البناء الفكري لناشئة الوطن، كيف يحققه التعليم؟, الدكتور/ رجب بن علي بن عبيد العويسي,

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com


البناء الفكري لناشئة الوطن، كيف يحققه التعليم؟
وكيف يمكن أن يستفيد التعليم من أدواته في ترسيخ ثقافة الوعي  والمسؤولية لدى الناشئة؟
د. رجب بن علي بن عبيد  العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
‏20‏/08‏/2013‏ 01:15:38 ص
مدير مكتب متابعة وتقييم الأداء – وزارة التربية والتعليم
        يعد موضوع البناء الفكري للطالب ومسؤولية التربية والتعليم في التنشئة الفكرية السليمة ، والدور الذي يتوقع أن تسلكه مؤسسات التعليم ممثلة في جهود العاملين بها من هيئات إدارية وتدريسية  في ظل مسوغات واضحة أظهرتها متابعات  السلوك الطلابي في المدارس أحد أبرز الجوانب المهمة في دور التعليم في صياغة الشخصية الإنسانية القادرة على التكيف مع ذاتها والمتفاعلة مع عالمها، وهو يشكل اليوم أحد أولويات العمل المؤسسي الوطني التي ينبغي أن تؤطر معالمها في فلسفة عمل المؤسسة التعليمية وتشريعاتها وأن تكون نافذة في رسالة التعليم، وهو ما يعني بدوره الحاجة إلى قراءة واعية لموقع القيم والأخلاق  والسلوك في منظومة التعليم والنسبة التي يعمل التعليم على تأصيلها من خلال برامجه وخططه وسياساته في سبيل البناء الفكري النوعي من خلال  مناهجه وبرامجه وسياساته ورؤيته الوطنية وفهمه لمستوى الترابط المفترض تحقيقه بين الإنسان والتعليم والتنمية ، ناهيك عما يستدعيه الأمر من مراجعات متكررة تأخذ بعين الاعتبار كل المتغيرات المجتمعية والعالمية وتأخذ في اهتماماتها درجات التفكير ومستويات الوعي وجوانب الاهتمام التي يركز عليها ناشئة اليوم، ورؤيتهم نحو عالمهم القادم ودورهم المحوري في ضبط تلك التفاعلات والتأثيرات المتوقعه على فكر الناشئة وسلوكهم،  وإعادة نظر في العديد من الآليات المتبعة، والإجراءات المتخذة، والتركيز بشكل اكبر على بناء إطار منهجي واضح  في إطار خطة محددة لتعزيز الفكر الإنساني الايجابي النوعي وغرس الفكر الصحيح  ، فتعزيز البناء الفكري للطالب وترسيخ القناعات الايجابية لديه، وتعويده على الكريم من الخصال والقويم من الفعال، وتعزيز قدرته على النقد البناء وحسن المواجهة بالحجة والبرهان والدليل ، وتمكينه من البحث عن الدليل والشواهد تعتبر في حد ذاتها موجهات لبناء الفكر الايجابي وتاصيل قيمته وأهميته وفلسفته في سلوك الناشئة وفي طريقة تعاطيها مع مجريات الحياة ومواقفها المتباينه، وبالتالي فإن الحديث عن موضوع البناء الفكري للناشئة ، ينطلق في جوهره من محاولة فهم إلى أي مدى تراعي التجديدات التربوية التي شهدتها المنظومة التعليمية بالسلطنة تحقيق البناء الفكري في المدارس القائم على ترسيخ الثقافة الايجابية المنتجه القائمة على الثقة في الذات وما يقدمه الوطن للناشئة والمؤصل لثقافة المسؤولية الشخصية نحو تفعيل الدور وتحقيق الجودة في السلوك  والاتقان في الممارسة، فعلى الرغم من أن الموضوع لم تغفله وزارة التربية والتعليم  في مراحل العمل السابقة  إلا أن المتابعات الحاصلة والمشاهدات للواقع تفرض أهمية تبني رؤية جديدة في تأكيد دور رسالة التعليم في البناء الفكري وتؤكد في الوقت نفسه الحاجة إلى مراجعة تعززها الشواهد وتبنيها أدلة الممارسة ، أي بمعنى تقييم شامل لكل الجهود  والمبادرات وخطط العمل التي لها علاقة بمجال التثقيف والتوجيه والرقابة والمتابعة وطريقة غرس مفهوم الوعي الاجتماعي لدى الناشئة وقدرة التعليم على دفع الناشئة نحو تبني منهجيات السلوك الايجابي من خلال القناعة والاقتناع وصدق الرغبة والحرص على