الضمير أولا د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com


الضمير أولا
د. رجب بن علي العويسي
‏20‏/10‏/2013‏ 01:07:53 م
موضوع لطالما يشكل محور الحديث في التعاطي مع اي مرحلة في مراحل العمل الإنساني ، وفي ظل مرحلة تحمل العديد من المعطيات على  الواقع  الاجتماعي  يصبح البحث في هذه القضية أولوية يحتمها واقع العمل والسلوك الناتج عن ممارسات قد لا تعكس المأمول بل لا تعكس واقع الفعل المؤسسي وتجلياته القادمة في البناء الوطني ، موضوع تحدثنا عنه في فترة سابقة ونعاود الحديث عنه مرات ومرات في ضوء حقائق تكشف لنا كل يوم دلالات تؤكد أننا بحاجة إلى  بناء الضمير الإنساني الواعي والمدرك لمسؤولياته في حياتنا، وفي الوقت نفسه تحدثنا تلك الحقائق عن الأثر السلبي الذي ينتج عن ضعف الضمير وأثر غيابه، وتساؤلات تطرح أيهما ينبغي أن تكون له الصدارة في الاهتمام والأولوية في التربية والإعداد،  وأيهما ينبغي أن تعمل مؤسسات التربية والتنشئة والتثقيف في وضع مبادئ واضحة له ومناهج عمل لتأصيله، هل القانون والوعي به أم الضمير وما يمتلكه من حس ووعي وثقافة والتزام ومبادئ وأخلاقيات، في كل مجالات حياتنا نحتاج إلى جانب الضبط والربط ، فالضبط وما يمثله من تشريع ولوائح وأنظمة وأطر عمل ومنهجيات ومعايير أداء، والربط وما يمثله من استقامة في السلوك وثقة في أداء الأمانه والإخلاص في أداء الواجب،  فعملية التكامل بينهما هي الطريق السليم لبلوغ أي أمة شأنها ووصول أي مجتمع إلى تحقيق غاياته،  ومع ذلك فإن واقع الممارسة الإنسانية يشير إلى ضرورة تغليب جانب الضمير إذ أن قوة الضمير ونمو الوازع الأخلاقي والقيمي  هي ما يحتاجه أي قانون أو تشريع  بل هو ما يحتاجه أي عمل بشري ، وهو يمثل القلب الذي إن صلح صلحت بقية الأعضاء وإن فسد فسدت بقيه الأعضاء، وهكذا أيضا الضمير ، إذ باستقامته يطبق القانون وينفذ ويترجم في واقع العمل في اطاره الصحيح ، كما وتتلقاه النفس عن قناعة وشعور بأهميته وأثره الإيجابي في تعزيز السلوك المتزن وخلق البيئة المناسبة لبلوغه، وعندما يفتقد أي عمل إنساني مهما كان نوعه لجانب الضمير ويغيب عنه قيمه الفقه به والشعور بأهميته فإن تأثيرة سيظهر في طريقة تعامل الفرد مع أي عمل مهما كان نوعه وأولويته ومهما كانت الحاجة إليه في المجتمع، 
إن العمل من أجل الوطن  وتحقيق غاياته والسمو به في مجالات الاقتصاد والطب والهندسة والمهنة والوظيفة والتعليم وغيرها يتطلب بلا شك  تكامل هذين الجانبين كموجات أساسية ومنطلقات رئيسية ، قد لا يحصل الإنسان على حقوقه في أحيان عدة لأسباب ومسببات قد  لا تكون مقنعه وقد يكون بعضها كذلك ، قد يدركها البعض وقد تتقاعس المؤسسات في ايصالها، و لكن يبقى الضمير هو صاحب الكلمة وموجه العمل هل عدم حصولي على الحق يعني عدم قيامي بالواجب، وهل تماطل البعض عن إيصال الحق لأهله دعوة للأخر في أن يتكاسل عن القيام بمهمته ومسؤوليته، فالمسؤولية في ظل الضمير الحي  تضع جانب المصلحة الإنسانية العليا فوق كل اعتبار ، وتنظر لعدم تفاعل البعض مع حصول الآخر على حقه على أنه سلوك فردي وممارسة لا يمكن في ضوئها  سلوك طريق  مشابه لذلك، طريق قد لا يحقق للأمة القوة ولا يوصل للإنسانية حقوقها الأخرى، نحن إذا أمام واقع جديد تظهر فيه حكمة الضمير في التغلب على كل نوازع النفس ومتطلبات الحياة ، حتى وإن لم يكن القانون منصفا أو محايدا أو قادرا على احتواء الموقف والثقة في القائمين على بلوغ حقوقهم ، إننا بحاجة إلى الضمير الذي ينصف الحق ويسعى لبلوغ الافضل والاسمى ويرجى منه تحقيق بناء الوطن والإنسان،مهما اتفق معه القانون  او اختلف ، وافقه أم لم يوافقه، قد ينصفنا القانون وقد يكون معنا في أمور كثير  ونكون على حق فيما نقوم بها، ولكن يبقى الضمير الحي هو الحكم في القضية هل سنستمر  في توجهنا وفي سلوكنا،أم سننظر للموضوع من زاوية اخرى وندرس الأمر ونتعاطى معه في إطاره الإنساني الذي له حق العيش والتعليم والتعلم  والصحة والغذاء .
نحن إذا بحاجة أولا إلى ثقافة الضمير الحي المحب والصادق المخلص من أجل الوطن والانسان، ذلكم الضمير الأمين على كل شيء وفي كل شيء ، ذلكم الضمير الذي يدرك حق الله وحق العباد وحق الوطن وحق الإنسانية، ذلكم الضمير المسؤول الذي تتعدى حدود أحاسيسه ومشاعره واهتماماته ما يراه الناس أو ما يقولونه أو ما قد يسخرون منه ويستهزئون بأهدافه ، لأنه يملك سمعا أقوى  ورؤية أبعد قد لا يدركها أولئك الذين ينظرون للمسألة في إطارها الضيق وفي ممارساتها الشكلية ، لأنه يعمل في إطار الحرص والوعي على أن ما يصدر منه من قول أو فعل مرتبط بحقيقة مبدأ " لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"،  نحن بحاجة اليوم إلى مرحلة جديدة في البناء الإنساني ، مرحلة بناء الضمير والثقة في الآخر وحقه  في بلوغ هدفه ...

وإلى لقاء آخر

تعليقات