أتقن الصنعة ، فإن الناقد بصير؟ نحو سلوك أفضل لتحقيق الجودة في الأداء،،،،، د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com


14/11/ 2012م
‏24‏/04‏/2013‏ 12:57:09 ص
.........................................................................................................
هو في حقيقة الأمر مبدأ للعظماء ومنهج  للأوفياء ، وطريق للمخلصين في سبيل تحقيق الهدف وانجاز الوعد وبلوغ الغاية، أولئك الذين لا يرضون إلا بتقديم الأفضل ، وانجاز الأجمل وبناء حياة جديدة للإنسانية تدرك من خلاله اهمية ان توظف منجزات الحياة من اجل غد مشرق ومستقبل واعد، فكان لهم نصيب تقديم الخبرة والسلوك والأسلوب وهم بمعنى آخر يمتلكون الخبرة والنموذج والسلوك والمعرفة والحكمه،  ولأنهم في الوقت يشعرون بأن هناك من يراقبهم، هو رقابة الذات قبل الآخر، رقابة المسؤولية قبل القانون، رقابة الحس والولاء للوطن والأمة قبل أجهزة الأمن  رقابة الحس المهني قبل رقابة حماية المستهلك وجهاز الرقابة المالية والإدارية وغيرها، كم هو جميل أن يكون هو شعار الجميع، يعكس ممارستهم ، وواقع تخطيطهم وتنظيمهم ومحتوى برامجهم،  اتقان الصنعة هذا في عالم اليوم يسمى بالجودة ، التي اصبحت شعارا متداولا من قبل الجميع بيد أن من يفقه معناه قله قليلة، ومن تدرك مغزاه فئة لا تتجاوز عد اصابع اليد، في حين أن من يعلقون اللافتات ويهتفون بهتافات الجودة أكثر من ان تحصيهم ارقام وان تتسع لذكرهم صحف ،  فالواقع المشاهد لافتات معلقة عند مداخل المؤسسات، بل وفي مستنداتها،  وفي الكثير منها اصبحت  ضمن شعار المؤسسات وفي رؤيتها ورسالتها المكتوبة والجودة في الأساس هي أن تقدم للآخرين أفضل ما يمكنهم قبوله بشكل يرضيهم في اسرع وقت وبأقل تكلفه،  فهل حقيقة اصبحت تلك اللافتات تعكس واقع ممارس في الأداء لدى بعض المؤسسات والشركات،  وهل هو شعار اريد به نشدان الحق والوصول إلى الصدق وتبني الفعل السليم والعمل القويم والانجاز المجيد الذي ليس له جزاء إلا القبول والقناعة به والاقتناع بالحاجة إليه مهما تعددت المنافسات التي تحاول إقصاؤه، أو ثنيه عن مواصلة طموحه، هذا ما كنا نأمله، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن،  إن السبب في ذلك يرجع إلى ضعف الشعور بالرقابة الذاتية، ضعف الحس المهني الذي يولد عتابا للنفس على التقصير ولوما لها على التأخير، ومراجعة مستمرة لأدائها على النقص في تقديم الخدمات ، ولكن لماذا لا يحدث ما نتمناه في الواقع، ولماذا يصاحب هذا الأمر ازدواجية في الاداء لدى بعض المؤسسات، فهي تارة تعلن شعار الجودة وفي الوقت نفسه تعلن شعار اللاجودة واللافاعلية واللاكفاءة في أدائها في تعاملها، وفي طريقة عملها، وفي توجهاتها وخططها،  بل في تعاطيها مع المشكلات وتفاعلها مع رؤى المواطن بل  في الوقف الصعب الذي يعتقد بأنه سيؤخذ بيده فيه،
