بين ضعف الضمير وسخرية اللسان، ماذا يمكن للأمة أن تقدم للتنمية والإنسان؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com



بين ضعف الضمير وسخرية اللسان، ماذا يمكن للأمة أن تقدم للتنمية والإنسان؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
Rajab.2020@hotmail.com
........................................................................................
30/11/ 2012م الساعة 10.30 مساء
‏30‏/04‏/2013‏ 03:10:47 م
نبدأ حديثنا بتساؤل يومي ماذا قدمنا لأنفسنا وأمتنا، ماذا أوجدنا لها؟ وماذا صنعنا من أجل تقدمها؟ وكيف أعددنا أنفسنا لتحمل مسؤوليتنا التي علينا القيام بها؟  فإما أن نعترف بقدرتنا على تحقيق اهداف أمتنا أو كمن قال الله فيهم ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا؟  قبل فترة بسيطة كنت قد كتبت مقالا بعنوان " أمة بهذا الحجم من الثراء الفكري ، ما العائق في أن تتقدم ؟ إثر قفزة فيلكس؟ واليوم نحن أمام تحد آخر لا نفهم ماذا أعددنا له، وكيف أعددنا أنفسنا لفهمه وتحمل تبعاته ، وما المطلوب منا لتحقيقة بالشكل الذي نرضى نحن عنه قبل الآخرين؟ إنه تحدي الفكر وفقه الكلمة وصياغة المعلومة، إنه البناء الفكري الإنساني مرة أخرى الذي اصبح في ظل وجود مسوغات يرى البعض انها السبب في ظهوره كالتكنولوجيا ومن بينها وسائل التواصل الاجتماعي والواتس اب وغيرها  يحمل دلالات عده تبرز ضعف في الضمير الإنساني والإرادة الواعية لتصيح مسار الذات وتقويم اعوجاج السلوك وضبط نطاق الكلمه التي أصبحت تحصر ذاتها في القيل والقال وترديد الضعيف من القول والشائن من السلوك باعتباره هو السبيل لتخليص الناس من مسؤولية الحياة.
حديثنا هذا يأت في إطار قضايا متنوعة وأحداث تتوالى تشير إلى وجود علامة استفهام حول ما نريد؟ وما الذي نهدف لتحقيقة؟ والحقيقة أننا أصبحنا في عالمنا نهرف بما لا نعرف؟ نتحدث بدون أن نعي ما نقول؟ ونتكلم بدون أن نضع لكلامنا أي اعتبار لما قد نقوله، أو بمعنى آخر أننا اصبحنا لا نفهم ولا نعي  اي شيء، والسبب هو أننا ما زلنا نعيش في دوامة قصيرة وزاوية واحدة وغرفة ضيقة هي القيل والقال ؟ ما زال حديثنا لم يستطع أن يعبر عن حقيقة دورنا بل ووجودنا ومسؤوليتنا في هذه الحياة ونحو هذه الحياة مسؤوليتنا نحو الوطن والدولة والإنسان والتنمية، ومسؤوليتنا في صلتنا بالله سبحانة وتعالى؟  لذا اصبح اهتمامنا بقضايا لا تشكل أهمية في بناء أمة وتأسيس دولة وتطوير مجتمع؟ وما زال حديثنا لم يصل إلى جانب التوازن والاحترافية فما زلنا نرضخ قي قيود المشاعر التافهة ،  لنسأل أنفسنا ما مسؤوليتنا نحو وطننا وأمتنا؟ هل وصل بنا الأمر إلى كوننا مجرد ناقلين للمعلومات؟ مرددين للكلمات كالببغاء؟ هل قصرنا نظرنا على مجرد قراءة ما قد يحوى في ذاته مجرد مهاترات وتضييع أوقات وسب وشتم ولعن وانتقاص من الآخر؟ أو مجرد ترديد مهاترات ممن  يعملون بوجهين مختلفين في وقت واحد ثم نردد كتاباتهم على أنها الحق أو على أنها الصدق أو على أنها المثال الذي على الآخرين ان يأخذوا منه ولو بطرف خفي؟ ثم بعد أن نخطئ نرمي التهمة على التكنولوجيا على أنها السبب وأن على الجهات أن تضع حدا لها في حين أننا ننزعج عندما لم تقدم لنا بالشكل الذي يريحنا أو يعبر عن رغبتنا.
