ندوة تطوير الأداء الحكومي والأدوار المأمول منها تحقيقها ، د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com



ندوة تطوير الأداء الحكومي ،،،،
ما مدى القوة في طرح موضوع تقييم الأداء المؤسسي  ضمن توصيات الندوة وهل من خطط عمل قادمة نلمسها في هذا المجال؟
منظومة الأداء في المؤسسات التعليمية  لها خصوصيتها وطبيعتها،  فهل تمت مراعاة هذا الجانب في طرح قضايا تطوير الأداء الحكومي ، وطبيعة ونوعية وحجم الدعم والمساندة التي ستقدم له على المدى البعيد؟
......................................................................................
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي – rajab.2020@hotmail.com
29/9/ 2012م
.........................................................................................................
بعد ثلاثة أيام من النقاش والحوار الذي تم في فعاليات ندوة آليات تطوير الأداء الحكومي خلال الفترة من 15 حتى 18 سبتمبر2012م، بمشاركة اصحاب القرار ومؤسسات الدولة التشريعية والتخطيطية والرقابية ، وما خرجت به توصيات الندوة ، نطرح هنا بعض التساؤلات وأهمها ما نصيب الأداء التعليمي في أعمال هذه الندوة؟،  وهل تمت مراعاة جانب الخصوصية والمهنية في جانب المنظومة التعليمية بمدخلاتها وعملياتها ومخرجاته؟،  وإلى أي مدى يمكن أن تشكل هذه الندوة محور عمل مؤسسي قادم يشمل كل المؤسسات بدون استثناء؟،  لا شك بأن طموحنا كبير أن تكون هذه الندوة منطلق يمكن البناء عليه، والاسترشاد به ، وهي في توصياتها ترسم الخطوط العريضه لعمل مؤسسي قادم بكل حيثياته ووحداته وتوجهاته،  ومنظومة التعليم أول منظومات المجتمع التي هي بحاجة لتكاتف الجميع وتفعلهم مع قضاياها، فبناء نظام تعليمي يلبي الحاجات ويحقق الطموحات ويصل بالمجتمع وأفراده إلى مستويات من الرقي والوعي لا يتحقق إلا في ظل قياس نتائج مؤشرات عمل واضحة، وإتباع منهجيات وأساليب ونظم تقييم متنوعة ومقننة ووجود معايير قياس محددة تعمل في ضوئها المؤسسات التعليمية على اختلاف مستوياتها الإدارية،  لذلك كان الأداء التعليمي في المؤسسات محل نقد ورأي وتساؤلات  مستمرة عديدة ومتنوعة من قبل الطالب وولي الأمر والمجتمع ورجال الأعمال وقطاع التربويين ، وأصبحنا اليوم لا نقرأ مجلة أو جريدة أو موقع الكتروني إلا ويتناول قضايا التعليم ويناقش إحدى محاوره ومجالاته، ويشخص واقعه ،  وتحدياته وجوانب قوته وضعفه، وأصبح الأداء التعليمي على لسان كل فرد في البيت والشارع والمؤسسات، وعلى ألسنة الكتاب والباحثين وغيرهم، مما يعني وجود وعي وقناعة واهتمام مجتمعي بالتعليم كونه يشكل أهم عنصر في بناء المجتمعات ، وتطوير مواردها البشرية، وطريقها نحو عمليات التغيير الايجابية والتحول النوعي ،
وبالتالي فإن ما يثار من نقاشات حول الأداء التعليمي والمبررات التي تظهر من البعض كون التعليم والأداء التعليم عملية لا يمكن رصدها بسهولة أو تحقق نتائج في غضون وقت بسيط وتحتاج لمزيد من الوقت لا يعني بأي حال من الأحوال أن انتظار النتائج هو الكفيل بحل المشكلة، وهو ما يعني الحاجة إلى تقييم دوري ومستمر لكل مرحلة من المراحل بل ولكل الجزئيات ، من خلال تناول مجالات محددة وقياس مستوى تأثيرها وتأثرها في الواقع التعليمي وكيف يتم  تناولها في الواقع التعليم  ورأي المستفيدين من تحقيق هذه المهمة