التربية وبناء منهجيات أفضل لسلوك المواطنة ؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com



     التربية وبناء منهجيات أفضل لسلوك المواطنة ؟
" من أجل محمدة تكتبها لنا الأجيال القادمة على جبين الدهر" . ما المطلوب فعله؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
‏08‏/05‏/2013‏ 11:23:19 ص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل ثلاثة أيام بتاريخ 6/5/ 2013  كنت قد حضرت أثناء زيارتي لمملكة البحرين لقاء جمع نخبة من المعنيين بشأن المواطنة بدول مجلس التعاون الخليجي لافتتاح ندوة التربية للمواطنة والتي يشرف عليها المركز العربي للبحوث بالكويت، وقد ألقى سعادة الدكتور وزير التربية والتعليم بمملكة البحرين كلمة ارتجالية أبرزت الكثير من الحقائق على الساحة البحرينية وأشارت إلى العديد من المحطات التي ينبغي الوقوف عندها عند الحديث عن التربية للمواطنة وتعزيز قيم المواطنة، كان الحديث يعبر عن واقع الحال ويرصد تجليات الفعل الممارس ويضع أمام الأمة مؤشرات أداء ونطاق عمل عليهم جميعا أن يكونوا أحرص الناس على فهمه والوعي به ، وركز سعادة الوزير على تربية النشء ودور التربية في بناء الإنسان المواطن وكيف يمكن أن تستغل التربية في غير هدفها عندما تضيع الأمانة وتنعدم القيم ويزول مفهوم الإخلاص وينعدم عند القائمين على تربية الاجيال وبناة الناشئة روح الأمانة والمسؤولية ، تحدث قليلا ولكنه كان يحكي قصة أمة أرادت أن تبني حضارتها وفي المقابل قصة تنكر بغيض يريد أن يزيل رابط الوحدة ويضفي على حياة الأمة الموحدة بذور الشقاق ويزعزع بين أركانها مسميات المذهبية وغيرها ،  من هنا كان المعول على التربية بكل ما تحمله من معنى وكل ما تمتلكه من أساليب وأدوات أن تتصدى للأفكار السلبية والقناعات المضللة التي تؤثر على سلوك الناشئة، فهي المعنية أولا وأخيرا بترسيخ المبادئ السامية في المواطنة وحب الوطن والعمل من أجله، وكان من المهم أن يكون القائمين عليها والممارسين لها والمهتمين بشأنها أن يكون جل همهم هو كيف نرقى بالمواطنة من خلال التربية والتعليم وكيف ننهض بأخلاقيات المواطن من خلال المناهج والقدوات التعليمية والسلوك المؤسسي للمؤسسة التعليمية بل كيف نجعل من مدارسنا والتفاعل الذي يحصل فيها منطلقا لتطبيق المواطنة وترجمتها في الحياة والعمل، وكيف يمكن للمؤسسات الأخرى أن تساند التربية في دورها ومسؤولياتها وتعكس مستوى نضالها نحو تنشئة الجيل الواعد وتربيته فكريا وسلوكيا ومهنيا ووجدانيا وتعزز أمنه الفكري وتؤصل لديه قيم البحث والنقد البناء والأسلوب الواعي للحوار وطريقة الوصول للحق والمنهج السليم في البحث عن الحقيقة، هذه الحقائق التي أشار إليها سعادة الوزير في حديثه الشيق الممتع تحمل بلا شك دلائل ينبغي الوقوف عندها ودراستها دراسة تحليلية واعية، إن حقيقة حب الوطن ودوره التعليم في ترسيخ هذه القناعة وتعزيزها في سلوك الناشئة يستدعي بلا شك مراجعة حقيقة لدور التعليم والممارسة التعليمية ومستوى الارادة التي تتيحها الجهود المؤسسية في وحدة ترسيخ هدفها في بناء المواطن المنتج القادر على فهم ذاته والوعي بواقعه والمدرك لمسؤولياته ودوره والنطاق الذي عليه أن يعمل فيه في إطار ترجمته لمبدأ التربية للمواطنة ، عندها تتكون لديه القناعة بأن  مبدأ حب الوطن من الإيمان يحمل في حقيقة الأمر دلالات واضحة ويتطلب منه سلوكيات تتفاعل مع حقيقة هذا الحب وتترجمه في واقع عمل متقن وممارسة مرغوبة،  فإن الحب الحقيقي هو  ليس تمتمة باللسان وأقوال تردد هنا وهناك بل هو فكر يتفاعل مع حقيقة الوطن وكنهه وضمير ومشاعر يتعايش الوطن في وجدانها، وهو مع الفكر والوجدان سلوك ينطبع على واقع العمل في شكل سلوك يظهر في تأكيد قيم الاحترام لرموز الوطن وقياداته واحترام وتقديس للأرض الوطن واحترام للإنسان الوطن والفكر الوطن( محافظة الطالب على حقائق الانجاز كالكرسي الذي يجلس عليه والطاولة والكتاب والمبنى واحترامه لرموز وطنه والنظام والقدوة والوعي والسلوك ) ، 
