د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
الحوار
وقفة من أجل تقييم المنجز
وقفة من أجل تقييم المنجز
نحو إعلام وطني محترف وخبر صحفي مسؤول؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
4/11/ 2012م
............................................................................................
موضوعنا يأتي طرحة قبل أيام مباركة تطل على أرض هذا
الوطن المبارك ، إنه العيد الوطني المجيد الثاني والأربعين ، ولعمري فحق لكل شبر
في أرض عمان أن يفخر ويفاخر بما أنجز وما تحقق على أرض عمان الغالية في كل مجالات
الحياة، ولا شك فإن للمؤسسات صولات وجولات
في التسابق لتذكار ما تم والإفصاح عما تحقق والإخبار عن رؤاها وخططها المستقبلية،
وتعمل الصحافة المحلية والمجلات ووسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بكل
طاقاتها في تناول هذا الحدث والإشارة إلى ما تحقق غير أن موضوعي لا يتعلق بالحديث
عن ما انجزته المؤسسات المعنية، وما حققته أجهزة الحكومة في سبيل عمان وأبناءها البررة، ولكل مؤسسة أن
تدلي بدلوها وتتحدث عن مناقبها ، وتفاخر بانجازاتها، وتكشف عما خبأته للوطن بعد
عام كامل من العيد السابق ، وتفصح عن مشاريعها، وهو أمر محمود ، وعمل مرغوب، ولكن
كيف ينبغي أن تتناول المؤسسة الاعلامية هذا الجانب؟، كيف ينبغي أن تتفاعل مع الحدث؟
كيف يمكن أن نربط هذا الحدث المهم برؤية اعلامية احترافية وخبر صحفي مسؤول في نقل
الواقع الفعلي للعمل المؤسسي، والحديث عن عمل يلامس قلب الإنسان العماني وفكره،
كيف يمكن أن نصل بما يتم نقله أو تداوله من معلومات على أن مؤشرات نجاح فعليه
بعيدة عن المزايدات والمغالطات، إن مسؤولية
الاعلام في هذا الاطار وبشكل خاص الصحافة هو عدم اقتصارها على تناول تقارير
المؤسسات بشكل تقليدي يغلب عليه السرد والحديث المستفيض عما انجز وما تحقق حتى ولو
كان ما تحقق بعيدا بعض الشيء عن الحقيقة أو ينحرف عن الجادة أو قد لا يعكس واقعا
عمليا مؤسسيا ملموسا، إن المطلوب من
الصحافة ليس مجرد نقل الاخبار أو تداول المنشور هنا وهناك مع تغيير العناوين
الرئيسية ، أو محاولة جذب القارئ من خلال اختيار عناوين تتسم بالإثارة والتفاعل مع
مشاعر الناس ، إن المطلوب هو أن يواكب هذا العمل نوع من التحليل والدراسة والتعقيب
والتشخيص، واستخلاص مؤشرات العمل، فما دام قد تحقق كل ذلك في عمل مؤسسة ما فمال
بال تنوع المشكلات التي تواجهها والتحديات التي تصادفها، نحن بحاجة إلى معالجة إعلامية نوعية للتقارير
التي ترد من المؤسسات، لينبري المثقفون والمفكرون وأصحاب الكلمة وذوي الاختصاص بدورهم
في تحليل الكلمة ، ونقد المعلومة، وتصحيح الفكرة، واستخلاص مؤشر العمل من التقرير
المنشور، وهو ما يستدعي تواصل وانسجام وتقاعل بين المؤسسات الاعلامية في كل مجالاتها وبين الكفاءات الوطنية والخبرات
العالمية التي لها اهتمام بالشأن العماني،
لننتقل باعلامنا وصحافتنا إلى نوع من الاحترافية ، التي تتطلب قوة في
الكلمة ودقة في التعبير ، وعمق في التحليل، وبعد مستقبلي في معالجة الموضوع
وتناوله بصورة شاملة متكاملة معمقة تراعي الواقع الفعلي وتنطلق من المستقبل الطموح
، وبين هذه وذاك تقترب شيئا فشيئا من مشاعر الإنسان العماني وقناعاته وأفكاره
