د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
- مدونة الحوار- 2013م
http://alhwaraleegabe.blogspot.com
ثمن الحرية وحق الوطن والمواطنة
د. رجب بن علي العويسي
20/02/2013 10:59:32 ص
§
30/06/2013 12:40:13 ص
http://www.facebook.com/egabe.mutafael
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوطن قيمة عظيمة وحياة مجيدة لبني
البشر، لأنه طريقهم لبلوغ حياة العزة
والكرامة والتقدم والتطور وتحقيق النجاح، والشعور بقيمة وجودهم بل وحصولهم على
حقوقهم في ظل منظومة متكاملة متفاعلة من اجل الانسان ومن خلاله، والمواطنة سلوك
يترجم حقيقة العلاقة بين الانسان والأرض بين الفكر والقلب ونبض الإنسان وعشق
الوطن، يترجم من خلال أفعال وسلوكيات تفصح عن حقيقة هذا الحب، فيصبح العمل مداره
الوطن، والفكر مناطه الوطن، والوجدان هو الوطن،
هذه القيم العظيمة والمعاني السامية في حياة أي إنسان تتطلب بلا شك مساحة واسعة لبناء هذه الروح
وتقوية هذا الوازع وتنمية القدرة لديه وتقمص
تلك السلوكيات كواقع في حياة الفرد ، وشعور باختيار الأداة والوسيلة المناسبة التي
يمكن من خلالها ترجمة مفهوم الوطن ووجدانه في السلوك، إنها الحرية ، ولكنها أية
حرية ، إنها تلك الحرية المضبوطة التي تضمن حقوق الوطن والمواطنه، تلك الحرية التي
تتسم بالمسؤولية في القول والفعل وفق منهجيات الشرع والوطن، ووفق ضوابط الدولة
والنظام، ووفق حدود العمل المؤسسي والتشريعات واللوائح، تلك الحرية التي تضمن بقاء
الفرد رافعا هاماته، مقيما سلوكه، منجزا مسؤولياته، محققا آماله، ملتزما بما طلب
الالتزام منه، فهي لا تعني باي حال من الأحول الانسلاخ من قيم الوطن والمواطنه،
ولا تعطي الحرية في التجرأ على حق الوطن والمواطنه، إن ثمن الحرية لا ينبغي أن يدفعه الوطن كقسيمة
اشتراك بسبب ممارسات البعض، ولا ينبغي أن يكون تلك القسيمة إن وجدت إلا لتحقيق ربح
للأمة "الوطن والمواطنة"، وبمعنى آخر إن الحرية التي تنشدها المجتمعات
هي تلك التي لا ينبغي أن تخرج الإنسان من إنسانيته ولا ينبغي أن تخرج الإنسان في
فكره ووجدانه عن مرحلة التوازن والتقييم الذاتي والتأمل في الممارسة، فإن " المنبت
لا أرض قطع ولا ظهر أبقى"، إذ ينبغي أن تسمو حياته بفكر سديد ورأي حكيم وسلوك
قويم وكلمة طيبه، وتحليل للواقع، وتشخيص للحدث ورصد للموقف، وبلوغ الغاية التي من
أجلها أتى ومن اجلها وجد وهي أن يكون أداة خير ووسيلة محبة وطريق صلاح ومنهل عطاء
وثقافة وعي ،
فمال بال البعض لا يفهم هذه الحقيقة
ولا يدرك هذه المعاني من معنى الحرية، ولا يعي ما يقول أو يتفوه به، ومالنا نرى
كثير من الناس بحجة الحرية أن أطلقوا العنان لعقولهم وأقلامهم في أن لا يقولوا إلا
الباطل ولا يتفهعوا إلا بكلمات السباب والشتم واللعن، والسخط والغضب، ولماذا نرى
بين فترة وأخرى تبوح أقلام البعض بكتابات لا تصف الحقيقة ولا تقدم الحل ولا تؤصل
النقد ولا تنمي الفكر ، وكأنها خزعبلات من هنا وهناك، ولماذا يرى البعض في الحرية طريقة للإشهار
والتشهير ونشر الشائعه، نعم نحن بحاجة للحرية المسؤولة التي تنقد الواقع وتكشف
الحقيقة وتبصر الناس بما ينبغي أن يكونوا علية في حياتهم وتعلمهم المنهج السليم في
العمل والنقد السليم الموضوعي البناء في تناول الموضوع، بل تساند صاحب القرار ومن ائتمنهم الوطن على ابنائه في تصحيح مسار العمل ونشدان الحق والصدق في أي توجه أو ما خطته أقلامهم ، كلنا يدرك بأن