التعليمية، هذه العملية لا شك أنها ما زالت لم تبرز على السطح في الأداء المؤسسي التعليمي ، وما زالت لم تحظى بالاهتمام  والمتابعة والرصد الدقيق لكل حيثياتها وجوانبها، وما زالت عملية المتابعة والرصد المتبعة تقليدية وقاصرة عن رصد مؤشرات التعليم ونتائجة، والإفصاح عن حقائقه، ومازالت محصورة ضمن نطاق محدد وغير واسع ، وبالتالي فمازالت غير قادرة عن الوصول ‘لى مؤشرات حقيقة عن الأداء التعليم، وهو ما يعني الحاجة إلى رصد النواتج والمؤشرات التعليمية من خلال الموقف التعليمي الحاصل والمنفذ  وقاعات التدريس والنواتج التي تنعكس على سلوك الطالب المتعلم وأدائه ومستوى المهارات المتوفرة لديه ، ونوعه المهارات ومستوى التمكين الذي يحظى به المتعلم في منظومة التعليم ، هذا من شأنه ان ينقلنا لمشكلة أخرى وتساؤلات عدة وهي إلى أي مدى يمكن القول أن نظام التقييم والمتابعة والرصد التي توجه للطالب في المؤسسات التعليمية يمكن تعبر عن واقع عمل الطالب ويمكن أن ترصد لنا حقيقة المهارات التي اكتسبها أو يكتسبها ، ثم ما نوع هذه المهارات، وكيف تتكامل المؤسسات في ابرازها بالشكل السليم الذي يكمل بعضه بعضا، ولماذا ما زلنا نطلب من الطالب امتلاك مهارات في التعليم الجامعي يفترض أنه يمتلكها وهو في التعليم المدرسي أو قبل المدرسي في أحيان اخرى،  هذه الاشكاليات في نظام التقويم، والآليات والحاصلة، وتداخل المصطلحات بين عملية التقييم والرصد وعملية التقويم، والغموض الحاصل بعض الشيء في جوانب التقييم وعدم استقراره وتدخل الآخرين فيه بحكم نتائجه، وعدم وجود الدراسات العلمية التي تثبت لنا مدى نجاحه أو ضعف مردوده، هذه الاشكاليات تأخذ أيضا في الحسبان مشكلة محتوى المنهج الدراسي ومنظومة التعليم النوعي، وطبيعة المواد الدراسية والمدى الذي يريد التعليم أن يصل إليه من هذه المواد، وعلاقة ذلك بسوق العمل ومهارات الحياة، والإشكاليات الحاصلة في بنية المناهج والأخذ والرد في عملية التكاملية بين العلوم الانسانية والعلوم التطبيقية والمهارات الحياتية، هذه الاشكاليات اثرت وما زالت تؤثر في مستوى وطبيعة القائمين على التعليم من معلمين وأعضاء هيئة تدريسية وإداريين ومستو ى القناعات المتوفرة لديهم حول مسئولياتهم ومستوى الانتماء المهني للرسالة التي يؤدنها، وهذا يرجعنا أيضا إلى طبيعة الحوافز والاهتمام والعناية الدعم والمساندة التي تقدم للعاملين في التعليم والقائمين على تدريس المنهج ونقل الصورة الواقعية والسليمة للطلاب بمختلف مستويات التعليم المدرسية والعالي والجامعي للطلاب ، ومستوى التأثير الحاصل في ذلك، هذا بدوره  يعود بنا إلى مستوى الدافعية والرغبة والحماس المتوفر لدى الطلبة حول الدراسة ونظرتهم للتعليم وعملية التعلم، والفرص المتاحة لهم بعد تخرجهم، وارتباط مهاراتهم بسوق العمل، والفجوة الحاصلة بين المهارات التي يتقنها الطالب والكفايات المتوفرة لديه والمهارات الحياتية أو المهارات المطلوبة في سوق العمل، ثم مستوى البدائل والخيارات ومساحة المرونة المتاحة للطالب في التعليم بمعنى هل للطالب الفرصة في اختيار المسار التعليمي الذي يناسبة؟ خاصة بعد مرحلة الصف التاسع، وهل سيتجه للتعليم المهني أم التقني، أم الفني، ثم  مساحة المرونة الحاصلة للطالب في عملية الاختيار من بين المواد ونوعية المواد التي يدرسها في مستويات التعليم وعلاقتها  بانخراطهم في سلم العمل المهني .
