التعليم رابطة وطنية د. رجب بن علي العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com

التعليم رابطة وطنية
د. رجب بن علي العويسي
‏06‏/10‏/2013‏ 10:19:09 ص
كنا نتحدث عن أن التعليم هو بمثابة صمام الأمن الوطني ، وطريق الدولة في بناء ذاتها وتعزيز تطورها ، كونه يؤكد على الثقافة والفكر السليم  وفق منهجيات وأسس وأطر عمل محددة وآليات ودراسات يمكن من خلالها بناء جهود التنمية وتطويرها، وكونه الطريق السليم لبناء الشخصية الإنسانية الوطنية والعالمية الواعية المثقفة والمدركة لحدودها وحقوقها ومسؤولياتها وواجباتها،  وهو السبيل لبناء عقول الناشئة بالفكر الايجابي السليم والقناعات الراقية العليا التي تعزز من منطق الحوار وطريقة الوصول للحقوق وكيفية معالجة المشكلات  وبناء وجدان  الناشئة بما يغرسه فيها من مبادئ وقيم تعزز من منطق الولاء والانتماء والروح الوثابة نحو العمل الجاد والرقي في التعامل والمعاملة،  غير أن الأمر لم يقتصر عند هذا الحد فالمتغيرات الحاصلة والمعطيات الحالية  تثبت لنا أيضا أن التعليم رابطة وطنية، وطريق للوصول إلى وحدة الرأي وبلوغ الهدف ، والسمو في خدمة الوطن الدولة والقيادة والشعب،  وهو امر ليس وليد الصدفة بل أن التعليم في جوهره شراكة مجتمعية، تعتمد على رؤية المجتمع ونظرته للتعليم والمعلم  وقناعته بما يقدمه له في سبيل بناء فلذات أكباده،  بل وقناعته بأن ما يقدمه التعليم يعبر فعلا عن رؤية وطنية ويستجيب لتوقعات وطموحات أبناء الوطن،  هذا الأمر بلا شك  يضع المجتمع أمام المحك في أي توجه يسعى التعليم إليه، بل يطلب من المجتمع أن يهيأ المناخ المناسب لتعليم منتج ، وأن يهيئ لعناصره مناخ العمل التي تساعدهم على تحقيق أدوراهم والقيام بمسؤولياتهم على أكمل وجه، فوقوف المجتمع مع التعليم بكل عناصره، ومساندته في الوصول إلى مبتغاه، وتوظيف قدرات المجتمع ومهاراته من أجل المشاركة المعنوية والمادية النوعية في التعليم ، سيكون له أثره الإيجابي في سلم العمل الوطني ، والرقي بدور المؤسسة التعليمية،  وقد رصدنا في فترات سابقة مستوى التأثير الذي يحدثه الدعم المعنوي المقدم من ولي الأمر والمجتمع والأسر في سبيل نجاح التعليم وأداء المعلم،  ولأن التعليم عبارة عن تفاعل بين الفكر والوجدان والمشاعر والأحاسيس والمنطق والقلب ، يتفاعل بين الفكرة والمعلومة ومستوى الايقاع والتأثير الذي تحدثه في ذات الفرد، لذا كان مخولا لأن تكون له الصدارة والأولوية، لأنه يعني بالإنسان جوهره ومظهره وفكره وطموحه،  يعني بالإنسان باعتباره الهدف والغاية من وجوده ،  لذلك حرصت الدول التي تنظر إلى التعليم كاستثمار وبناء الإنسان كأولوية إلى الاهتمام به وشحذ الجهود من أجل تطويره وبناء منهجياته، ووقوفه على رؤية واضحة وإطار عمل مقنن وفلسفة عمل محددة ، و رسالة وهدف يعلم ما يراد من خلاله، وأين يمكن أن يصل بالإنسان، وما يمكن أن يترتب على تعلمه وتلقيه وفهم من تأثير في بناء مهارات الإنسان وكفاياته وفكره وسلوكه.
