وجود مركز وطني لإعداد القيادات، أولوية لا تقبل الانتظار د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com



وجود مركز وطني لإعداد القيادات، أولوية يجب أن تحظى بالاهتمام في مرحلة العمل الوطنية القادمة؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
‏16‏/05‏/2013‏ 01:38:30 ص
      لا شك أن الحديث عن دولة المؤسسات ، وتعزيز مستوى المرونة والحوكمة والشفافية الإدارية ، وبناء رؤية واضحة لمسيرة العمل المؤسسي بحاجة على قيادات  تستلهم من معين التدريب والتطوير المهني والشخصي والمستقبلي طريقها لتعزيز مسؤولياتها، ومؤسساتنا اليوم غدت بحاجة إلى نوعية جديدة من القيادات تتطلع على مستقبل يبنيه مجتمع الشراكة، ومجتمع المؤسسة، ولا يتحقق ذلك إلا في وجود مركز لإعداد القيادات في كل مجالات العمل الوطني المؤسسي، هناك في كل الدول المتقدمة مراكز لإعداد القيادات الذين هم في الصف الأمامي ومن له علاقة بهم، لأننا بحاجة إلى قيادات تبني الوطن وتنجز الهدف، وتحقق مسيرة التطوير تمتلك من مهارات الحوار والتواصل والإدارة والقيادة والرؤية وبناء منهجيات العمل،  قيادات عادلة مؤمنة بأهمية الآخر وأثره في بناء المؤسسة، تدرك مسؤوليتها وأن الجميع له حق في الوصول إليها والالتقاء بها والتعرف عليها من خلال حوارات ولقاءات، نحتاج إلى قيادات تؤمن بسياسة الباب المفتوح وحرية التعبير عن الرأي المسؤول، تنتمي قلبا وقالبا لمؤسستها ولوطنها، وتؤمن بأن بناء الرؤية وتحقيق الرسالة لا يتم إلا من خلال فريق عمل متكامل لا يقتصر على المقربين ممن يشغلون الصف الثاني الموازي للصف الأول وفقط، بل للجميع المشاركة في بناء الرؤية وتطويرها وتعديلها والسير بها نحو تحقيق سيناريوهات العمل إلى واقع ملموس، فأني لتلكم القيادات التي لا تزال تتربع في كرسي القيادة منزوية على نفسها متقوقعة على ذاتها مستعينة بأفراد محددين ممن تربطهم بها علاقات شخصية، أنى لمثل هذه القيادات أن تبني مؤسسة أو تنهض بمجتمع أو تبني رؤية مؤسسة متطورة متقدمة ، في تقديري فنحن بحاجة إلى مركز لإعداد القيادات يعمل في بناء القدرات وتطوير المهارات وصنع الإنسان القادر على قيادة مجتمع المؤسسة على بر الأمان ، بل حتى في كيفية إدارته لمؤسسته، قد يتفق الجميع معي بأن صناعة القائد الناجح هي ليست فطرية بل تحتاج إلى نمو وتطوير وبناء للشخصية الناجحة ، وأعتقد أن وجود وتأهيل القيادات في إدارة برامج التنمية في المجتمع سوف يقلل من إشكالية الاختيار التي قد لا تنجح في بعض الحيان، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا في واقع بعض المؤسسات وما صارت إليه الأمور  في بعضها الآخر، وعدم وجود القيادات الأخرى المساندة والقادرة على فهم الرؤية الجديدة أو مسار العمل القادم ، أو غير قادرة على الانسجام مع متطلبات المرحلة القادمة والتي تتطلب قيادات أقرب إلى نفوس الناس وقادرة على امتصاص المشكلات وبناء جسور الثقة مع المواطن ومع الرأي العام، وهي بالتالي أصبحت عائق أمام قدرة  القيادات الأولى بالمؤسسة في تحقيق الرؤية وبناء مسار عمل جديدة أقرب إلى رغبة مجتمع المؤسسة عامة والمجتمع المحلي خاصة، إن الإشكاليات التي نلمسها في واقع بعض المؤسسات بين قبول التغيير والتطوير وبين عدم قبوله بدأت تظهر وجود صراع على مستوى المؤسسات ، وبالتالي فإن ميل كفة من ينكفئون على ذواتهم ومن يؤمنون بأفكارهم باتت هي المسيرة لتوجهات المؤسسة وهي الراجحة نتيجة وجود الحجم الأكبر ليس في العدد بل في نوعية الفئة المقربة من تلك القيادات وأقصد هنا في عمرها الزمني ، وإذا بالبعض يرجع إلى الخلف سنوات طويلة، أعتقد بأن المسألة بحاجة إلى حسم واضح يقوم على التوفيق والتوازن في إيجاد بدائل جديدة وصف ثالث ورابع تسند إليه مهمة الإدارة المؤسسية وتتاح له فرص المبادرات بل والمشاركة في صنع القرار المؤسسي ، إننا بحاجة في الوقت ذاته  إلى إعداد عملي منهجي ومخطط لهذه القيادات على المدى