يوم المرأة العمانية تفاعل من أجل الإنسان والتنمية: وقفة للتقييم وتوجيه المسار د. رجب بن علي بن عبيد العويسي

د. رجب بن علي بن عبيد العويسي - مدونة الحوار- 2013م http://alhwaraleegabe.blogspot.com





يوم المرأة العمانية  تفاعل من أجل الإنسان والتنمية:
وقفة للتقييم وتوجيه المسار
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
18/10/ 2012م
(      http://alhwaraleegabe.blogspot.com        )
.........................................................................................................
احتفل وطننا الحبيب يوم أمس السابع عشر من أكتوبر بيوم المرأة العمانية، هذا اليوم الذي يكن له كل أبناء الوطن التقدير والاحترام والاجلال ،  بيد ان هذا الاحتفال لا ينبغي أن ينظر إليه بمنظور  سطحي عادي من خلال وسائل الاعلام  في تقارير تسرد أو لقاءات تشير إلى كم ما تحقق في افتخار  بأعداد من شغلن مناصب قيادية بالدولة، أو بانخراط المرأة العمانية في كل مجالات العمل المختلفة، وقيادتها للطائرة، أو تنقيبها عن النفط أو سياقتها للدراجة النارية ، أو مشاركتها في سباقات الفروسية أو الهجن، أو عزفها للموسيقى إلى غيرها من الأشياء  ولا ينبغي ان ينظر إليه كيوم تسجل فيه الكلمات وتقام فيه الاحتفاليات، أو تدشن فيه البرامج  والمسابقات والجمعيات، أو مجرد سرد منجزات النهضة وما قدمته للمرأة العمانية، أو مجرد يوم يتم فيه استذكار واقع المرأة أين كانت وأين هي اليوم في عصر النهضة،  فكل هذه حقائق لا تحتاج إلى تذكير  فهي واضحة للعيان ويلمسها كل من زار عمان، إن احتفالنا بهذا اليوم ينبغي أن ينظر إليه بمنظور نوعي بما  يحمله في طياته من دلائل ومؤشرات تحكي جانب الكيف المتمثلة في حقيقة بناء الانسان الواعي والرؤية لتحقيق الوعي الانساني الذي تعتبر المرأة أساسه ومنطلقه،  يوم يحكي جانب السلوك والقيم والقناعة والتمكين من اجل الحياة ، حياة العزة والكرامة، حياة الإبداع الخلاق ، والإنسانية الواعية المدركة لحقائق الوجود، تحكي جانب المساواة الاجتماعية ، وتقدير الآخر واحترامه بل واحترام وجوده والاعتراف بحقه في الوجود ، إنها المرأة التي ما زالت للأمم الأخرى عليها علامات استفهام وللأسف الشديد،  تحكي علاقة المرأة الإنسان بالتنمية والتطوير  وبناء الدولة والإنسان ، والحضارة الإنسان، يحكي جوانب الوعي التي تحققت للمرأة العمانية  في كل مجالات الحياة في البيت ومع أبنائها وزوجها ، في الاقتصاد والسياسة والفكر والثقافة والقيم والسلوك والتصرف والقرار الخ،  هذا الوعي ومستوياته المختلفة  وما تحقق للمرأة في ظل تقييم نوعي يظهر أين وصلت وماذا حققت من معايير ومقاييس نوعية لبناء الحضارة والانسان، وبالتالي فهو يوم له خصوصيته بما تحويه الكلمة من معنى،  يوم ينبغي أن يكون قياسنا ونظرتنا إليه بقدر ما تحقق للمرأة من وعي وهو بذلك ينقلنا إلى منظور نوعي تقييمي ذاتي وتشخيصي لواقع الوطن في نبض المرأة في سلوكها وفي حياتها وفي عطائها وفي