نحو حوار وطني مستدام، ما المطلوب فعله؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com


  نحو حوار وطني مستدام، ما المطلوب فعله؟
مقتطفات من كتاب " إدارة الحوار في التعليم النظرية والتطبيق "، مكتبة الفلاح، 2012م
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
إن بناء الدولة العصرية  القادرة على التكيف مع متطلبات المجتمع والتفاعل مع مجريات  الأحداث يتطلب تنمية مستدامة للإنسان المواطن  تحفظ له كرامته وتستثمر فيها طاقاته وتوفر له  العيش الكريم له بما يحفظ له حاضرة ومستقبله وهو ما  ينبغي أن يؤسس على  مفاهيم وأسس اجتماعية  تربوية  وأطر تشريعية مؤسسية  تتلاءم مع  التغيرات المعاصرة، وتضمن شراكة حقيقية  تؤكد على احترام حقوق الإنسان في التعليم والعلم والعمل وحرية الفكر والرأي والتعبير والشراكة، فإن في آي القرآن الكريم وسنة النبي العظيم وسيرة السلف الصالح عليهم رضوان الله  ما يدعو إلى الحوار الراقي الهادف القائم على الحكمة والموعظة الحسنة وتحقيق العدل وفهم ما لدى الآخر من وجهات نظر كما أن المنطلقات الفكرية والممارسة العملية  التي بنيت عليها النهضة العمانية الحديثة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه ما يؤكد على الحوار والتواصل والشراكة بين الشعب والقيادة والحكومة والمواطنين، وإذا كان الاختلاف بين بني البشر أمر فطري طبيعي سواء في الأفكار والاتجاهات والتصورات والأولويات، فإن هذا الاختلاف ينبغي أن يكون طريقا إلى الحوار وفهم الذات والآخر والتعمق في دراسة الأمور، ليكون دعوة نحو التكامل والتآخي والتصافي والأخذ بيد الآخر ، والمساعدة في اكتشاف الخلل ومواطن الضعف وتحديد جوانب القوة  والتي لا يمكن معرفتها إلا في ظل  الاختلاف.
غير أن تحقيق هذه التوجهات وبناء رؤى إستراتيجية وطنية للحوار الوطني عامة والحوار في التعليم وإدارته بشكل يضمن له جودة المخرجات وتوافقها مع توجهات التنمية والتطوير الاجتماعي  يتطلب العمل على إيجاد منهجيات لإدارة الحوار في التعليم بشكل يضمن له النجاح، فإن بناء أطر عملية مقننة لممارسة أفضل في إدارة الحوار في التعليم يستدعي النظر في الآتي:
·        تأسيس إطار تشريعي لإدارة الحوار الوطني والمؤسسي على مختلف المستويات.
·     إيجاد بنى تنظيمية فاعلة مستدامة تعزز من انسيابية الحوار بين مختلف أطياف المجتمع العماني وعلى مختلف المجالات وبين مؤسسات الدولة المختلفة والمواطنين تضمن لها المتابعة والاهتمام وإجراءات التنفيذ.
·     بناء مهارات الحوار في المسؤولين والعاملين في جميع مؤسسات الدولة وفتح مناخات الحوار المؤسسي بصورة دورية وعلى مختلف المستويات بما يضمن له الاستدامة والممارسة السليمة وتحقق الهدف وإشراك الموظف في مسيرة البناء المؤسسي.
·        تأسيس منابر حوارية تضمن الفاعلية في تحقيق أهدافها وعلى مختلف المستويات.
·        تفعيل لجان الحوار المشتركة بين قطاعات المجتمع المختلفة.
·     تفعيل دور المجالس البرلمانية القائمة (مجلس الدولة، ومجلس الشورى، لجان الشراكة، المجالس البلدية، مكاتب وزير الدولة ومحافظ مسقط، ومحافظ ظفار،،، )بشكل يتيح لها أن تؤدي دورا محوريا في المرحلة القادمة في تعزيز منهج الحوار الوطني وتأصيل ثقافته وممارسة هذا الدور من خلال اطر عملية واضحة على مستوى القائمين عليها أو في منهجيات وأسس عمل هذه المجالس.
·     تفعيل لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي بمجلسي الدولة والشورى لتشكّل أداة  فاعلة وجسر تواصل بين المجتمع والتعليم من جهة وبين مؤسسات التعليم من جهة ثانية  تعزز من مستوى التكامل والتعاون وتعمل على تكوين حلقات ربط قائمة على الشراكة بين البيت والأسرة والمدرسة والجامعة/ الكلية.
·        تفعيل دور الجمعيات ذات العلاقة في تعزيز التواصل التربوي.
·        تفعيل دور الممارسين والشركاء في بناء مناخ حواري إيجابي.
·     أن تتبنى مؤسسات الدولة المختلفة برنامج معتمد في إدارة الحوار على مختلف مستوياته الإدارية والتنظيمية والفنية وعلى مستوى العاملين في المؤسسة بمختلف وظائفهم ومستوياتهم الوظيفية.
      أما تفعيل هذه الأطر والنزول بها في موقع التنفيذ والممارسة بعد الإرادة والاقتناع الذاتي على مستوى الأفراد والمؤسسات  يتطلب شراكة مجتمعية لبناء ثقافة حوار وطنية مستدامة ويصبح من الضروري تضافر الجهود وتعاون جميع مؤسسات الدولة المعنية فيما بينها من أجل تحويل الحوار إلى سلوك عام وثقافة متأصلة لتشمل جميع أفراد المجتمع ، من خلال تكامل الأدوار وتحديد أطر العمل ووضوح المنهجيات والصراحة والشفافية والثقة وحسن الظن بالآخر، كما يتطلب تعاونا في تنفيذ المهام في إطار تحقيق تربية حوارية تنعكس إيجابياتها  لصالح الفرد والمجتمع، على أن يحدد لكل جهة مسؤوليتها في هذا الإطار وتحدد هي بدورها آلية عملها وكيفية تنفيذها لهذه المهام والمسؤوليات.
     ولضمان تحقق ذلك فمن المهم  من إعطاء الحوار بُعداً مؤسسياً رسمياً متواصلاً، لا أن يكون حواراً عابراً وفق ما تقتضيه الظروف، ويمكن في هذا السياق تفعيل اللقاءات والاجتماعات الدورية وجلسات عصف الأفكار بين جميع العاملين في المؤسسات وبين الإدارة العليا بالمؤسسة والعاملين فيها، إلى جانب فتح منافذ متنوعة للاستماع لصوت المواطن في كل مواقع العمل والمسؤولية من خلال الشبكة  الداخلية للمؤسسة أو الوسائط الإلكترونية المختلفة والتعامل مع متطلبات ومقترحات المواطنين والشباب منهم بشكل ايجابي، مع الأخذ في الحسبان أسس الحوار البناء المتمثلة في الموضوعية والفهم والوعي والاصغاء، وتجنب الافتراضات أو الصور الذهنية المسبقة.
وإلى لقاء آخر
إدارة الحوار في التعليم، النظرية والتطبيق،  د. رجب بن علي العويسي، مكتبة الفلاح، 2012م

تعليقات