تبني هذا المفهوم في إطار من الاختيار الواعي، هذا المنطلق من شأنه أن يأخذ في الاعتبار أيضا الجهود التي بذلتها الوزارة في تعزيز تربية المواطنة وتطوير مادة الدراسات الاجتماعية فعلى سبيل المثال فإن استحداث كتاب هذا وطني في الصف الحادي عشر من التعليم ما بعد الأساسي والعالم من حولي في الصف الثاني عشر وكتيبات شخصيتي الايجابية في الحلقة الثاني من التعليم الأساسي وما تحدثه مسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسية من تعزير للسلوك الايجابي وتقدير منجزات الوطن وتعزيز البعد الدولي في التعليم المدرسي من خلال برنامج التنمية المعرفية والمشاركة في المسابقات الدولية لقياس التحصيل في مواد العلوم والرياضيات  ومسابقة التفوق الكشفي والإرشادي،  أي اثر التطوير الحاصل في عناصر المنظومة التعليمية وأدائها، وتطوير البرامج التعزيزية النوعية التي جاءت متفقة ومواكبة مع متطلبات التطوير التربوي وترجمة نوعية للسياسات التعليمية... إلخ؛ إذ أن التجديدات التربوية الأخيرة اشتملت على جوانب يمكن أن تمثل أساساً جيداً لتوفير البناء الفكري السليم في بيئة التعليم والتعلم وشعور المتعلم بقدرة التعليم على تلبية احتياجاته وتحقيق طموحاته ، وتمكينه من بناء إطار فكري يمارس في ضوئه مسؤولياته في إدارة المعرفة وبناء منهجية محدده يتعامل فيها مع كل المتغيرات والمؤثرات الفكرية التي يتعرض لها المتعلم في واقعه الحياتي اليومي؛ غير أن وعي عناصر المنظومة التعليمية على مختلف مستوياتها يحتاج إلى مزيد من التركيز على وضوح المسؤوليات وآليات العمل وتمكين هذه العناصر من ممارسة دورها في هذا الجانب،  بما من شأنه أن يفرض على الواقع التربوي ضرورة إيجاد خطة واضحة وصريحة لمفهوم البناء الفكري وتحديات الفكر السلبي على أبناءنا الطلبة والطالبات.
وعليه يمكن قراءة  ملامح وأبعاد البناء الفكري داخل البيئة التعليمية من خلال مجموعة  من المنطلقات التي تتناول العمليات الداخلية التي تستهدف الطالب داخل المدرسة مثل: أساليب التدريس ، وتوجيهات المعلمين والمعلمات، والأبعاد الاجتماعية في المدرسة ،وثقافة التعليم والتعلم، وأسلوب الإدارة،  الخ، وبالتالي معرفة الحدود التي يمكن من خلالها أن تؤدي المدرسة دورها في تحقيق أو عدم تحقيق البناء الفكري للطلاب كون المدرسة إحدى  أهم مؤسسات التنشئة والتثقيف وتأصيل الوعي  تتشارك بلا شك مع مؤسسات أخرى في عملية التعبئة النهائية لهذا المنتج من التعليم والمنجز من كل التفاعلات التي تتم في أروقته وبين عناصره ، هذه الملامح والمحددات التي ينطلق منها البناء الفكري للطالب  من شأنها أيضا أن تعالج مفاهيم أخرى تتعلق بالجانب  النفسي والاجتماعي لتكون النظرة أكثر شمولية لتتوافق مع مبدأ " تحقيق النمو المتكامل في شخصية المتعلم نفسيا وعقليا واجتماعيا " ، وعليه فإن إتاحة فرص البناء الفكر ي الإيجابي  القائم على الوعي والفهم بمتطلبات المتعلم،  والتحدي لقدراته، والمراعي لكل ظروفه ومتغيراته والقادر على الاستفادة من مهاراته وأفكاره وتوظيف مواهبه وما يمتلكه من عادات نوعيه في التعامل مع مواقف الحياة ، يتطلب تفعيل دور التعليم وأدواته وطرقه ووسائله في بناء الشخصية المتزنة بتفكيرها ووسطيتها بحيث لا يقتصر دورها على  تحصيل الحقائق والمعلومات فقط، وإنما يتعدى ذلك إلى تعليم المهارات، وأساليب التفكير، والاتجاهات والقيم، والمساهمة في تحقيق التفاعل مع متطلبات العصر الحالي بما تستدعيه من التأكيد على قيم الحرية المسؤولة في فكر واع وتجاوب مع ديناميكية التغيير دون تعارض مع الخصوصية الثقافية للمجتمع، والمساهمة في تأكيد قيم الحوار واحترام الآخر.