إن هذا النقص في الرقابة ولد  بلا شك النقص في العمل الجاد المتقن  سواء على مستوى تقديم الخدمة ، أو في طريقة التعامل مع الإنسان وتفاعلها مع متطلباته ، أو في مستوى ونوعيه وطبيعة ما ترصدة من واقع الحياة اليومية  والذي قد لا ينبئ في حقية الأمر عن جدية ورغبة في التجديد وتقديم الأفضل والاستفادة من مرئيات المستفيد او المستهدف من تقديم الخدمة ، وبالتالي فإن النوعية المطلوبة لا تتحقق الا من خلال حوار مشترك وشعور متبادل ، وهي تتطلب في المقابل الاطلاع والرقابة المستمرة والمتابعة النوعية لواقع السوق ، ورأي المستفيدين من الخدمة أو المستهدفين بها في نوعية الخدمة المقدمة له ومستوى رضاهم عنها ونوعية الجديد الذي يرغبون ان يقدم لها كخدمة مصاحبة للخدمة المقدمة، وهكذا تبني المؤسسات العظمية القوية والوفية المخلصة نظامها من خلال الرأي العام ومن خلال المستهلك ومن خلال الإنسان الذي  ينبغي ان نحسن الظن فيه ، ونتخير له الأفضل في كل شيء،  في واقع بعض المؤسسات نرفع شعار الخدمة المتميزة  ولكن لا خدمة، نرفع شعار المستهلك أو الزبون هو الأساس ولكن كما يقال اللسان رطبة عند الخطبة، ثم ما تكاد أن تتقشع إلى أحلام ، وتصبح سحابة صيف، والسبب فقدان الضمير  والحس المسؤول، نصادف في عالم الاتصالات والسيارات  وغيرها من مؤسسات الخدمات في واقعنا الكثير من هذه التجاوزات، ويصدق ذلك واقع نعايشه جميعا ونشعر به ، لا أرغب بالإشارة إلى أي مؤسسة بعينها ، لكني أردت أن أشير إلى أن نجاح اي صنعه وتقدم اي مهنة ونمو اي فكرة ورواج اي بضاعة تحتاج إلى بشر يشعرون بان نفوسهم تراقبهم ، تعاتبهم، تصرخ في وجوههم،  تذكرهم بالصواب، تجنبهم الخطأ، إنها تحتاج إلى صدق مع الذات وثقة بالآخر، تحتاج إلى قلب يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وينظر للآخرين الذين  يحصلون على هذه الخدمة بأنهم أناس يحملون قلبا وضميرا وحسا يفهم ويفقه ويعي ، وأنهم لديهم مشاعر وأحاسيس  تعتريهم حالات الرضا والغضب والضيق والحسرة والألم والأمل وغيرها، وهو ما يعني حاجتهم الى من يأخذ بأيديهم من يقف معم من يساندهم من يمنحهم الفرصة هنا ليسوا ليعبروا عن وجهة نظرهم في السياسة، بل ليستأنسوا بما يملكونه ويسعدوا بما  لديهم في حياتهم من أدوات وأجهزة (سيارة أو جهاز نقال)، أو ليستفيدوا من الخدمة المقدمة لهم من الآخر والتي لم يمنع الآخر تداولها كشبكة المعلومات والانترنت والعلم والفكر وغيرها،  ما أجمل أن يشعر من يعتقدون بأنهم يقدمون الخدمة للمواطن بأنهم مسؤولون عن نوعية هذه الخدمة، وإذا كان التقرير السنوي لهذه المؤسسات  إنما يقتصر على رصد الارباح والأسهم والصافي منها  والملايين بل والمليارات التي أرباح سنة مالية واحدة، فلماذا يتم تجاهل ما هو أهم شيء في العمل والانجاز وهو الإنسان، أي بمعنى أن هذه التقارير لا تحاور رصد الجانب الآخر في المفاجئه ، وهو نوعية الخدمة التي تقدمها ، والمساهمة الوطنية لها في بناء الانسان والتنمية، فالتقرير لا يشير إلى حجم الناس التي شعرت بالرضا عن الخدمة المقدمة، وكم من الناس من ارتأت تغيير نمط تقديم الخدمة، ونتائج تحليل الاستبايانات واستطلاعات الرأي التي تقدم من بعض المؤسسات - إن وجدت -، ولكنه لا ينبغي