القصور وارد وأن هناك تجاوزات عديدة على مختلف المستويات وأن هناك الكثير من
التحديات والممارسات والسلوكيات التي لا نرغب فيها ولا نؤمن بوجودها ولا نقتنع
بالحاجة إليها، وأنها يجب أن تتغير وأن تزال من واقع العمل وطريق المجتمع، وأن هذه
القناعات تأتي في إطار رصد يومي لواقع العمل ومجريات الحياة اليومية التي يعيشها
الإنسان، نعم كلنا يعي هذه الحقائق، وفي
الوقت نفسه القليل منا من يعمل على تقديم البديل أو وصف العلاج أو تصحيح المسار أو
توجيه العمل ، نحن بحاجة إلى ثقافة النصح والنقد البناء وتصحيح مسار العمل، وتوجيه
السلوك نحو انجاز اعمق وفعل أصح وممارسة أصلح وقرار اصوب، وبالتالي أن تنمو في مجتمنا ثقافة النقد البناء والتحليل
العلمي المبني على التشخيص والتحليل
والمؤشرات وتصحيح الأوضاع وتقديم البدائل ورفد المعنيين بالتوجهات الأصح التي يمكن
أن تقدم عملا وتبني أملا وتضع منهحا وترسم طريقا وتنير دربا وتصحح خطأ ، فهي أمور
نؤكد عليها ونؤمن بها بل ونسعى من أجل أن تكون ثقافة النقد البناء الواعي متأصلة
في ابناء هذا المجتمع الذي ننشد فيه سمات الوعي والفهم والمعرفة والحرص على بناء ذاته وتحقيق كيانه
ورفع وطنه في العالمين .
تطالعنا بين فترة وأخرى كتابات بعض
الكتاب وأصحاب الأقلام في الصحف والمجلات والتي تحمل في سطورها العديد من الحقائق،
ولكنها أيضا تبطن للأمة والمجتمع الكثير من المساوئ في طريقة عرضها أو تناولها
لبعض الموضوعات التي قد يكون المجتمع في غنى عنها، وإشغال المجتمع بما ليس في حاجة
اليه بها ضرب من التجني على حق الوطن والمواطنه، وضرب من التعدي على فكر الإنسان
العماني الناصع البياض الذي لا يحمل إلا خيرا ، والذي ليس همه إلا أن يخدم وطنه بكل ما اوتي من
استطاعه بجهدة وعمله وعلمه ومبادرته وعطائه وانجازه لا ينتظر من احد أن يخبره بما
عليه أن يعمل، فإذا به يعيش في وطنه عزيزا كريما قويا شهما قادرا على التفاعل مع
المعطيات وتجاوز المحن والشدائد مثبتا نفسه على العمل بلا توقف والعطاء بلا حدود،
ومؤكد لما يتابعه انه اقوى واصدق وأكثر حبا لوطنه وقيادته وتأكيد لحمته الاجتماعية،
فطوبي لكل يد عملت من أجل هذا الوطن، إننا
لسنا مع تلك الكتابات التي تضمر حقد وتعكر مزاجا وتضل طريقا كان يسلكه أبناء هذا
الوطن في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم فأصبحوا
كالجسد الواحد يشد بعضه بعضا، لسنا
مع الكتابات التي تسئ للوطن والمواطنه، ولسنا مع سرد أوصاف لأبناء هذا الوطن،
فيكفينا ما وصفهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم" لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك"،وبالتالي
فإن المطلوب هو أن نقيس مدى قربنا أو بعدنا من تطبيق هذا النهج في عالمنا المعاصر ، ولنضع
أنفسنا في عين المسؤولية ماذا علينا أن نعمل وكيف لنا أن نؤصل هذه الحقيقة من أجل
أن يشهد عالم اليوم بحقيقة حب العمانيين لوطنهم وأمتهم، إن اللطائف الوارد في قول
النبي الكريم علية افضل الصلاة والسلام تتناول
جانب القول والفعل ، فالإنسان العماني المسلم العربي المعتز بأصالته وهويته لا
يعتدي على أحد ولا يحب ذلك وهو أمر سطره العمانيون في حياتهم ونهضة عمان المباركة
التي يقود مسيرتها مولانا جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه شاهدة على ذلك،
فإن السلام هو الأساس وأن التدخل في شؤون الغير مرفوض وأن الاستفادة مما لدى
الآخرين بدون تقليد عمل ينبغي أن نؤكد عليه، هذه حقائق تظهر أن عمان بلد السلام
