الثقافة المضادة ... جوهر التغيير النوعي؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com


الثقافة المضادة ... جوهر التغيير النوعي؟
د. رجب بن علي بن عبيد  العويسي
‏19‏/09‏/2013‏ 11:58:23 ص
طرحنا لهذا الموضوع يأتي في إطار ما تشهده المرحة الجديدة في الحالة العمانية بعد عام 2011م من تحول نوعي في منظومات اداء المؤسسات ، والتي شكت فرصة لبروز الكثير من الكتابات والأقلام التي تؤكد على الاستفادة من الفرصة الحوارية التواصلية التفاعلية التي انتهجتها الدولة في سبيل بناء رؤية مشتركة للعمل المؤسسي وصياغة جديدة لمعطيات المرحة القادمة ورغبة الشباب التجديدية التطويرية  وهي مرحلة تم التعاطي مع كل ارهاصاتها بفكر مستنير ورؤية معمقة وتوجه صائب وخطوات عملية راقية عززتها الكثير من الأجندة الوطنية التي اتخذت في هذا الشأن، وهي بلا ساهمت في  تعزيز  مفهوم الشراكة والتواصل المؤسسي ورسخت من مفهوم الثقافة المؤسسية الواعية التي تستفيد من الآخر وتضع فيه ثقتها فيما يطرحه من أفكار ومن يناقشه من قضايا ، وهو أمر سيكون له أثره الايجابي على ما تتخذه المؤسسات من توجهات أو أفكار على المدى البعيد ، فالاستفادة من الآراء المتعددة والنظر في الرأي الآخر  والاعتراف به هي في حد ذاتها فرصة لانطلاقة أفضل وتفاعل أقوى وشراكة أدوم، وهي خطوات نوعية  تمهد لمرحلة بناء الثقة في العمل المؤسسي وما تقدمه المؤسسات من انجاز وما تتخذه من قرارات أو توجهات في سبيل تحقيق دورها أو الوفاء بالتزاماتها،  هذا التفاعل والحوار المنشود يفترض أن يتم في إطار فعل مؤسسي وإرادة مؤسسية وثقافة عمل مؤسسي مستدام لا ينبغي أن يرتبط بفترة زمنية محددة ولا ينبغي النظر إليه في إطار وقتي أو كمتطلب شخصي، كما لا ينبغي أن يتوقف في أي ظرف من الظروف، ولا ينبغي أن ينظر إليه كمؤشر وقتي لوجود شخص بعينه في هرم أي مؤسسة، بل ينبغي أن تتيح المؤسسات لنموه الظروف المناسبة وتوفر له المنابر الحوارية وتعززه بالتشريعات واللوائح التي تؤصل نماذج واقعية من الحوار المؤسسي البناء وتخلق التفاعل المنشود، 
ولذلك كان من المهم أن يعمل التحول على إبراز هذا الجانب في عمل المؤسسات ويعمل على تأصيله في ثقافة القائمين عليها من  قيادات وإدارات وموظفين والمستهدفين والمستفيدين منها، ليضع الجميع أمام واقع جديد يجب على الجميع أن يقتنع به بكل اريحيه وبثقة في نتائجه الإيجابية ، وتصبح الثقافة المضادة بمثابة جوهر التغيير ومنطلق للتطوير وسبيل بلوغ الرؤية المؤسسية، بل هو الطريق الذي يجب أن يسلك من أجل عمل وطني مشترك، وجهد مؤسسي ملموس، وتحول نوعي حقيقي يبتعد عن المزايدات وتطييب الخاطر أو يقتصر على المزاجيات في تطبيق التوجه،  هذا التحول  بلا شك أثمر عن الكثير ويتوقع منه أن يقدم الأكثر في الفترات القادمة ، ليس فقط في زيادة عدد المنابر الحوارية وتعددها وسرعة الرد على التساؤلات أو امكانية اللقاء بالمسؤول أو سهولة الاجراءات بل أيضا في قضية التعامل مع أي نقد يسعى للأفضل وتقبل أي فكر ما دام يقدم للمؤسسة في إطار من الموضوعية والمنهجية والمصداقية البحثية، هذه الثقافة المضادة باتت اليوم ظاهرة على السطح بشكل كبير ليس لأنها تعني مع أو ضد في إطار منطق شخصي أو رؤية سطحية ، بل لأنها تعني حياديه في الطرح بناء على حقائق ومؤشرات ونتائج فعل مؤسسي وممارسة مؤسسية وتقارير اداء واستطلاعات رأي ونتائج حوارات ولقاءات وإحصائيات وتقارير منظمات دوليه،   ظهرت بشكل أكبر في ظل ما أتيح من مساحات الحوار مع الآخر ، وبرز ت بشكل أكبر في تلك الكتابات والأقلام التي كانت تنتمي للمؤسسات في فترة سابقة ثم قدر لها أن تجد لنفسها الفرص في تحقيق الأفضل في مواضع ومواقف أخرى أو قدر لها أن تتعامل مع مستهدفين آخرين، لتظل كتاباتهم وأقلامهم تعبير عن رؤية صادقة نحو بلوغ الهدف وحس وطني نحو المشاركة في البناء، و هنا يأتي دور التحول النوعي المنشود في طريقة تعاطيه مع موجهات التطوير وخطابات التجديد ومرئيات من كانوا في يوم ما رموز عطاء في مواقع عملهم، وحرص المؤسسات على الاستفادة من الثقافة المضادة لدى هؤلاء -  أي أقلام الكتاب والباحثين والمهتمين بالشأن المؤسسي-  والتي تعمل على نقد الفعل المؤسسي وتحليله ودراسته في إطار منهجية واضحة وعقلية متفتحة ، بحيث تعمل  المؤسسات على الاستفادة منها و استقطاب مثل هؤلاء الكتاب والكتابات وتوضيح وجهة النظر  المؤسسية ودعم جهودهم بالاستفادة منهم في تسليط الضوء على بعض القضايا المؤسسية لمزيد من الوعي والتثقيف الاجتماعي وتعريف الرأي العام،  وليس أن تتخذ المؤسسات والقائمين عليها مواقف شخصية مغايرة  ترسخ لنزعة  عدم الثقة وسوء الظن في الآخر. فهل ستكون الثقافة المضادة جوهر التغيير النوعي المنشود أم ستغلق عنها كل الآذان لتغرد في سرب الأوراق وصفحات الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ليس إلا .

وإلى لقاء آخر

تعليقات