 هذا الأمر بلا شك يضع مؤسسات الوطن أمام مرحلة جديدة في التعامل الراقي مع قضايا التعليم والأسلوب الحكيم في مواجهة تحدياته، والمنطق الحسن في التعامل مع ما يرصده كل يوم من مستجدات، في إطار تغليب منطق الحوار المتوازن الهادف والبناء ، الذي يعترف بالآخر كشريك قوي في المسألة، وركيزة أساسية في العمل والتوجه، وإذا كنا نتحدث عن تحديات التعليم المتنوعة والمتسارعه، فإننا يجب أن لا ننسي كل المعطيات، وفي الوقت نفسه أن نضع للمجتمع دورا محوريا في عملية المراجعة والمعالجة وفق ثقافة راقية ومنهجية سامية عليا،  وبالتالي كان الأمر منذ بدايته يتطلب اعتماد هذه المنهجيات، فالاستكانة إلى ما تقرره الذات من آراء وأفكار ومنهجيات في إطار الفعل الفردي قد لا يكون الحل المثمر في مرحلة تنظر إلى التعليم على أنه رابطة وطنية عليا وخط أحمر لا يصح تجاوزه،  كل ذلك بهدف تعزز الرابطة الوطنية العليا وبلوغ الهدف السامي من أجل وطني عمان وقيادته الحكيمة مولانا جلالة السلطان المعظم، وبالتالي  يجب أن تنحو المسألة إلى الشراكة الفعلية التي  تظهر على شكل فعل عمل رسمي تحتضن فيه المؤسسات التشريعية والمالية والرقابية والأدائية والتنظيمية  الفعل المؤسسي والرؤية المؤسسية التي تتبناها المؤسسة التعليمية الواحدة بقصد الوقوف معها ومساندتها في أي توجه يحقق للتعليم والمعلم مكانته ويصل بها إلى مستوى الكفاءة  والمهنية والنوعية  في الأداء،  وإذا كان التعليم رابطة وطنية فيفترض أن تظهر على السطح  مستويات الرقي في التعامل مع الشأن التعليمي وبشكل أكبر في الأوقات أو الاحوال التي تطلب فيها المؤسسة التعليمية مثل هذا الاندماج والتكامل وتقاسم المسؤولية.   فإن قضية المعلم وامتناعه عن التدريس والتي برزت  إلى السطح منذ فترة واتسمت ببروز جانب التنظيم ووحدة التوجه فيها في ظل فكر منظم ومنهج عمل مقنن ، فإننا اليوم بحاجة إلى التفكير الوطني أيضا من خلال منهجيات واضحة واجراءات محددة وقرار وطني يتفاعل مع الموقف ضمن إطار معاصر ، في إطار رؤية أن التعليم كما ذكرنا صمام الأمان والمعلم هو ركيزته وكون التعليم رابطة وطنية، فلا ينبغي أن  يكون التفاعل مغايرا بشكل كبير عن تلكم المنهجيه التي ظهر فيها تعامل المعلمين مع الموضوع وتفاعلهم معه، بل ينبغي التفاعل أن يكون في إطار محاولة  الاستفادة من هذا التكامل والوحدة في بناء صرح الوطن الأمجد وإحداث نقلة نوعية في التعليم الوطني في سياساته وخططه وبرامجه كما وجه لذلك مولانا وسيدنا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه ، فالمراجعة تقتضي فعل وقرار ووضوح في المنهجيات وعمل مخطط وسلوك مؤسسي يثبت موقعه من هذه المراجعة وأين يريد أن يصل بما يتخذه من اجراءات وحرصه على  تحقيق هذا الأمر في إطار الوصول إلى المصلحة العيا، هذا لأمر ليس من الصعوبة بمكان تحقيقه وليس من الصعوبة أيضا جدولته في إطار زمني محدد بما يتفق مع السياسة العليا للدولة وما يؤكد عليه دستورها " النظام الأساسي للدولة" ، وبالتالي