أبنائها، كيف يمكن رؤية الوطن من خلال المرأة، كيف تفهم حقيقته مع نفسها، وكيف تتفاعل ذاتها مع برامجه وسياساته وخطواته ، وكيف يعيش الوطن في وجدانها، وهو بذلك ينقلنا إلى السلوك الناتج من كل هذه التجليات والتي بلا شك للمرأة دور في صياغتها وصناعتها وتمكينها في نفوس الناشئة، وما التأثير الذي يمكن أن تحدثه المرأة في حياة الإنسان بل والمجتمع عامة وفي قدرته على فهم ذاته وصياغة واقعه، إذ بقدر ما للوطن في وجدان المرأة من مقر ومستقر وشعور وحس بقدر ما يمكن أن يترجم سلوك المرأة كل حب وعشق للوطن، هذا العشق الحميمي الذي  يظهر في كل ممارسات  الإنسان اليومية من خلال ثقافته ووعيه وسلوكه وانضباطه والتي ساهمت المرأة في صنع كل هذا الانجاز في حياته، هذا الشعور الحميمي يترجم في سلوك الإنسان الذي هو ابن المرأة الإنسان، في فكر الإنسان الذي هو إبن المرأة الإنسان، في  ولاء الانسان وصدق انتمائه ، فهو ابن المرأة الإنسان التي أرضعته حياة الرجولة والشهامة وغذته بروح التسامح والمحبة والعطاء بلا حدود، ونشأته على حب الوطن، حب القائد، حب الحياة الجميلة المتسامحة والتفاؤل ، فكل ما يحصل في الحياة هو نتاج المرأة الإنسان التي بدونها لا يمكن أن يوجد الإنسان،
إن احتفال السلطنة بهذا اليوم  ليس لأن الوطن لم يقدم للمرأة  ما تستحقه، وليس لأن المرأة العمانية لم تنل على حقوقها، وليس لأن المرأة العمانية لم تحظى باهتمام النهضة، فكل ذلك كان ولا يزال، بل جاء من أول يوم بدأت فيه نهضة عمان الغراء  بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه،  إن الاحتفال بيوم المرأة العمانية تأكيد للدور والمسؤولية التي ينبغي أن تقوم بها المرأة العمانية من أجل الوطن الانسان والتنمية،  وفي الأساس من أجل أبناء الوطن، هذا الدور وهذه المسؤولية التي يفترض أنها بلغت شأنها في وجدان المرأة العمانية وفكرها،  في مستوى الوعي المتحقق لديها في تعاملها مع طبيعة التنمية ومتغيرات المجتمع،  بل وفي طبيعة تعاطيها مع متغيرات الحياة اليومية التي تواجهها هي شخصيا وتواجه اسرتها والنشء كافة، في منظومته الاجتماعية والاخلاقية والفكرية والثقافية والتربوية، هذا الوعي الذي يفترض أن يكون اليوم قد عزز من قدرة المرأة العمانية على أن يكون لها وجودها ليس في كيان المؤسسة فحسب بل في حياة  الأسرة ، وبناء قيم المجتمع، وتعزيز قيم المواطنة والسلوك الايجابي القويم في نفوس الأبناء،  هذا الدور الذي يفترض أنه استطاع أن يسهم في بناء رؤية الشراكة الحقيقية من أجل أسرة ناجحة سعيدة ومجتمع متفاعل متعاون، وتعليم يبدأ بدور المرأة وهي تحتضن أطفالها، ودور الأسرة التي ترعى هؤلاء الأبناء، ثم تنطلق إلى المدرسة والتي يجد الطفل المرأة أنها أول من يستقبله لمواصلة مشوار حياته الدراسية،