هذا في وقت تنناسى فيه كل الايجابيات التي جاءت من اجلها التقنية والتكنتولوجيا، والطريقة السليمة التي يمكن أن نوظف فيها التقنية لخدمة أنفسنا ومجتمعنا وأمتنا، متناسين سر وجودها بل ومتهكمين في احيان أخرى من طريقة تقديمها؟ هل وجدت فقط من أجل مساندتنا ومساعدتنا في الاسترسال في افكارنا البالية وعقائدنا المغلوطة ومعلوماتنا التي بات الاخرون يتحكون فيها، فأصبحنا لا نردد إلا كلام السفهاء من الناس أو نتداول كلام أولئك الذين لا يحملون هم المسؤولية ولا يعون مفهوم الانسانية الواعية ولا يعيرون لجانب الاخلاق والقيم  اي اهتمام في قاموسهم ومنطقهم الحائر،  لتصبح كلماتهم هي بمثابة طعامنا اليومي وغذائنا وسبيلنا للاستئناس والاستجمام والترويح مع اطفالنا وأسرنا وفي أماكن تجمعاتنا؟ وليصبح كلام تلك الفئة من الناس هو ما نردده وهو ما نحتفظ به في هواتفنا على اعتبار أنها نكت للترويح عن النفس أو معالجة هموم الحياة؟ هل زين لنا الشيطان كل سيئ ليصبح هو المنهل اليومي الذي من خلاله نبني حياة مجتمعنا ونرقى بمجد أمتنا؟ أين الكلمة الطيبة المعمقة التي تبني العقول وتصنع الأفكار وتنمي لدى أبناء الأمة الخيال والتفكير لنردد الاشاعات ونقتصر على قراءة تلك المعالجات البسيطة والبطئية والقاصرة على فهم حقائق الموضوع وحيثياته ،
هل أدركنا مسؤوليتنا نحو وطننا ونفهم حقيقة مسؤوليتنا لنقصر ذاتنا على ترديد الضعيف من القول او الكلام الذي يقصد به اثارة فتنه او قلب الباطل إلى حق، وتغيير نمط تفكير الناس ، ليكون هو المستساغ لدينا لنبحر في عالم السخرية والتهكم والاستهزاء والاستنزاف لقدراتنا وأموالنا وعقولنا، ومهاراتنا وما نمتلك في حياتنا من اشياء ومكونات جمالية نوعية حبانا الله بها، لنظل نقصر حياتنا على ترديد كلام الاخرين ممن لا يحملون وزنا للكلمة ولا يعرفون منطلقا للصدق ولا يفهمون نمطا للحياة ولا يعيرون للوطن والتنمية والانسان أي اهتمام ، ونثبت للآخرين بان ما قيل هو الحق، ونظل نصرخ ونحاج بعضا حول بعض الموضوعات والقضايا الحاصلة، لنصرخ للآخر  ألم تسمع إلى الكاتب الفلاني أو الكاتبة الفلانية؟ أليس ما فقيل من كلام هو الحق والصدق، ثم ألم تسمع ماذا قال فلان وعلان ، ونبدأ نضحك ونضحك لنطلق العنان لكل مواهبنا وخبراتنا وحياتنا لتتجه لمسار آخر يبعدنا عن حقيقة وجودنا في الحياة، فتصبح السفاسف من الأمور ، أو الأمور التي لا تشكل جوهر هذه الأمة هي ما يطفو على السطح وهي ما تسلط عليه الأضواء وما يتردد على الأسنة وما تتناقله وسائل الاعلام، وما ينبري في الكتابة عنه الصحفيون، وهو مادة سائغة لخطباء الجمعه ، وكا، ذلك الأمر هو ما يعني الأمة فقط  وهو ما ينبغي أن توجه من اجله جهود الاصلاح وما تقف عليه وحدة الناس في تغيير المنكر باليد او باللسان، متغاضين عن حقائق أدق ومشكلات أعمق وأولويات أهم ومسائل تحتاج إلى اجابة ، وتوجهات تحتاج إلى أن تتكاتف جهود الجميع من أجلها؟  قد يصنع أحدنا النكته والمهزلة والمسخرة ويمتلك المهارات التي تحقق له هذا الأمر الا انه لو طلب منه عملا يحقق للأمة نحاجا وتميزا ويستشرف به مستقبلها تغيب عنه القريحة وتضعف البصيرة ويقصر فكره على النقل ولسانه على الترديد " قال فلان وقال فلان " دون أن تكون له سبق انتاج الفكرة أو صياغة الجملة أو تقديم المقترح أو وضع الرؤية أو تحليل الموضوع أو دراسة الحالة بيد أنه من السهل أن يصيغ النكته التي تضحك الناس ويحبك القصة الواهية التي تستهوي الملايين من الناس، ويختلق المعلومة الكاذبة التي يتجمع حولها الناس ويتناقلها الجميع على صفحات التواصل الاجتماعي وعلى الواتس أب ويرددها الجميع وكأنها الحق الذي لا غنى عن الجميع من فهمه، أو المعلومة التي يجب أن لا تفوت أحد أبدا؟ إلى متى سيظل تفكيرنا بهذه الصورة الخالية من اي معنى ، وإلى متى سنظل بهذه العشوائية والتخبط والارتجالية  التي لا تهتدي سبيلا ، ونظل نسبح في عالم خيالاتنا بأن ما نقدمه هو الحق والصدق وهو ما ينبغي ان يكون في إطار قناعتنا بحرية التعبير وحرية الرأي والتنفيس عن الكرب، هل حرية التعبير التقول والسخرية والاستهزاء واثارة الفتنة وتأليب الناس وتوجيههم لاثارة قضايا وأفكار ونعرات بعيدة عن الحقائق والأولويات، ونعطي لأنفسنا الحق في التفكير بهذه الطريقة التي ننزل بها عقولنا إلى  الحضيض، متوهمين في أذهاننا بأن زمن الكبت للحريات ولى ولم يعقب، وأن هذا الزمن هو زمن الشباب ، وأن زمن الكبار قد انتهي، وووو، وقد نسينا أننا لم نستطع أن نصنع ما صنعه الكبار من أجلنا ، ثم ألم نعي بأننا لن نستطيع ان نبني وطننا في ظل تحجر في الفكر وغياب للضمير الحي ولغط وغلط نكرره بالسنتنا ونوهم ابناءنا والعالم بأننا في زمن الحرية يمكن أن نتصرف بأي شي ونتقول بأي شيئ ليضيع عن وجوهنا ماء السماحة والحياء والعلم والفهم والوعي ، ولنصبح اضاحيك لمجرد ترديدنا لأضاحيك تنسينا مسؤوليتنا وحياتنا ودورنا في مجتمع يبغي منا الكثير، وقيادة تبصرنا بدورنا ومسؤوليتنا في مختلف مجالات الحياة ولنقصر انفسنا على ترديد عبارات وتفاهات وافكار قد لا تكون هي المعني بوجودنا في مجتمع العزة وأمة التقدم  ، أمة أرادت ان تكون لها قوتها وصهوتها بين امم الأرض قاطبة.
 لقد بتنا اليوم في وضع  يكتنفه الغموض  وعدم الفهم حول كيف نبني مستقبل وطننا وكيف نؤدي مسؤوليتنا ليصبح طموح البعض على أنه شيء من الاعجاز المولد للسخرية ولعمري هي سخرية بني اسرائل من موسى عليه السلام من العصا وهي سخرية قوم نوح عليه السلام من نوح وهو يصنع الفلك، ولكن ألا نعي أن مسؤوليتنا هي اعمق من ترديد تلكم السخريات إلى أن نقف عليها ونتأملها بعين المبصر وقدرة المفسر وحكمة البليغ، ورؤية القائد،  فبالأمس كان حديث الناس يتناقل ذلكم الطموح الذي راود بنات هذا الوطن في قيادة الدراجة، وهو وإن كان ليس بغريب في حياتنا اليومية وأمر اعتدناه إلا أنه اثار حفيظه الكثيرين وأصبح الحديث يتناقل بشكل انتقل من مرحلة التحليل والدراسة والقراءة و التعمق الى مرحلة السخرية والاستهزاء والنكت والضحك والتقول والانتقاص ، وأصبح البعض يردد الكثير من الكلمات الغير مسؤولة عن الوطن والإنسان والدولة والحضارة التي قام عليها هذا الوطن ، واليوم شكل حديث أحد المترشحين للمجالس البلدية احد الموضوعات الرائجة على شبكات التواصل الاجتماعي والواتس اب وأصبح الكثيرون من ابناء هذا الوطن يتناقلون هذه النكت والابتسامات والضحكات والاستهزاء  ، دون وعي وفهم ودون بصيرة أو قراءة او تحليل لأي بعد من الابعاد ذات العلاقة بالموضوع والعوامل المؤثرة على تشكيلة الموقف الحادث والسبب في وجوده، وبدون دراسة متفحصة للسبب الذي أدى إلى ظهور هذا الطموح أو أوجد هذه النظرة من هذا المواطن المترشح أو تلكم الفتيات اللاتي رغبن في قيادة الدراجات النارية ، ليصبح العمل المقدم من هؤلاء والطموح الذي ابداه هؤلاء على انه الشر المستطير والفاجعة الكبرى والمهزلة التي تقصي بالوطن وتهوي به إلى الأسفل، ونسي هولاء الذين يصنون