عندما يكون المعلم في أولويات الاهتمام ماذا يمكن أن يتحقق للتعليم؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com

عندما يكون المعلم في أولويات الاهتمام ، ماذا يمكن أن يتحقق للتعليم؟
(رؤية الشراكة  وتقاسم المسؤوليات، كيف نبلغ الهدف؟)
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
‏08‏/09‏/2013‏ 10:14:43 ص
      التعليم ومهنة المعلم بلا شك تكتنفها الكثير من التحديات ويتطلب صاحبها أن تتوفر لديه الكثير من الصفات والخصال ، ومع القناعة بأن دور المعلم جد خطير وموقعه في المجتمع ينبغي أن يكون موازيا لهذه الرسالة التي يقوم بها والمنهج الذي يعمل على تعليمه وابلاغه ناشئة الأمة، إلا أننا ندرك بأن مسألة وصولنا إلى بلوغ المأمول منه يستدعي المزيد من الشراكة وتقاسم المسؤوليات نحو العمل والجهد والتخطيط ورسم الرؤى الواقعية القريبة من واقع العمل والتي تلامس شعور المعلم الإنسان وقلبه وفكره،  وها هو قد بدأ العام الدراسي الجديد لعام 2013/ 2014 وقد كتبنا فيه ما كتبنا، ومع ذلك كان لنا أن نؤكد دائما وأبدا أن المسؤولية التعليمية مشتركة وأن الحمل ينبغي الجميع أن يتقاسمه بروح الشراكة والمحبة والخير للأخر الذي هو الوطن الدولة والإنسان والتنمية،  ولا يصح لأحد أن يتملص عن هذا الدور بحجه أنه خارج السرب وأن هناك مؤسسة عليها حمل المتابعة والدعم والمساندة والتثقيف والتحفيز والتأليف وووو ، فهذا أمر غير مقبول في ظل الشراكة من أجل الوطن، ويصبح التعليم هاجس الجميع ليس لأن يقدم خدمة تعليمية جيدة لأبناء الوطن، بل أيضا في الدافع الذي يمكن أن يسهم في مساندة القائمين على التعليم لبذل أقصى جهد في سبيل تحقيق الرسالة ، فيصبح الدعم القانوني والتشريعي والمالي والخبراتي والتدريبي والمهني والمادي والتسهيلات وغيرها من بين الأمور المساندة ، وهي التي يمكن في ضوءها تحقيق المعايير الدولية في المعلم والمطلوب أن يمتلكه أو أن يتوفر فيه ليصل إلى تحقيق دوره وبلوغ مسؤولياته،  إننا نؤكد على أن التعليم ليس من مسؤولية وزارة التربية والتعليم وحدها، وأن حوافز المعلمين وامتيازات الكادر التدريسي ينبغي أن تتحمله المنظومة المجتمعية بأكملها، إلا أننا نتفاءل في الأقلام الهادفة التي تسعى لتصحيح المسار وتعزيز التوجه لصالح البناء النوعي للإنسان العماني لعل أقلامهم تصل إلى من يعنيهم شأن بناء الإنسان،  فهذا أمر لا مناص من تحقيقه ، ولا جدال في ضرورة اعتراف الجميع بأولويته لنصل إلى تعليم ذي جوده، وإذا كانت التقارير الدوليه تجمع على أن أي تعليم لا يمكن أن يتقدم على نوعية المعلمين ومهاراتهم واستعداداتهم ومستوى الدافعية لديهم في انجاز المأمول منهم... فإن المطلوب هو مزيد من العمل نحو المعلم والرقي بدوره والاعتراف بمسؤولياته ووضع أدوات العمل ومعايير الأداء التي تضمن تأصيل ثقافة التمهين والانتماء والمسؤولية والضمير  والوعي والوازع لدى المعلم ذاته ، وهنا وددت التركيز على أمرين مهمين في بلوغ جزء من الهدف والوصول إلى تحقيق الغايات النوعية المرجوة في التعليم ، ومن ذلك الآتي:
أولا: تعزيز القناعات الايجابية وتطوير مستوى الوعي الذاتي للمعلم الضمان الأمثل لتحقيق أهداف التطوير التعليمي:
إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الفترة من بدء العام الدراسي هو:  كيف يمكن للمعلم أن يجعل من فترة الاسترخاء أو الأجازة الصيفية منطلقا لمرحلة جديدة في العمل المهني التربوي سمتها الحيوية والنشاط والاجتهاد؟ وكيف يمكن للمعلم أن يجعل من عملية التدريس مصدرا لتجديد طاقاته وإشباع ذواته ومعبرا لحياة مهنية ملؤها التفاؤل والحماس والجدية والعمل والنشاط، تؤمن بالمبادرة والابتكار، يستثمر فيها المعلم طاقاته لأجل تحقيق المزيد من الأهداف عن طريق تنمية القدرات وتطوير المواقف والاتجاهات؟  ، ففي تقديري فإن تعزيز  دافعية المعلم وتفعيل طاقات الوعي والمعرفة لديه هما الضمان الأمثل لتحقيق الغاية والوصول للهدف، إذ يتوقع أن يؤدي وعي المعلم وقناعته بالمهنة دورا كبيرا في تجديد طاقاته وتغيير أنماط حياته المهنية، وترسيخ مفهوم التدريس الأصيل على أساس من الرضا والتفاؤل، إن تفعيل طاقات الوعي لدى المعلم  يتطلب تعزيز الاتجاهات الإيجابية التفاؤلية. التي ينبغي أن تأتي أولا من إرادة المعلم الإنسان وقناعاته الصادقة مع نفسها ، وفي الوقت نفسه تعززها الجهود والتوجهات والقرارات والتعليميات والممارسات التي تقوم بها المؤسسة التعليميىة في سبيل ضمان وصول المعلم إلى تحقق هذه الطاقة لديه واستمراره على العمل بها وضمان عدم تخليه عن تلكم الارادة والطموح الذي يرغب أن يراه في الأجيال القادمة، فمثل تلك البنية التفاؤلية والنظرة الإيجابية يفترض أن تولد لدى المعلم قوة مساعدة تكسبه مزيدا من الثقة في قدراته وتنمي لديه الاستعداد لمزيد من الإنتاج والعطاء، وبالتالي يكون اتجاهه متوافقا مع ما يفكر ويشعر ويترجم سلوكه، يسعى من خلاله إلى جعل التدريس مصدرا لتجديد طاقاته وتنمية معارفه، فيصبح التدريس في نظره أداة لتطوير شخصيته نحو الأفضل، ومصدر لتطوير إبداعاته، وفرصة لممارسة دور التربوي. فهو بذلك يعمل على عدم السماح للصورة السلبية بأن تنطبع في فكره وشخصيته،
 وفي تقديري فإن القناعات السلبية التي يحملها بعض البعض نحو مهنة التدريس، لا يقتصر تأثيرها على المعلم فحسب بل على جيل وأجيال الوطن بأكملها وتترتب عليها الكثير من التبعات على الفرد والأسرة والمجتمع حول مفهوم التعليم والتعلم والغاية منه، والموقف من القائمين على عملية التعليم والبناء الفكري لأبناء الوطن، إن تأثيره ليس وقتيا ينتهي بفترة زمنية معينه بل مراحل مستمرة تتواكب مع كل مراحل التطوير المجتمعي والموقف المضاد الذي تولده تلكم الأفكار التي تبث أو الممارسات التي تسلك من البعض ، حتى يصبح الفرد  صريعا لميزان الربح والخسارة المادية، والحوافز والعوائق، يقابل بينها، دون نظر إلى رسالة التعليم وأهدافها السامية، فقد لا يحفل بها ولا تقع في دائرة همومه واهتمامه. وهو أمر ينبغي معالجته في إطار وطني ، وقد أشرت لذلك في مقال حول القناعات المهنية التحدي القادم في التعليم والوظيفة العامة"،