لا شك إن هذه الاشكاليات تتنوع وتتعدد في ظل الحاجة المجتمعية للتعليم ، ومستوى الرضا الذي يمكن أن تحققه منظومة الاداء التعليم بالنسبة للطالب بشكل خاص ومدى قناعته بالتغييرات والتوجهات والبرامج والمشاريع التي يمكن تبنيها في إطار بناء قدرات الطالب وترسيخ قيم العمل المهني في ذاته وممارساته، فإن عدم وضوح الدور المطلوب من التعليم بمختلف مستوياته يصبح في قائمة الاشكاليات والتحديات التي تعانيها المؤسسات التعليمية، ما المطلوب من التعليم المدرسي هل يؤهل لسوق العمل أم يبني مهارات الطالب في التعليم العالي، وما نوع المهارات المطلوبة في التعليم العالي ، ماذا يريد التعليم العالي من التعليم المدرسي، والعكس؟ ثم هل تعكس نتائج البرنامج التأسيسي لمدخلات الجامعات والكليات من خريجي الدبلوم العام إشكالية في طبيعة التعليم المدرسي والمهارات التي يكسبها للطالب أم طبيعة ونوعية المدخلات من المعلمين والمناهج والطلبة ونظام التقويم، أم أن الاشكالية ايضا في طبيعة البرنامج التأسيسي ذاته ومستوى العمل الذي يؤديه، والمعلومات والمهارات التي يتطلبها، ومستوى التوافق والانسجام الحاصل بين هذين النظامين في  سد الفجوة أو ايجاد حل للمشكلة ويطرح في المقابل سؤال أخر حول حجم إسهام التعليم العالي في التعليم المدرسي في مناهجة وطرائق التدريس وبناء مهارات المعلم ، وتغيير لغة الخطاب التدريسي، والمساحة المتاحة للتعليم العالي والجامعي  في هذا الجانب، وهو ما يوصلنا لمشكلة أخرى وهي حجم الثقة والشعور بأهمية التكامل والتفاعل بين هاتين المؤسستين وينطبق هذا على كل المؤسسات، ومدى وضوح برامج الشراكة الحاصلة بينها، إن المتابع للأداء التعليمي في منظومة المؤسسات التعليمية يجد تركيزه بشكل اكثر على منظومة الهياكل التنظيمية والبحث عن طبيعة الصلاحيات وتنازع بعض الاختصاصات بشكل يفوق  تركيزه على الأداء التعليمي للطالب، والصراع الوظيفي الحاصل في طبية عمل المؤسسات ومركزية القرار أدت إلى الاهتمام بقضايا قد لا تخدم العمل المؤسسي والأداء بشكل كبير على المستوى البعيد، هذا الاهتمام الحاصل في التغيير الهيكلي والوظيفي بالرغم من أهميته إلا أنه لم يكن على مستوى من التوازن مع ما يحصل في الأداء التعليمي المؤسسي وفي الغالب لم يكن له ذلك الهدف الواضح في ارتباطه بمنظومة الأداء، فمنظومة الأداء كما هي لم تتغير والسبب يكمن في الهدف المتحقق من ذلك، ومستوى وجود الرؤية المستقبلية  في التغير الحاصل في منظومة الاداء الاداري وطبيعة الهيكل التنظيمي وصراع الوظائف في أنها كانت بعيدة عن تشخيص مستوى الممارسة في الميدان التعليمي وقاعات التدريس ، لذلك لم يظهر لها التأثير المناسب ، ليس في هذه الفترة بل لفترات سابقه، وهو ما يعني الحاجة إلى رؤية أعمق في مزيد من الربط والتكاملية بين الممارسة الادارية والأداء التعليمي ، وإيجاد نوع من التكامل والتأثير بين منظومة الأداء والتقييم والرصد،  بل وتكامل بين هيكلية البناء المؤسسي والأداء دخل الصف الدراسي، وقاعات التدريس، والممارسات التي تتم والتفاعلات التي تحصل مع الطالب والمنهج والممارسة الصفية، وطبيعة القرارات والتوجهات والمرئيات والمشاريع والبرامج التي تتخذ على المستوى المركزي الرسمي في المؤسسات التعليمية،
وعليه فإن ما تم طرحه ضمن توصيات الندوة في  موضوع قياس معدلات الأداء يتطلب بلا شك بناء منظومة شاملة متكاملة لتقييم الأداء المؤسسي في المؤسسات التعليمية تضع آليات عمل واضحة محددة للتقييم والمتابعة والرصد لبناء مؤشرات واضحة للعمل المؤسسي في جميع مجالاته ومحاوره المختلفة، وهو ما يستدعي بناء معايير واضحة يسير عليها العمل المؤسسي تضمن جودة وكفاءة المدخلات والعمليات وبشكل يعزز من جودة المخرجات، وبالتالي يضع إطار عمل للمحاسبية الوظيفية والمساءلة الإدارية والثواب والعقاب ، والحوافز والمكافآت،  بحيث يعالج هذا الجانب الاداء الوظيفي على مستوى اداء الافراد وأداء المؤسسات، ويستفيد من كل المعطيات الحاصلة في المؤسسة ويوظف عمليات المتابعة والتقارير الأدائية الادارية والفنية والتقنية في سبيل بناء  منظومة الأداء المؤسسي، هذا من شأنه أيضا أن يتخذ إجراءات عمل بشأن تعزيز ثقافة تقييم الأداء وترسيخه وتمكينه في عمل المؤسسات التعليمية على مختلف المستويات.
