في ثقافة العمل المؤسسي (1) الكفاءات المُجيدة الأداء في المؤسسات د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com


               في ثقافة العمل المؤسسي (1)
الكفاءات المُجيدة الأداء في المؤسسات: هل يكفي مجرد التكريم في احتفالية؟  وهل من رؤية للتوطين والتمكين؟
·       أين موقع الكفاءة الوطنية في العمل المؤسسي ، وما مستوى مشاركتها في القرارات المؤسسية الاستراتيجية ؟
·       وما مستوى الثقة التي تمنح للكفاءة الوطنية في منظومة الأداء النوعي ؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
يعد هذا الموضوع من بين أهم الموضوعات التي باتت حديث الساعة عند طرق موضوع ثقافة العمل المؤسسي المنتج والبناء المؤسسي الناجح ، والذي لا يمكن أن يبنى إلا على الكفاءات المجيدة المخلصة الممتهنة لعملها والمحترفة له، والواعية بدورها والتحديات المحيطة بعملها والقادرة على فهم واقعها وتقدير طبيعة التحدي الذي تواجهه المؤسسة في المستقبل في إطار من الوعي والحس المسؤول مع توفر متطلبات تحقيق ذلك وشعور الفرد الموظف بأن ما يقدم له  يعزز لديه هذه المبادئ السامية ويرسخ في ذاته قيم العمل المهني المؤسسي، وأن ما يسير وفقه من تشريعات وينظم حياته المهنية من لوائح إنما يستهدف تحقيق النوعية في الأداء والارتقاء بذات الفرد وقدراته والرقي به ليتحمل مسؤولية الانجاز ويصل إلى تحقيق الأهداف العليا للمؤسسة، والسؤال الذي يطرح نفسه إلى أي مدى هناك تقدير للكفاءة والانجاز في مؤسساتنا؟ وهل يحظى المحترفون باهتمام قيادة المؤسسة؟ وهل تتاح لهم فرص مواتية للانجاز والعطاء؟ وإلى أي مدى يستفاد من هذه الكفاءات في انجاز العمل المؤسسي وبناء رؤيته القادمة؟  هذه التساؤلات بلا شك تشكل مدخلا مهما في الحديث عن الإجادة والكفاءة الوطنية وكيف يتم التعامل معها ومعاملتها؟ وإلى أي مدى هناك اهتمام مؤسسي واضح وفاعل وليس مجرد اهتمام مصطنع تثيره الأوقات ويتغير بتغير الأزمنة والأحوال، أو بمعنى آخر يعتمد على المزاج الشخصي وليس لرؤية مؤسسية مدركة لقيمة الانجاز وتعول على هذه الكفاءات البناء المؤسسي الناجح؟  وحتى نكون أكثر واقعية فكلنا يعلم بأن العديد من المؤسسات تعمل سنويا على تكريم موظفيها بناء على بعض الشروط التي تضعها المؤسسة وهي في حد ذاتها عبارة عن اجتهادات ، وتتسم بالنقص سواء في عدد المكرمين في المؤسسة سنويا أو في طريقة التكريم؟ أو في وجود آلية لما بعد التكريم أي بمعنى آخر هل المراد هنا بالتكريم تحصيل حاصل؟ أم أن التكريم لا بد وأن يحقق عدة أهداف من بينها: أنه يعتبر حافز ودافع للموظف لعمل جاد متقن ، ومبادرة لا تقبل التردد، وتوجهات إيجابية يعززها النقد البناء والممارسة الايجابية الحسنة، وهو من جهة دعوة له نحو إشراكه مستقبلا في ممارسات جديدة وأجندة عمل جديدة وتمكينه من تحقيق أهداف جديدة وغايات سامية تسعى المؤسسة إلى تحقيقها؟ وبالتالي يتوقع أن يضم هذا الموظف إلى قائمة الموظفين المجيدين ويضاف إلى قاعدة بيانات مؤسسية- نأمل أن تتوفر بمؤسساتنا- ، ذلك لأن التكريم الذي حصل  عليه الموظف ليس تحصيل حاصل وليس كعادة سنوية تقوم بها المؤسسة مع موظفيها، أو كون الموظف هو الذي لم  يتم تكريمه سابقا من بين زملائه الموظفين فيقع عليه الاختيار على هذا الأساس؟  