البعيد هذا الإعداد الذي يفترض أن يكون متدرجا ومتسقا ومتوازنا وعمليا أي بمعنى تجريب هذه الصفوف في مواقع مسؤولية مختلفة ، دون تركها بلا تقييم أو رصد لأدائها أو تنمية لمهاراتها أو متابعة لنشاطها ، وأفكارها التي تتبناها أو الأجندة التي تؤمن بها ومدى قدرتها على إحداث التغيير في العمل المؤسسي،  ومع ذلك فما أردت أن أشير إليه هو أن بعض المؤسسات قد تحظى بوجود قيادات مجيدة وعملية تمتلك رؤية واضحة وفكر سديد وأجندة عمل ممنهجة ورؤية عملية تستشرف أبعاد المستقبل إلا أنها غير قادرة على تنفيذها لوجود الصف الآخر الذي قد لا تتوفر لديه مهارات القيادة الناجحة أو ما زالت لديه النظرة القديمة والمحدودة للأمور ويعتقد بأنه يستطيع أن يعرقل خطط التطوير التي يتبناها قائد الصف الأول ، مما يترتب عليه غلق أبواب التواصل بين قيادة الصف الأول بالمؤسسة والمؤسسة ذاتها فيزينون له غير الواقع ويشعرونه بأنه في أمن وأمان بانفصاله عن مجتمع المؤسسة، ويغلقون عنه أبواب التواصل فلا يصل إليه إلا القلة القليلة أو الأشخاص الذين تربطهم بهذا الصف علاقة أو تواصل مسبق ، وهنا يأتي دور هذا المركز الوطني في التأثير والتغيير والبناء والتطوير والتقييم والمحاسبية والمراجعة للآليات ومنهجيات العمل والسيناريوهات المتبعة في قيادة العمل المؤسسي ، إن اقتراح إنشاء مركز وطني لإعداد القيادات في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والتعليمية والمجتمعية والقانونية باتت اليوم حاجة لا مناص منها تستدعيها المتغيرات المعاصرة في المجتمع، ولعل التوجيهات السامية بإنشاء كلية للعلوم السياسية إيذانا بوجود هذا المركز الوطني الذي ينبغي أن يعد قادة المستقبل لإدارة مؤسسات المستقبل في ظل دولة المؤسسات، وعندما تتوفر لهذا المركز الإدارة والموارد والأسلوب والبرامج ومعايير الأداء ، وعندما تتضح أهدافه وتنضج رؤيته وتتحقق غاياته ويوجه الوجهة الأسمى، ويتوفر له مناخ العمل والبيئة المناسبة ، عندها يمكن لهذا المركز أن يعمل بكل احترافية ويصبح من بين المراكز العالمية المرموقة المشهود له بالكفاءة والتنافسية ويستقطب بين أروقته مفكري وقادة الفكر والعلم في العالم وخبراء الاقتصاد والسياسة والتعليم، فيصبح عمله محكوم بنظام جودة مرن ومحوكم في الوقت ذاته، إن الطموح المتوقع تحقيقه من وجود هذا المركز أكبر من توصيفه في هذا المقال، فمسوغات وجوده اليوم أصبحت ظاهرة للعيان والرؤية الحكيمة لمولانا جلالة السلطان المعظم وتوجيهاته بإعطاء دور أكبر للشباب في المرحلة القادمة  في برامج التنمية الوطنية تؤكد الحاجة إلى إيجاد مركز وطني لإعداد القيادات على كل المستويات الإدارية ، بحيث يعمل بصورة مستدامة وضمن  خطة عمل متقنه تراعي كل المتغيرات والمتطلبات ويستوحي خطة عمله من طبيعة المهام والمسؤوليات المسندة إلى تلك القيادات كل في مجال اختصاصه، كما إن إيجاد خطة إستراتيجية لبناء قادة المؤسسات في المستقبل سوف تكون ضمن الأجندة التي يمكن للمركز أن يعمل عليها، أملا أن يكون لهذا المركز نصيب من التفكير فيه إبرازه في المستقبل القريب على أرض هذا الوطن المعطاء.      
إن مستوى الارتجالية والخطأ الحاصل في القرار المؤسسي ومستوى التظلمات التي تعالجها المؤسسات التشريعي والقضائية والخطاء الناتجه عن سوء الفهم وتقدير الموقف، وضعف الرؤية عن الوصول إلى أهدافها، وضعف الفهم المتحقق حول ثقافة العمل المؤسسي التي يجب أن تحتضن الجميع وتتفاعل مع الجميع وتخاطب الجميع وترتبط في عملها بكل المقدرات المؤسسية ، إنما هي مؤشرات لعمل وطني مسؤول يظهر في  ايجاد مركز وطني مؤسسي لتدريب القيادات وتأهيلها وتوعيتها بواجباتها ومسؤولياتها وصقل مهاراتها في التحدث وفي اتخاذ القرار وفي تحقيق العدالة المؤسسية ، فهل ستثمر جهود التقييم الحالية لأداء تلك القيادات المؤسسية عن  حاجة ماسة لإيجاد المركز الوطني  الذي أشرنا إليه، هذا ما نأمله ،،،،،
وإلى لقاء آخر  

تعليقات