وعليه فإن تناول هذا الموضوع في هذه العجالة قد لا يكون متحققا وكافيا، فموضوع الأداء التعليمي جل معقد وشائك ومتداخل ويحتاج إلى الكثير من الحلقات لإبرازه بشكل مدعم بالشواهد والأدلة ونماذج العمل ليضع الجميع أمام مسؤولية واحدة وقناعة لا تقبل الاختلاف وهي أن الشراكة بين ومع المؤسسات التعليمية هي السبيل لأداء تعليمي ناجح، والوصول إلى ممارسة تعليمية أفضل والبعد عن الذاتية في اتخاذ أي سياسة أو رأي في تبني مشاريع ومبادرات التعليم، فإن الاستشارة وإتاحة الفرصة للكفاءات في المؤسسات التعليمية الأخرى للتفاعل مع الحدث والمشاركة في الموضوع وتمكينهم من ابداء الراى ومناقشة الموضوع في إطار مجتمعي واسع يمكن أن يحقق جزء من الهدف الذي نسعى إليه والطموح الذي نرغب في تحقيقه، هذا الموضوع – أي الشراكة الحقيقة- لا شك بأنها تتطلب المزيد من الجهد المشترك والعمل المقنن ووضوح في الاليات ومنهجيات العمل، والحوار والجلوس على طاولة واحدة لتبادل الحديث واتخاذ القرار في كل ما من شأنه الارتقاء بمنظومة التعليم ، ولا شك فإن وجود مجلس للتعليم  وما اشرنا إليه من توجهات تسعى الدولة لتحقيقها سوف يوفر فرص الدعم والمساندة  للوصول إلى الهدف من تحقيق  هذه الغايات، فإن الحكم على الأداء التعليمي إذا توفرت له الأدوات والآليات ووضعت له المعايير والمؤشرات، وعزز بالخبرات والكفاءات، لا يحتاج لسنوات لتقييمه بل التقييم فيه دوري يظهر من خلال نواتج المنتج التعليمي وما يمتلكه من مهارات وخبرات وكفاءات، وما يتوفر لديه من سلوك يومي نشهده في التعامل مع ذاته واعتماده على نفسه وحبه لوظيفته وانتمائه لوطنه، وقناعاته الايجابية في الحياة وقدرته على التشخيص التحليل والدراسة وحل المشكلات، وبناء روح المسؤولية لديه ،  فانظر ماذا يتحقق لو استطاع التعليم بناء القدرات ورسخ منهجية العمل المؤسسي الساعي البناء ذات الفرد عندها  يصبح التقول على الأداء المؤسسي التعليمي من قبيل الانكار والجحود وعدم الفهم، فهل تستطيع مؤسساتنا التعليمية أن تبت قدرتها على ذلك في القريب العاجل؟ وهل ستعمل المؤسسات التعليمية على مراجعة كل خطوات العمل بناء على فتح ابواب الحوار والاستفادة من كل وجهات النظر وبشكل خاص وجهة نظر الطالب ؟وما يريده من التعليم وما يرغب هو ان يحققه، وما يستطيع القيام به؟  هذا ما نأمل أن نراه  قريبا،،،،
وإلى لقاء آخر

تعليقات