أو أو برنامج معين، مع اطلاعه هو شخصيا على المنجز المؤسسي ، واستغرابه إنما هو نتاج ضعف الاخذ بمنهجية التحليل وبناء المؤشرات فيصطدم بأن هناك معطيات جديدة يولدها هذا العمل أو تتواجد معه وهو أمر  لم يحسب له حساب أو لنتائجه أي مؤشرات بعيدة المدى ، فيقف موقف المعارض للفعل مع انه مشارك فيه. كما أن العمل وفق منهجية التحليل وبناء المؤشرات لا ينبغي أن يقتصر فقط على الادارات او الجهات المؤسسية المعنية بالإحصائيات والأرقام بل يشمل كل الادارات المؤسسية ، وأن تكون ثقافة التحليل  في عمق أي توجه مهما صغر حجمه وعلى جميع المستويات الادارية ، مع ضرورة ان تتبع عمليات التحليل مراحل أخرى تتمكن المؤسسة من فعلها  ولتضع كل الجهود المؤسسية أمام عملية تحول قائمة على النقد والمراجعة والتقييم وبناء المؤشرات واستخدام كل الادوات التشخيصية المناسبة التي ستكون الداعم أمام المؤسسة ومسؤوليها في أي توجه اتخذته أو أي مشروع أقرته.
 

وإلى لقاء آخر

تعليقات