والأمن والأمان والحكمة والقوة الإنسانية فهو لا يرضى أن تكون من سماته الضرب أو
التعدي على حق الغير، بيد أن الأمر يتجاوز ذلك فحديث الرسول الكريم علية الصلاة
والسلام يؤكد أيضا على أن العمانيون لا يسبون غيرهم، وهنا نأتي لبيت القصيد في
مستوى الوعي الذي ينبغي أن يلتزم به الإنسان العماني في حقيقة ذاته سواء كان كاتبا
أو محللا سياسيا أو معلما أو قاضيا أو رجل أمن أو ولي أمر ، إذ لا ينبغي أن يصدر
منه إلا ما فيه خير الإنسانية جمعاء ، وبالتالي فإن مفهوم السب يتناول جانب القول
المباشر أو القول والفعل غير المباشر من خلال الكتابات وما سطرته الأقلام التي
ينبغي أن تنشد هذا الرقي في الخطاب ،
كما انه مما لا شك فيه أن الحرية الممنوحة
والتي تؤكد مستوى الوعي الذي ينبغي أن يتحلى به الإنسان العماني فرصة له ينبغي ان يستثمرها لصالح البناء الوطني
وتحقيق الانجاز النوعي وإبراز الحقائق في شكلها الواضح ونقلها إلى الرأي العام في
شكلها الحقيقي وهو أمر بدأنا نلمسه في ظل عملية الحراك الشعبي التي بدأت عام
2011م، والمؤسسة الاعلامية بالدولة أعطت هذا الجانب أهمية واهتمام بيد أن الأمر
ينبغي أن يؤطر في إطار وطني إنساني أي ما الذي يحقق المصلحة الوطنية وينبغي المعرفة
به وإظهاره، وما الأولويات التي ينبغي التأكيد عليها وبالتالي العمل على التعريف
بها والكشف عنها من اجل مزيد من الوعي بها ، كما قال الشاعر
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر من الناس يقع
فيه،
إن الوطن والمواطنة خطوط حمراء لا
ينبغي تعدي حقهما بحجة الحرية، ولا ينبغي
أن يدفعا ثمن الحرية ذاتها، بل ينبغي ان تكون الحرية في اطارهما إذ بذلك تتحقق
الشفافية والمعيارية التي هي اساس البناء الوطني وبناء المواطنة المسؤولة، فإن حرية التعبير لا تعني إنكار حقائق الانجاز
التي قدمها ابناء الوطن في فترات سابقة ولا ينبغي النظر إلى ما تم تقديمه في إطار
ضيق ونظرة سطحية فإن المقارنات بين عام 1970 وما بعده اكبر من أن تذكر في مقال أو
يحويها أي وصف ، وفي الوقت نفسه أن حرية الرأي والتعبير لا تعني التشهير بالوطن
أمام الملا ورمي التهم عليه، أو التقليل من شانه أو بيعه بثمن بخس ومقياس الكلمة
في ظل موازين الربح والخسارة المادية، أو تقديمه لقمة مستساغة أمام من يريدون
بالوطن والمواطنة العمانية أن تتزعزع أو أن تضرب في الصميم من قبل أبنائها الذين
يفترض أن يلتزموها كمواطنه وأن يحفظو وجودها كوطن، إن هذا الوطن
يحمل أبنائه في كل مكان وفي أي موقع من مواقع المسؤولية وفي أي محفل داخليا
كان أم خارجيا وطنيا كان أم أسريا مسؤوليتهم جميعا في بناء وطنهم، ومسؤوليتهم في
الدفاع عنه والمحافظة على حقوقه والتمسك بقيمه ومبادئه والالتزام بمنطلقاته
وتوجهاته التي رسمتها قيادته الحكيمة والتي هي في حقيقة الأمر انعكاس فعلي لمبادئ
العمانيين وقيمهم على مر الأزمان، فليس من
الحق أن يتحدث عن وطنه بسوء امام الغير،
أو أن يجد الفرد الفرصة سانحة لنقل افكاره
والدخول في الخطوط الحمراء التي لا ينبغي بأي حال من الأحوال ان يتجاوزها ، حتى
مهما كانت مسؤوليته في الدولة أو خارجها، من أجل الدعاية الاعلامية وتسليط الأضواء ، فإن الوطن يحمل كل من تسول له
نفسه الخروج عن قواعده السامية ومبادئه القويمة، التي تشكل مادة دسمة ورغبة جياشة
لأولئك الذين يريدون النيل من هذا الوطن ،
وعليه فإن الكتابة المستنيرة القادرة على بناء روح