عليه فإن احتفال وطننا بهذا اليوم إنما هو تأكيد على دورك أيتها السيدة العظيمة، على أنك الأساس في بناء الحياة واستمرارية الوجود وتحقيق السعادة الأسرية، وبناء المدينة الفاضلة من خلال اسهامك في صناعة نماذج ايجابية في الحياة في كل جوانبها ومجالاتها، ومن خلال اسهامك في صناعة القدوات المجتمعية التي تؤمن بالحوار والتواصل والحب والتعارف والتعاون  والتسامح والاحترام وتقدير الانجاز وحب الوطن والسلطان، إنها في حقيقة الأمر دعوة لك أيتها السيدة في أن تستفيدي من كل الفرص المتاحة لك في البيت والمجتمع والدولة والتشريع والقانون والتنمية من أجل  المساهمة في تحقيق وطن السلام والحوار والتواصل والشراكة،  وبالتالي فهي دعوة لك بأن تحافظي على هذه المسؤوليات وتعملي على اعادة صياغتها بشكل يجعل منك السيدة الواعية والحريصة على بناء وطنها ومستقبل أبنائها، والقادرة على مساندة الرجل في بناء حياة قادمة ملئها الحب والتعاون والصراحة،
إن متغيرات الحياة وسرعة تطورها وفي ظل مستقبل الابناء المشوب بالقلق يأتي دورك لتكوني أنت الشمعة التي توقد الحياة بهاء وبهجة،  لتكوني وطن الأمجاد، وحصن القادة ، وصناع التنمية ، ولتثبتي  بأنك أنت القادرة على فهم ذلك بلحن جديد وبسيمفونية عاشقة تمتع الوطن ببهجة نهضته وفرحته باجياله الصاعدة المثابرة على العلم والعمل والتطوير والتقدم ورفع اسم عمان في كل بقاع الدنيا بسمو أخلاقهم وكريم خصالهم، إن تحقيق  ذلك يتطلب منك مبادرة من أجل الحياة، ونبضا من أجل وطن،  وابتسامة من أجل سعادة، وقلما من أجل عطاء وانتاج، وقيما من أجل تقدم، وتربية من اجل جيل المستقبل، لتكوني قدوة لأبنائك وبناتك، حريصة على مستقبلهم، حريصة على التزامهم، حريصة على أخلاقهم، حريصة على سلوكهم، حريصة على قدرتهم على فهم ما حولهم ومن حولهم.
إن الاحتفال السنوي بيوم المرأة العمانية ينبغي أن يكون بمثابة تقييم  لدور المرأة في كل المجالات ، وكيف ترجمة مفهوم التمكين على شكل ممارسات ايجابية يشعر بها فخرا كل أفراد الأسرة، بل الوطن والأمة جمعاء، والجميع بلا شك يترقب منها عملا أنقى وفعلا أصفى وروحا وثابة ونظرة واعية وقرارا صائبا، ينتظر مدى استفادتها من الفرص المتاحة  في توجيه دورها لبناء وطنها وغرس سلوك المواطنة الحقة،  وبالتالي فهي بمثابة  خطوة للمراجعة والتقييم للمقارنة بين ما تحقق للمرأة وما حظيت  به من اهتمام بما يمكن أن يتعزز لديها من وعي  اجتماعي واقتصادي وثقافي وفكري ، وعلاقة ذلك بمفهوم التمكين  في مجال حياتها الاسرية والاجتماعية وقدرتها على التفاعل مع كل المعطيات والمتغيرات بروح متفائلة وأجندة عمل نوعية تنظر في سلوك الأسرة والأبناء والمجتمع،  وبالتالي في مستوى الثقة التي يمكن ان يمنحها الوطن الإنسان للمرأة في إطار  تشخيصه لسلوكها، وفهمه لتوجهاتها، وشعوره بغاياتها ومقاصدها، وقدرتها على ضبط سلوك الحياة اليومية وتوجيهه لصالح القيم الحميدة والخصال المجيدة ، ولا شك فان تفاعل المرأة العمانية مع تلك الحقائق المجتمعية الماثلة، وقدرتها على أن يكون لها رأي ودور عملي واضح، يستوعب كل المتغيرات الحاصلة في منظومة العمل الوطني، هو ما سيمنحها الاستحقاق المجتمعي في قادم الأيام.
فهنيئا لك سيدتي يومك المجيد،،،،،،

تعليقات