 إن تغيير هذه القناعات السلبية لا يتم إلا من خلال الإرادة الصادقة القوية والعزيمة الوقادة للمعلم كما اسلفنا وتعززها تلكم الجهود النوعية التي تظهر من المؤسسة التعليمية وتبادر بها مؤسسات الدولة في شأن الارتقاء بالمعلم وتطوير التعليم، ويوم أن يدرك المعلم ما لهذه القناعة من أهمية وفائدة فإنه سوف تنقشع أمامه كل الحواجز وتهين أمامه كل الصعاب فيتغلب الضمير والعقل والفكر والقناعة على كل ما سواها، فلا الربح الذي يجنيه المعلم هو المقياس، ولا الحوافز المادية هي الهدف. هذا الأمر بلا شك يحتاج إلى ما يكافئة في الجانب الآخر ، والذي يظهر في ذالك الانسجام النوعي والشعور المؤسسي بهذا الدور والحرص على أن يكون ذلك الطموح الفردي إنما هو طموحا مؤسسيا يكثر الحديث فيه في أروقة المؤسسة التعليمية وبين مسؤوليها وفي لقاءات واجتماعات القائمين عليها، هدفها الأساسي مساعدة المعلم في بلوغ ما نطمح إليه بكل سهولة ويسهر وبدون تكليف أو تكلف وبلا ضرر أو ضرار،
ثانيا: تعزيز الحوار التربوي مع المعلم والقناعة بدوره والتطوير المهني المستمر لأدائه وممارساته منطلقات وفرص داعمه للتغيير النوعي المنشود:
وهنا يأتي دور المؤسسة التعليمية في تعزيز دور المعلم وتهيئة المناخ المناسب لعمله وتعزيز الثقافة الايجابية بالمدارس وتعزيز صناعة القدوات من الهيئة التدريسية بالمدارس وتمكينها وتوطين العناصر المتميزة ودعمها ومساندتها. وتأتي توجيهات المؤسسة التعليمية ودعوتها للمعلم نحو التجديد والتطوير والمراجعة والتقييم والاستعداد النفسي والبدني لتحمل هذه المسؤولية أحد  الروافد والمعززات التي يستنير بها المعلم والتي تحدد ملامح ومتطلبات الدور الذي يقوم به، إن الدعوات التي وجهتها المؤسسة التعليمية والقائمين عليها في المحافل المحلية والإقليمية والدولية والتي ترنو إلى الاهتمام بالمعلم  وتطوير أدائه والارتقاء بثقافته وفكره  ينبغي أن تشكل واقعا ملموسا ينعكس على الممارسات الحاصلة نحو المعلم  ومستوى تسهيل الاجراءات التي تؤصل لديه القناعة باهتمام مؤسسته به وحرصها على حمايته والمحافظة عليه واحتوائه واحتضان مبادراته وأفكاره ودعمه، وفي تقديري فإن سعي المؤسسة التعليمية  لتحقيق بعض الطموح للمعلم العماني  دليل على الرغبة الأكيدة للتركيز على المعلم في كل جوانبه ومجالات عمله، وهي ليست دعوة محدودة بوقت معين أو لمدة عام دراسي واحد. بل هي عملية مستمرة ينبغي أن تستخدم فيها أساليب تربوية متنوعة يتوقع مساهمتها في إيجاد المناخ المناسب لعمل المعلم وتعزيز دوره وممارسة ابتكاراته وتطبيق مبادراته،
من هنا كانت المسألة التعليمية وستظل  تشاركيه بين الجميع فللمعلم دور ومسؤولية المؤسسة التعليمية  كبيرة في هذا الجانب ومؤسسات الدولة  بدون استثناء ينبغي أن تسهم بكل ما من شأنه الوصول إلى تحقيق الطموح التربوي للمعلم ولولي الأمر وللمؤسسة التعليمية، آملا أن يكون هذا العام الدراسي بمثابة تقييم لما انجز في السنتين الماضيتين أي منذ التوجيهات السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه  عام 2011م بتقييم شامل للمسيرة التعليمية ، وأن تتسم الفترة القادمة بمزيد من الوضوح والشفافية حول ما يمكن أن ينجز في هذه الفترة  وما أنجز فعلا وما يحتاج إلى فترات أخرى لإنجازه ، ليتحقق الانسجام بين السياسات والممارسات وتتعزز ثقة المعلم في مؤسسته التعليمية ونظامه التربوي.

وإلى لقاء آخر 

تعليقات