كان لا بد من أن يكون  لهذه الوحدة التعليمية رؤية أوسع تحتضنها وتؤكد عليها وتشرح إطار عملها المقبل مع كل الجهات، حتى لا يتحول الأمر إلى توجهات فكرية وسلوكية قد لا تخدم الصالح العام،  ولذلك أوكد ما أشرت إليه في مقالنا السابق من أهمية التحول  في موضوع المعلم من المعالجة في إطار المؤسسة إلى المعالجة  إطار الوطن بكل فئاته وبمشاركة كل المستهدفين فيه، وأن تتحول عملية المراجعة من أروقة مؤسسات التعليم إلى أروقة المؤسسات العليا في الدولة التشريعية والرقابية وغيرها،
  المسألة في نظري تتفاعل معها العديد من المنظومات المجتمعية،  وما قد تحدثه القرارات الوطنية العليا المتوقعه سوف يتجاوز  دائرة الاهتمام  الوطني إلى دائرة التأثير والإقناع التي ستولدها مثل هذه القرارات  بما ينعكس ايجابا على القناعة والرغبة الحقيقية من المعلم ويتعدى أثرها الإيجابي على أداء المؤسسة التعليمية برمتها وبعناصرها المختلفة، بل سيكون لذلك أثره الايجابي على الطالب في حصوله على تعليم جيد يأتي من المعلم في ظل اختيار ورغبة وشعور بالمسؤولية، وإحساس منه بأنه قدم له الكثير – ولكن ضمن تأصيل منظومة المساءلة  والمحاسبية وفق ضوابط ثقافة العمل المؤسسي ومنظومة تقييم الأداء -  أو بمعنى آخر منظومة الثواب والعقاب،  وسيكون لذلك أثره الايجابي على التحول النوعي المنشود من التعليم  في المرحلة المقبلة التي ينتظرها ولي الأمر والمعلم والطالب ومؤسسات القطاع الخاص وسوق العمل وبرامج التنمية من التعليم،  ولكن وفق منهجيات ورؤى وإطار عمل وطني يضع التعليم في إطار الأولوية وفي الوقت نفسه يرتب على التعليم مسؤوليته في - عدم قدرته على أحداث المتوقع منه- ، هذه الجزئية الأخيرة بلا شك لن تتحقق إلى  في ظل شراكة مجتمعية ووعي اجتماعي وإدراك للمسؤولية الوطنية والمراد من التعليم، بل لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل بناء ضمير ومراجعة ذاتية على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والمؤسسات الأخرى ماذا قدمت للتعليم والمعلم، وبماذا شاركت المؤسسة التعليمية في  تقاسم حجم وضخامة وتعقد التحديات التي تواجهها في ظل  المتغيرات التي تفرزها الحياة المعاصرة والفكر الإنساني .
إن كون التعليم رابطة وطنية  وشعورنا المتقد نحو رسالته ومشاركتنا في تبليغها وسعينا إلى تذليل كل الصعوبات وفهمنا  للخصوصية التعليمية وطبيعتها المهنية ، سوف يمنحنا الفرصة ويهيئ لنا الطريق لمنتج تعليمي نوعي يفخر به الوطن، ويضع الجميع أمام مسؤولية اخلاقية وإنسانية ووطنية حول دوره في التعليم من خلال أبنائه ومتابعته وحرصه على أن  يمارس التعليم دوره بكل قوة وأن يشارك التعليم  كل مراحل العمل الوطني ،   إن طريقة استيعاب التحديات ومنهجية العمل وخطاب المرحلة، والفعل المؤسسي والقرار الوطني ، والرؤية الوطنية العليا للتعليم هي السبيل للاستفادة من الأمر في سبيل تحقيق ترابط وطني وتكاتف مؤسسي من أجل عمان،  حفظ الله مولانا المعظم ...

وإلى لقاء آخر

تعليقات