إظهارها أو اشهارها للناس ، وهي من الأمور السرية الخاصة بتلك الشركة أو المؤسسة وينبغي ان تكون بعيدة عن الأضواء، ثم أين ما يرد في التقارير من متابعة مشكلات الناس وامتعاضهم بما يقدم لهم من خدمات مقابل ما يدفعونه من أموال طائلة وتجاوزات حقيقة في امور يصعب البحث عن حقيقتها واسبابها ،  وكم من الشكاوى والاعتراضات وغيرها ممن تكتب وتستكتب كل يوم حول نتائج الخدمة التي لا تقدم لهم في حقيقة الامر بالشكل المناسب،
ندرك جميعا أن الخدمة المقدمة غالية وأسعارها مكلفة لأننا لم نصنعها لم نبتكرها لم تكن لنا اليد في وجودها وايجادها ، ولكن ندرك في المقابل أن مجرد تعهدنا بان نقدم تلك الخدمة علينا أن نكون على مستوى من الحرص  على ان يكون ما نقدمه بمستوى النوعية والجودة التي نرغب أن نجدها لدى الاخر عندما يبادلنا تقديم الخدمة،  ما اجمل أن نتقن أعمالنا ونقدم خدماتنا وهي في أفضل حال وأجمل مستوى، فعندما ندرك أن هناك ضمير حي  يراقب أدائنا،   وحس وطن يشعرنا بمسؤوليتنا لأن نكون عند حسن الوطن والمواطن بنا، وفكر متجدد يجعلنا في عملية استطلاع ومتابعة وتجارب واختبار وتقييم مستمر لكل ما نقدمه في واقع عملنا، مستطلعين إلى  رأي الجمهور المستهدف على أنه طريقنا نحو الوصول إلى الجودة المنشودة، ومستوى قناعتنابه ورضاه بما  نقدمه له ، عندها ندرك أننا في الاتجاه الصحيح ، في الاتجاه الذي نبني به مجتمعنا ونطور به وطننا ، ونبني به آمالنا في بني أمتنا،  ليصبح ما نقدمه لهم أحرص الناس على  اقتنائه واستخدامه ، بل يجعل من البحث عنه وعملية اقتنائه والحصول عليه مبدأ لهم في الحياة، وعندها لا يكون للمنافسة الحاصلة مع المؤسسات الموجودة لهم أي أهمية ولا للبحث عن البديل  الآخر اي مدعاه،
هل يشعر من ائتمنهم الوطن على تقديم الخدمة لأبناء الوطن أيا كان نوعها، ما دام الاحتياج إليها شائعا ومشاعا وأمرا لا مناص منه و لا سبيل للتهرب من تبعاته، هل يشعر هؤلاء بهذه الرقابة الذاتية التي ما تصبح ان تتحول كسبيل لتحقيق انجاز اعظم ، ولربح أكثر، ونجاح متحقق ، وعندها  يبارك الجميع هذه  الارباح التي تحققت لأنهم يشعرون بما ما قدم لهم من خدمات يفوق كل ما تم الحصول عليه ، بل سيقف المجتمع معهم يهنئهم على إنجازهم هل سنصل فعلا نحن إلى هذه الآمال التي يعتبرها البعض مجرد اضغاث أحلام  ولكن في المقابل هل انجاز ما اشرتنا اليه يعتبر ضربا من المستحيل ، هل هو معجزة بالفعل، هل الوصول الى الجودة يعني الاحتيال والمراوغة ومجاوزة الصدق ، اعتقد بأن تحقيق ما أشرت إليه ليس مستحيلا ما دام هناك قلب يستحي ونفس تنتقي الأفضل وروحا تمتلك الأجمل وفكرا يضيف للانسانية نماذج من العمل الجاد المخلص، إن علاج كل تلك الاشكاليات التي افرزها واقع العمل في أداء بعض المؤسسات لا يأتي الا من خلال قناعتها بأن اتقان الصنعه هو سبيلها لتحقيق الأهداف والوصول الى الغايات،  ، فهل ندرك هذه الحقيقة ام سيستمر جشعنا في الحياة لنهمل قيمة الاتقان والجودة والرقابة الذاتية ،،، وعندها ولات حين ندم
وإلى لقاء آخر 

تعليقات