السخرية والكلمة الكاذبة والسلوك السلبي انهم من يتسبب في تضييع هيبة الأمة وهم من يعملون على التنقيص من قيمتها وقدرتها ويضعون لنجاحاتها العراقيل في صيغه الكلمة التي يكتبونها والقصة التي يختلقونها والتي بلا شك يقرؤها كل من على ظهر هذه البسيطة في طريقة  تناقلها من قبل وسائل التواصل الاجتماعي والتي بلا شك ستحكي عن مهزلة امة في اهتمامها بسطحية الاشياء ونسيانها لكنه الأشياء وعمقها والكلمة الصادقة والعلم والمعرفة اليقينية واهتمامها بالبحث والتفكير والعلم واهتمام شبابها ببناء ذواتهم والانتصار لأمتهم وانكبابهم على العلم والعمل الجاد ، وسلوكهم مبدأ القدوة في الاخلاق والقيم الرفعية والنموذج الحسن في الحياة والبناء والتطوير، حتى ليفكر من يقرأ ما تحوبه قرائح الضعفاء من هذه الأمة والذي يفوق الوصف  بحجمه وثقله وانتشاره ما قد تصنعه الأيادي المجيدة والعقول الواعية وما تفصح عنه الحناجر الصادقة والأقلام الهادفة ، لتصبح الأمة في نظر قراء ومتابعي كتابات ابنائها بأنها أمة لا تسعى لبناء المعالي ولا تعير للمعرفة الجيدة والفكر الرصين والكلمة الحسنة والنموذج الأمثل أي اهتمام ومتابعة بقدر متابعتها لمثل تلك المهاترات والتفاهات.
إن ما يتم تناقله وما تكتبه قرائح أولئكم الذين هم في حقيقة الأمر من يسيئون للأمة  دليل واضح على ضعف الضمير وضياع الوعي وبعد الناس عن  البناء الذاتي وتقويم النفس وضياع منطق المساءلة الذاتية والتبصر في الحياة ،  ليصبح تهكمنا على ما يقدمه المخلصين من ابناء هذا الوطن في اي مجال من مجالات الحياة،  يحمل دلالات كثيرة من بينها إلى أي مدى استطعنا بناء الانسان الواعي لذاته ووجوده والقادر على فهم حقيقة وجوده ومسؤوليته نحو نفسه والآخرين والمجتمع والأمة وإلى أي مدى مكنا هذا الانسان منذ نعومة اظفاره وأعددناه لتحمل هذه المسؤولية وأن يحسن الظن في ذاته ويعمل على رقابة نفسه قبل الاخرين وإصلاح سلوكه قبل سلوك الآخرين ؟ وإلى أي مدى استطعنا أن نصل بهذا الانسان إلى مرحلة من القدرة على رسم حياته المستقبلية وقدرته على التعامل مع كل المعطيات في اطار واضح يضع قيم الذات وصدق المسؤولية وتقوية الضمير ووضوح الكلمة ومعياريتها كأحد الاسس التي يحتكم عليها في بنائه الداخلي وتفاعله مع الوطن والأمة؟ ثم إلى أي مدى استطعنا أن نغرس في ابناء هذا الوطن قيم الصدق والاخلاص والمواطنة والمسؤولية لتكون هي منهجه في الحياة وطريقه للنجاح؟ إن كل الحقائق التي يظهرها واقعنا والتي اصبحت التقنية هي من تديرها وتتحكم فيها وتضبط مسارها في غياب الوعي والضمير والحس والفكر الانساني، وبدون ادراك منه وبدون فهمه لمجريات حياته تحتاج الى وقفة نتأمل فيها ممارساتنا واسلوبنا وطريقتنا في الحياة بل  وآلية عيشنا في الحياة بخيرها وشرها ؟ ثم إدراكنا ورغبتنا لأن يكون لنا موقعنا في عالم تتحكم فيه المعرفة والكلمة باعتبارها هي اساس التنافس وما يمكن أن تقدمه للبشرية من عطاء وتقدم هي المعيار الذي تقيم على اساسة الكلمة وتدرس على اساسه المعلومة ، بيد أننا ما زلنا لم  نفهم تلك الكلمة التي نريد العالم أن يأخذها منها، أو لم نستطع أن نوصل للعالم الكلمة السليمه التي نعتقد اننا نريد أن تصل إليه؟ هل لأننا ما زلنا بعد لم نعي هذا المعيار الذي يقود العالم أم أننا نريد أن نكون في اتجاه آخر نضحك فيه على انفسنا ونسلي فيه العالم لنكون نحن طريق التسلية والترفيه والهزل في حين ان العالم يصنع المعجزة وينجز كنه الكلمة .