جديدة وحياة جديدة وسلوك جديد وتغيير قناعات مقيتة إلى مرحلة من التحول النوعي هي
التي تعني الاحترافية في العمل الصحفي ، وهي الكلمة الحق والصدق التي ينبغي أن
تشكل مائدة لأصحاب الأقلام فالاحترافية الاعلامية والصحفية وغيرها لا تأتي من خلال
التشهير بالمجتمع ونقل تفكيره في وضع الية لمرحلة المراجعة والتغيير إلى مرحلة من
التشوية والإنكار والجحود، فالجميع مطالب اليوم بأن يقف مع الوطن ، والمواطنة
المسؤولة والايجابية هي التي تدرك حقيقة
توظيف الحرية من اجل البناء الوطني وهي
التي تعي أن الحرية لا تعني التجرؤ على الوطن، بل هي العمل من اجل الوطن والإنسان، والغريب في الأمر أن الناس باتت تتلقى تلك
الكتابات المسيئة والمضللة أو التي تجاوزت حق المواطنة بشكل غريب، بل أصبحت تتناقل
مثل تلك الكتابات وتعمل على لتسابق في نشرها، بل اظهار القوة فيها، وكأنها الحق،
بل والافتخار بمن يكتبوها، فإنهم بالتالي يضللون عقول الناس ويوهمونهم بأنهم
يقدمون لهم المساندة والدعم والحصول على الحق بكتاباتهم التي تسئ للوطن والإنسان،
في حين أنهم يزهدون في نقل تلكم الكتابات
المتزنة أو التي تناقش الموضوعات في إطار من الحكمة والتفاعل والتفاؤل ورصد الواقع
وتقديم البدائل، وكأن الناس تفننت في نقل السلبي من القول والغث من الكلام، حتى بات
الأمر يتعدى العامة من الناس إلى المثقفين والمتعلمين والمعلمين وصناع القرار،
بدون ترو أو حكمة أو تحليل،
كم أتمنى عندما تكتب مثل تلك المقالات
والأوصاف قبل أن نحكم عليها بقول البعض " لله در فلان"، أن نشخصها وندرسها ونحللها، أين موضع القوة
والحق والعدل فيها مع ربطه بالواقع والبحث عن الأمر من جذوره بل لا مانع أن تقوم
بذلك المؤسسات بشكل رسمي وعلني لأنه في قناعتي بأن الكاتب لا يكتب مثل ذلك إلا
لسبب حاصل، أو جريمة ارتكبت بحقه وحق الوطن وحق المواطنه، أو يجد من نفسه أنه صاحب
رسالة عليه أن يبلغها للناس وأمانة يتحمل هو مسؤولية إيصالها ولذلك كان من المهم
أن نقف عند تلك الكتابات وقفة تأمل وندرسها بعناية ونتعامل معها بحكمة وليس بالانزعاج
أو ازعاج الكاتب أو بمنطق التصفيق أو سلوك الجلاد، إننا ندرك أن ابناء عمان هم خير من يحب عمان،
ولعمري أن ابناء هذا الوطن حتى اولئك الذي ظلمتهم بعض الممارسات أو اجحفت حقوقهم
بعض السلوكيات أو قلبت موازين آمالهم بعض القوانين واللوائح ، إلا أنهم أحب الناس
لعمان، فهي امهم التي احتضنتهم وتحتضنهم ولن يجدوا عنها بديلا، ولذلك فإننا في مرحلة تتطلب منا أن نعمل مع
الجميع ومن خلال الجميع ونتعدى سياسة الكيل بمكيالين مرحلة تتطلب منا مزيد من
الحوار مع كل الأطراف ومن خلال كل القنوات ونتفاعل فيها مع كل الفئات ونستجيب فيها
لما اجمعت عليه كل الآراء نحن في مرحلة بحاجة لأن نحتضن فيها أولئك الذي صدرت منهم
هذه الكتابات ونستفيد منهم في رسم القرار وصناعة السياسات وتقديم بدائل الحل وإشراكهم
في المتابعة والتقييم والوقوف على الواقع وإسناد المسؤولية عليهم في تغييره ونشدان
الأفضل من أجل تصحيحه ، لا أن نتخذ منهم مواقف أولية لمجرد كتاباتهم ، فإن منطق الاندفاع بدون ترو والانزلاق بدون الاعتماد على
مرتكزات سوف لن يحقق للوطن ما يريده ، بل سيزداد عدد اولئك الذين يكتبون وينشرون
في ظل الفرص التي اتاحتها العولمة، فهل سنتأمل
في المطلوب منا ونتجاوز عن سيئاتهم وليجعل
الله فينا وفيهم من يخدم هذا الوطن وينجز فيه وعده،
وإلى لقاء آخر
تعليقات
إرسال تعليق