إن تكريم الكفاءات المجيدة ليس شهادة تعطى للموظف، وليس باستلام شهادة أو كأس أو غير ذلك في محفل رسمي، بل منهج عمل مؤسسي يرسم لمستقل المؤسسة ويخطط لذلك المستقبل بانتقاء النماذج المضيئة ليكونوا قادة المستقبل في المؤسسة أيا كانت وليكونوا هم الصف الثاني والأول في المرحلة القادمة لذلك فإن اختيار التكريم وطريقته والياته ينبغي أن تعزز هذا الجانب وأن تخلق مجالا واسعا للتنافسية والعمل من اجل المؤسسة والوطن،  وبالرغم من أن هذه القناعة ينبغي أن تتوفر في كل عمل مؤسسي في مؤسساتنا إذا كنا نتحدث عن دولة المؤسسات، فإن البعض يرى أن بعض المؤسسات تشهد حراكا سلبيا لا يخدم العمل المؤسسي ولا يعزز الكفاءة الوطنية ولا يسهم في خلق روح تنافسية من أجل خدمة العمل المؤسسي، هذا العمل اللامسؤول يظهر في محاولة إقصاء الكفاءات المجيدة وتهميش دورها وإبعادها عن الأنظار ، ومحاولة خلق فجوة بين ما تقوم به وبين ما تسعى المؤسسة إليه، وهي عملية جد خطيرة إن استمرت على غير هدى، أو انتشرت في المؤسسات من غير إدراك أو حس بما يحصل ، وبالتالي نتوقع أن تشهد المؤسسات هجرة العقول والكفاءات منها، وبعدهم عن العمل المؤسسي وهو ما سيشكل على المدى البعيد خطرا على نوعية الكفاءات المتوفرة في المؤسسات في الفترة القادمة، ولا أدل على ذلك من أن تكريم الكفاءات لم ينزل إلى واقع العمل الفعلي من خلال تمكينها وتعزيز مسؤولياتها وبناء قدراتها ومنحها الصلاحيات المناسبة وإعطاءها دورا مهما في منظومة العمل المؤسسي بحيث تشكل الجسر الذي يربط المؤسسة بالمجتمع والشريك الفعلي الذي ينوب عن المؤسسة في إيصال فكرها إلى المجتمع وإلى المستهدفين، وبالتالي فإننا نؤكد على أهمية أن تكون  ثقافة تقييم الأداء، ومكافأة الموظفين المجيدين على قدر كبير من الأهمية وينبغي أن تستمر جهود المؤسسات نحوها باعتبارها أولوية للوصول إلى ضمان الجودة في الموارد البشرية – وهو ما يعني التوجه نحو  منحى آخر في النظام المؤسسي ،  يؤكد  على  الاحتفاظ  بالكفاءات المجيدة الأداء وتوطينها في المؤسسة، بحيث تقدم لها الحوافز والمكافآت التي تتيح  لها فرصة إثبات وجودها من خلال التشجيع  والدعم في هذا الجانب وكذلك  في برامج الإعداد. هذا التوجه يدعو إلى الحاجة إلى تأصيل وتوطين للكفاءات المجيدة بمؤسساتنا بصورة مستدامة ولا يتم ذلك إلا في إطار وجود رؤية وطنية واضحة  توجه المؤسسات إلى الاهتمام بهذه الكفاءات وتعزز من دورها في المجتمع المؤسسي،  وبالتالي تحويل ثقافة التكريم  من مجرد منح شهادة إلى منح ثقة ومن تسليم درع إلى تمكين الموظف ، ومن مجرد فقرات ترويحية تقدم للموظف عند تسلمه للجائزة  إلى بناء مناخ مؤسسي يقدر الإبداع والانجاز والعطاء ويكافئ أهل الانجاز والعطاء والمبادرة بلا حدود ويقدم لهم بلا انقطاع، بل ويحافظ عليهم ويعمل على حمايتهم من أي ضرر قد يلحق بها، فهل ستشهد الفترة القادمة تحقق هذه الآمال ، هذا ما نتمناه ونأمله.
وإلى لقاء آخر

تعليقات