إن ذلك كله يضعنا أمام واقع جديد يحتم علينا تغييرا جوهريا في ذواتنا ونمط تفكيرنا واسلوب عملنا بل وفي كل كلمة نتفوه بها في حياتنا ، إنه يضعنا امام مسؤولية لا تقبل النقاس ولا تنتظر التفكير وهو ماذا نريد ان يفهم العالم عنا ، وما الرسالة التي نريد أن نوصلها للعالم والأمم من حولنا؟ هل نريد أن نذكر العالم بأمجادنا السابقة وحضارتنا الماضية وننسى حضارتنا الحالية التي بنتها رجالات هذه الوطن ذكورا واناثا ، أولئك المخلصين الذين ما فتئوا يخدمون هذا الوطن ويقدمون له التضحيات؟ هل نريد أن يفهم العالم عنا أننا أمة جاءت من أجل التسلية والضحك، وأنها امة مهمتها في الحياة صناعة التسلية، وتقصر نظرها على سفاسف الأمور؟ هل نريد أن نثبت للعالم أننا غير قادرين على اللحاق بركب الانسانية واختراعاتها واكتشافاتها ورفد الفكر الانسان  بالرصين من الكلام والصادق من القول والسلوك الممارس الذي يحمل في ذاته قوته وهيبته؟  إن مسار تفكيرنا وطريقة تعاملنا مع اولويات وطننا وطريقة تفاعلنا مع مشكلاته والأسلوب الذي ننظر به إلى كل الاحداث التي تحصل في وطننا  هي المقياس  الذي يؤصل صورتنا امام الآخر،  وهو المعيار الذي يحكم علينا الاخرين في ضوئه، فإما أن يكون لنا تفكيرنا الاستراتيجي  الذي يعبر عن هويتنا وخصوصيتنا وقيمنا ومبادئنا، ونظرتنا المتوازنة وتحليلاتنا الدقيقة وتركيزنا على الاولويات وإنجاح الاهداف العامة للامة ، والتي بها نسعد وننجح ونرقى ونرتقي ويكون لنا شأننا في العالمين، وإما ان نحط بأنفسنا ليصدق علينا قول البعض يأ أمة ضحكت من عهدها الأمم ؟
إن وطننا يريد منا الكثير وهو بحاجة لفكرتنا ورؤيتنا ونظرتنا وحديثنا وكتاباتنا وتحليلاتنا ، هو بحاجة لأن نكون يدا تبني وفكرا ينمي ولسانا يفسر، وعقلا يخطط، وقلبا يحب ويعشق، وطننا يريد منا الكثير من العمل والانجاز والعطاء فلا نبخل عليه، ولا نضيعه بتفاهة تفكيرنا وضعف ضميرنا وسطحية فهمنا، نعم........ لنطمح بلا حدود ولكننا نخطط في ضوء مراجعة ومعالجة واستشراف الموجود، لنحلم أننا نريد أن نركب الفضاء ، ولكننا أيضا لنعمل على بناء عقول ابنائنا لصعود الفضاء واكتشافه، لنحلم اننا نريد ان نحقق كل شيء ونتأمل أننا سوف نحقق كل شيء ولكننا ايضا نضع لأنفسنا اطار عمل محدد يوصلنا إلى ما نريد،  ومنهجيات عمل واضحة وحدود عمل مؤطرة، ونشخص ما لدينا وما نملك وما لا نملك وكيف يمكن أن نوظف ما نملك لتحقيق ما نطمح في إطار مبتكر وسنه  متدرجة. فلنعي ما نريد ونفقه ما هو مطلوب منا، وندرك مسؤوليتنا وحدود صلاحيتنا، بيد أن في طموحنا لا نقف على سكة قطار أو مدرج مطار فهي ليست بالمعجزة ، وعندما لا نضع حدود لإرادتنا للعمل ورغبتنا في الانجاز وسلوكنا في العطاء ومنهجنا في التعامل، عندها نستطيع أن نبني المطار ونوجد القطار ونقود الدراجة بكل ثبات وثقة.
وإلى لقاء آخر

تعليقات