وبالتالي فإن تعزيز البناء الفكر ي الايجابي  والمعرفة الفكرية المتوازنة يعني  تطوير فكر المتعلم لمزيد من الابتكار وفهم الذات وتقبل الآخر، من خلال إكسابه مجموعة مهارات مثل: التفكير الناقد، والتعلم الذاتي، وفهم القضايا العالمية، والقدرة على التفاعل مع عملية التعلم، والتقييم الذاتي للتعلم، والقدرة على الاتصال والتواصل والتحدث، والتعاون  والعمل في مجموعات، وإكساب المتعلم روح المبادرة وتأسيس فكر ورؤية مستقلة، بحيث تشكل هذه المهارات في مجملها  مقومات داعمة لبناء الشخصية الايجابية للمتعلم في جوانبها  الجسمية والنفسية والعقلية والفكرية وغيرها، وهنا يأتي أهمية مبدأ القدوة الحسنة والتوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة، والحوار الهادف البناء، واستثمار الأوقات بما يعود على الفرد المتعلم  بالفائدة إلى غير ذلك من الأساليب النافعة، كونها من بين أهم الأدوات التي يمكن أن يسهم بها التعليم في ترسيخ هذه الحقائق النوعية ، واحد المحددات الأساسية لنهوض هذا الفكر وتحوله من الأنا والذاتي إلى الشعور بالآخر واحترامه وتقدير قيمة الانجاز الحضاري الذي قدمه الآخرون ، وواجبه نحوه المحافظة عليه وحسن استثماره.
هذا التوجه يتطلب بلا شك من المدرسة  دورا محوريا مبتكرا سنده الأساسي تربية وصناعة القدوات وبناء القدرات في المدارس، والاهتمام بأساليب التوجيه القائمة على الاحتياج الفعلي المبني على  الحوار والتسامح والنقد الهادف البناء، وتعزيز ثقافة الوعي والمبادرة  والتجديد والتطوير، وتعزيز قيم الولاء والانتماء، وإتاحة الفرص للمتعلم لمزيد من الابتكار والخيال العلمي ، وتعزيز الاتجاهات الايجابية وتغيير القناعات السلبية التي يتلقاها الطفل من اقرانه ووسائل الإعلام ومن شبكات التواصل الاجتماعي،  وأن تعمل المدارس على تكوين مناخ إيجابي  وثقافة مدرسية نوعية واعية منفتحة للبيئة والعالم الآخر تحب التعاون وتقدر ثقافة الانجاز وتؤمن بقيمة العمل التطوعي،  وقادرة على بناء شخصيات المتعلمين من جوانبها المختلفة، في إطار سياسة واضحة تحترم النماذج المضيئة من البشر، وتقدر الكفاءات منهم وتبنيها بالرعاية والاهتمام والتحفيز المستمر والتدريب المباشر والفعال، وتعترف بما لديهم من ميول ليكونوا قادرين على البناء وتحمل المسؤولية؛ كما يتطلب هذا بالمقابل أن تطور المدرسة من أساليب التعليم والتعلم واستخدام استراتيجيات التعلم التي تخاطب التفكير الخلاق وتعزيز المبادرات ، وإيجاد برامج  التوجيه المناسبة ، والاستفادة من البرامج التعزيزية الحالية في تعزيز الفكر الايجابي ليس على مستوى المدرسة فحسب بل المجتمع ككل.