إن تأكيد دور التعليم في بناء روح العمل المؤسسي الوطني وتأكيد قيم العدالة والنزاهة وترسيخ مفهوم العمل من أجل الوطن الدولة والإنسان وتأصيل قيم المعرفة الحقة بالدور والمسؤولية يستدعي أن يستخدم التعليم الأدوات والأساليب والآليات النوعية المبتكرة في مناهجه وطرائقه وأساليبه وطرق التعليم والتعلم وأسلوب الإدارة وطريقة إدارة المؤسسة التعليمية، وهنا تبرز ما يتاح من قيم المشاركة والشفافية والعدالة وحب الآخرين والاعتراف برأيهم والاستماع لوجهات نظرهم والنظر لرأي الصغير والكبير واحترام كل وجهات النظر، وتمكين الناس والثقة بهم والأخذ بأيديهم وتنمية مواهبهم وتعزيز أطر العمل الجاد المنتج ومكافأتهم على الانتاج النوعي ومساعدتهم في معالجة القصور وتوفير مناخ التعاون وثقافة الفريق الواحد والعمل من أجل تحقيق الهدف، كلها نواتج لا تتحقق إلا في إطار رؤية مؤسسية مدرسية تعليمية تدرك دورها وتشريعات توضح لكل فرد في المنظومة التعليمية مسؤولياته  ونطاق عمله،  فوضوح نظام التقييم والتقويم وجودة أسلوب العمل وحسن ادارة المؤسسة  هي في حد ذاتها تعبير عن مفاهيم العمل المؤسسي النوعي الذي تنمو فيه المواطنة ويتفاعل فيه سلوكها ويتعاظم فيه قدرها وتظهر فيه ممارساتها التي تعبر عن حقيقة المواطنة، وعندما تستطيع المدرسة ان تعزز هذا الأمر  في الناشئة منذ نعومة أظفارهم عندها ستتكون لديهم المناعة والحصانة والقدرة على مواجهة كل المتغيرات والتفاعل مع كل الاحداث  بمنطق الحكمة  والدراسة الواعية،
إن التربية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى في ظل تطور دورها وتعمق مسؤولياتها وفي ظل هذا الثراء الفكري والمعلوماتي وتعدد التحديات التي تواجهها الناشئة  مدعوة بكل ما تحتضنه من مؤسسات  وما يمثلها من منابر  وما ينتسب إليها من عناصر  في أن تتبنى طرقا أكثر ابتكارية ومنهجيات أقرب إلى التطبيق العملي، هذا الدور للمؤسسة التعليمية لا يعني بأي حال من الأحوال تغير في دور التربية والتعليم بل  هو تطور في المسؤولية التعليمية وتحول نوعي في الفكر التربوي ليجعل من القراءة والكتابة طريق للانجاز وسبيل للعطاء وهدف لبلوغ الغاية من حب الوطن ،  وهو في المقابل ما يجعل مسؤولية التربية للمواطنة عمل مجتمعي مشترك تقوم بها المدرسة مع الأسرة والمسجد والإعلام، ليصبح منطق المحافظة على المنجز والسعي لبناء مراحل اعلى من الانجاز هو سلوك مؤسسي مجتمعي لا يختص بمؤسسة دون اخرى ،
إن ناشئة اليوم بحاجة لأن ترى أمامها اتفاقا مؤسسيا يحمل معاني الحرص عليها والسعي من أجل بنائها ووحدة الهدف من أجل الأخذ بأيديها وإرادة من أجل تعزيز مستوى الوعي والثقافة الوطنية لديها، إنها بحاجة لأن ترى روح الاندماج تسري بين المؤسسات ومنطق الوطن يعلو صوته في كل اختلاف في وجهات النظر ، وإخلاص العمل يعزز فيهم روح المسؤولية ومبدأ القدوة في العمل الجاد، إنهم بحاجة إلى أن يرون روح الوطنية تجمع الجميع وعظم الارادة تنهض بالجميع وتبث فيهم داعي المسؤولية ونداء الواجب، عندها سيأنسون بأن كل ما يرونه أمامهم إنما هو من أجل عالمهم البريء المليء بالطموح والمستشرف لمستقبل مشرق يأخذ بأيديهم نحو بر الأمان وينطلق بهم نحو عالم العمل والعطاء من أجل التنمية والإنسان، ويؤصل لديهم ثقافة البذل والتضحية والمبادرة من اجل الوطن مهما كلف أحدهم ذلك من جهد ومال ، ليصبح الوطن هو الغاية والهدف، فهل أدركنا أولويتنا من التربية، وهل سنعي مسؤوليتنا الوطنية والمهنية نحو جعل التربية والتعليم  طريقنا نحو تحقيق أمال أبناء مجتمعنا وبناته وسبيلنا نحن نحو بلوغنا أهدافه وتحقيقنا لطموحاته لتكتب الأجيال القادمة ما تلمسه منا من جهد وما نمتلكه من رؤية ومن نؤمن به من مبادئ وما نتحاكم إليه من تشريع وما نتحاور من خلاله من أسلوب  وما نخطط له من عمل ، ومدى اقترابنا في كل ذلك من احتياجاتهم وبلوغنا طموحاتهم ، على جبين الدهر ؟
وإلى لقاء آخر

تعليقات