         ومن منطلق العمل الوطني المشترك، وكون موضوع البناء الفكري مسؤولية وطنية لا تقتصر على وزارة التربية والتعليم، فإن التكاملية المنشودة في هذا الجانب تتطلب العمل على  إيجاد أدوات ملاحظة دورية تستطلع جوانب معينة في بيئة المدرسة تستهدف  التعرف على النمط الفكري السائد لدى الطلبة والثقافة التي يحملونها والقناعات التي يؤمنون بها، إذ من شأن هذا التوجه  أن يتناول نطاق البيئة المجتمعية التي تشكل حياة المتعلم داخل المدرسة وخارجها كأن تتناول البيئة الاجتماعية المحيطة ( مؤسسات رسمية مثلا المؤسسات الجامعية ، والأفراد الذين ينتمون إلى هذه المؤسسات، واثر المؤسسة التي تلقوا فيها دراستهم العليا في ذلك ، وأساليب الانحراف ، والتلقين ، والمظهر ، والسلوك، والمحاضرات ، والندوات  والخطب الجمعية المنفذة إلى غيرها من  البرامج الدينية من خلال البرامج أو الأشخاص ومستوى التأثير .المتحقق من المدرسة أو الجامع، أو المسجد ، أو الإعلام ووسائله المحلية ودورها في البناء الفكري وكذلك الأمر والنهي في إطار التفسير الديني ، ويتعدى ذلك إلى الجانب الترفيهي والترويحي المتاح للطالب كالبلدية والفعاليات الترفيهية والمهرجانات، والسلوك التعليمي الممارس من المعلم وهل يلتزم بما يرد في المنهج وكيف ينفذ التعليمات،  وتصرفات المعلمين في المناسبات الدينية والوطنية ، وما هي الأساليب المتبعة  من خلال أسلوب الإقناع المبرر، كل هذه وغيرها مداخل يمكن من خلالها قياس الفكر الطلابي بالمدارس.
       وعليه فإن ما سبق الإشارة إليه في تقديري يتطلب من وزارة التربية والتعليم ومؤسساتها المختلفة دورا أكثر وضوحا ومحوريا ومتفاعلا مع هذا الموضوع ليصبح من أهم أجندة عمل الوزارة في  الفترة القادمة وذلك باتخاذ مجموعة من الإجراءات والآليات في  سبيل تعزيز البناء الفكر ي الطلابي وتعزيز قناعاتهم في تفعيل دورهم وقيامهم بمسؤولياتهم ومشاركتهم في رسم صورة المجتمع القادمة، وتحسيسهم بما يتوقعه المجتمع والوطن منهم في سبيل البناء والتطوير، وذلك من خلال الآتي:
1-      بيان دور الأسرة والمدرسة في أهمية ترسيخ الهدف من الحياة والوقوف مع البناء لتحديد مسارات حياتهم المهنية.
2-    التأكيد على أهمية دور الطالب  في تغيير شخصيته وتحديد أهدافه وبناء منظومة فكرية سليمة لديه خالية من الأفكار الهدامة والانحرافات الفكرية  باعتباره المسؤول المباشر عن المستقبل والشخصية.
3-      تفعيل دور المناهج الدراسية في إكساب الطلاب القيم التي تعزز لديهم قيم التربية المواطنية والقيمية السليمة.
4-    تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي، وتمكينه من البحث عن الدوافع والأسباب والنتائج المترتبة على أفكار الطلاب وممارساتهم غير المقبولة، وأهمية التركيز على دراسة الجوانب السلوكية كالتخريب في المدرسة وممتلكاتها والانحراف السلوكي المتمثل في الصحبة والرفاق ،وإيجاد البرامج التشخيصية والعلاجية التي تعمل على تحقيق ذلك.
5-    الاهتمام بالطلبة ورعايتهم وإيجاد البرامج الموجهة للشباب، وتتفاعل مع احتياجاتهم الجسمية والعقلية والروحية، وتوجيههم وتوعيتهم بمتطلبات مجتمعهم.
6-    تشكيل لجان عمل لدعم جهود المحافظات التعليمية في سبيل تعزيز مدى جاهزيتها لاستقبال الطلاب واستعداد  المدارس لانجاز الخطط،، وإيجاد آليات لتهيئة الطلاب لتقبل أسلوب التقييم المعتمد من قبل المؤسسة التعليمية من خلال برامج التوعية المختلفة.
7-      إعادة تصميم مناهج التربية الوطنية لتعزيز قيم الولاء والانتماء والحريات والقوانين.
8-    ضرورة تبني مسار مهني واضح لبناء قدرات المعلم للقيام بمسؤولياته في غرس القيم الايجابية والفكر السليم ، من خلال تمكين المعلمين والعاملين مهنيا وظيفيا، وهو ما يتطلب تعزيز دور المعلم القدوة وأثره ممارساته على السلوك العام، في موضوعات تتعلق  بأفكار المعلمين، وأخلاقياتهم، والسلوك العام، والتصرفات، والكلمات المستخدمة، واللباس، والعلاقات الاجتماعية.
9-    بناء منهج الحوار والتواصل وتمكين الطلاب من القيام بمسؤولياتهم على مستوى الصف الدراسي والمدرسة من خلال دعم النماذج الايجابية من الطلاب وإخراجها بالشكل المطلوب داخل المجتمع المدرسي ( صناعة القدوات في المدارس)، وتعزيز الشراكة مع الحقل التربوي .
10- من المهم أن تعمل مؤسسات التعليم ومن خلال تكامل جهودها مع مؤسسات الدولة المعنية بالتوظيف وبناء الموارد البشرية  على إيجاد رؤية وطنية في التعامل مع ما يترتب على موضوع المخرج التعليمي وسوق العمل  والتأخر الحاصل في عملية الانخراط في سوق العمل  من اشكاليات أو تغير في قناعات الطلبة نحو التعليم ودوره في بناء منظومة الحياة وتوفير مستويات العيش المناسبة للطالب، وبالتالي ما يتطلبه ذلك من توفير برامج في التوعية والتثقيف والتدريب المستمر .

              أخيرا فإن دور المؤسسة التربوية في المرحلة المقبلة في ضوء المتغيرات الحاصلة في المجتمع العماني، وتأثير الأحداث الحاصلة في 2011م على أفكار الشباب وقناعاتهم والتحول الحاصل في نمط الخطاب الشبابي والمطالب اليومية التي تؤكد الحاجة إلى دراسة أوضاع الشباب واتجاهاتهم الفكرية وضبط المتغيرات الحاصلة في سبيل تعزيز البناء الفكري للطالب بعيدا عن تأثره  بأطراف أخرى أو قناعاته بممارسات آخرين حتى ولم تكن ضمن سياق المجتمع، يتطلب تعزيز نموذج  العمل الوطني المشترك، وتأكيد الجودة في برامج التعليم ومخرجاته، وتبني استراتجيات تقييم وتقويم واضحة للأداء التعليمي يقرها المجتمع، ويقتنع بها الطالب، تتسم بالشمولية والتكاملية والنظر إلى المتعلم على أنه كائن منتج تتوفر لديه العديد من المهارات، بحيث يشكل ما يتوفر لديه من مهارات الطريق للأخذ بيديه نحو التقدم، كون الاستفادة من الممارسات الأفضل لديه في معالجة النقص أو القصور الذي قد يعتريه في جوانب أخرى، من خلال الاعتراف بقدرته على الانجاز والعطاء مع قليل من التوجيه والتدريب المقنن والمستدام، وجعل مساحة التواصل معه اقرب مما قد يتصوره البعض من وجود فجوة بين المتعلم وعناصر المنظومة الأخرى في صعوبة فهم المتعلم وحقيقة ما يريده في عالم متغير،  وهو ما يعني تعزيز وجود برامج عمل واليات محددة  بما يسهم في غرس الفكر السليم ، في إطار تعزيز الثوابت الوطنية  وغرس قيم الولاء والانتماء الوطني وتعزيز تربية المواطنة لدى المتعلمين في شعور وجداني يربط الفرد بأرضه وهويته وقيمه الوطنية الأصيلة. إننا نأمل أن تبرز ندوة الشباب في عالم متغير  والتي تمت بمسقط في بدايات عام 2013م جزء من هذه الحقيقة وتسلط توصياتها على  ذلك، وأن تسهم توصياتها في تأطير عمل وطني من أجل الشباب يراعي كل المتغيرات التي تعيش في عالمه أو يعيشها في عالم يتسم بالحداثة والتجديد ويتطلب مزيد من العمل النوعي الجاد الذي يلامس الواقع الشبابي وأن تؤصل التربية الحديثة وما يدور بشأنها من مراجعات لمرحلة من الاهتمام بالبناء الفكري للإنسان إذ بتحققه يمكن أن نصل إلى الحقيقة الغائبة التي ما زال البحث عنها يتم في إطار ضيق .

وإلى لقاء آخر 

تعليقات