وطموحاته بشكل يجعل من عملية التحليل قادرة على تشخيص الواقع وتقييم المنجز، نحن
بحاجة ليس إلى سرد منجزات تقوم بها المؤسسات وهي من صميم عملها، وهي من أصل اختصاصاتهما،
ومسؤولية القيام بذلك أمر واجب فرضه الحق والواجب الوطني، نحن بحاجة إلى معالجة
تقيم هذا المنجز من زوايا عدة وتدرسه في إطار نوعي يرتبط بالتنمية والإنسان تحاول من
خلال هذا التقييم والمعالجة أن تسلط الضوء على مدى قرب ذلك أو بعده من الإنسان
العماني وطموحاته وأفكاره، في كل مراحله العمرية، كما يتناول ذلكم في إطار رؤية
تحليلية تقييمية تنقل الفكر الصحفي من مجرد كلام جرائد كما يقول البعض إلى رصيد
ثقافي وفكري في حياة الأمة والمجتمع، رصيد وثراء لفكر الإنسان العماني والمؤسسة العمانية،
وليعكس قوة شعب ومبادرة أمة في إدارة الحضارة الإنسانية وبناء الفكر الإنساني
الواعي القائم على الاستقصاء والاستناج والتحليل والتفكير والقراءة المعمقة، إن دور المؤسسة الصحفية والإعلامية هي نقل واقع العمل من خلال بناء منهجية واضحة في
الدراسة والتحليل والتقييم ، بما يعزز من قدرة المؤسسات في اختيار الكلمة وحسن تحديد
العبارة ونوعية انتقاء الفكرة وبالتالي تصبح البرامج والمشاريع المشار إليها إنما
تلك التي تبني وطنا وتنهض بأمة وتعكس بناء الإنسان، وتسهم في تعزيز قدرة البناء
المؤسسي على التفاعل مع المعطيات ومواجهة التحديات ، فلا تصبح المسألة مجرد حشو
كلام وسرد قصص قد لا يكون لها أي معنى أو مغزى، ولا تقتصر المسألة على النقل الحرفي
المتكرر في بعض الأحيان بين سنة وأخرى، إذ لا جديد يذكر، ولا حدث نوعي يستهدف، إن
الصحافة المحلية اليوم تحمل بعدا عالميا بل أصبحت التعبير الفعلي عما يجري في
الحدث العماني لدى الباحثين والمفكرين ، لذا تعتبر هذه الصحف مرجعا لهم في الحصول
على المعلومة والفكرة وهي ضمن قائمة مراجعهم في بحوثهم ودراساتهم لذلك ينبغي لأن
تتناول قضايا الأمة العمانية بكل قوة ومصداقية وثقل في إطار رؤية معمقة لفكر أمة حملت على أرضها
الكثير من العلماء والمفكرين وصناع الكلمة الذي يشدوا بهم العالم أجمع ويشهد على
قوة علمهم ودرايتهم كل المخلصين .
إن بناء هذا الاطار الفكري في رصد حقيقة دور الاعلام
إنما ينقلنا إلى مرحلة من الاحترافية التي نطمح إليها في الصحفي والمذيع والمحاور
، والمخرج والمعد، بل وفي نوعية البرنامج المقدم، وفي طريقة تقديمه، وهي أمور بلا
شك لا زلنا لم نحققها بالشكل الطموح ، إن
قناعتنا بأهمية دور الاعلام الاحترافي في رصد قضايا الأمة وتشخيص مشكلاتها وفرز
تحدياتها وإبراز مواردها إنما يعني بناء مرحلة من الفكر الاستراتيجي الاعلامي الذي
يشكل في عالم اليوم عاملا مهما من عوامل التنمية ونشر الوعي وتعزيز لحمة الصف وغرس
سلوك المواطنة، ولن يتأتى ذلك إلا بصدق الكلمة، وصحة العبارة، ودقة الاسلوب وسلاسة
المحتوى وموضوعيته وقدرته على التفاعل مع الإنسان فكره وعقلة ووجدانه، بل قدرتها
على الدخول في عالم الإنسان بما يحويه من قوة العبارة ومسؤولية الخبر المقدم، نحن
بحاجة فعلية إلى إعادة صياغة كاملة للنمط الحاصل في طريقة نقل الخبر وأسلوب التفاعل
معه، نحن بحاجة إلى الابتعاد عن الكلمات الرنانة المنمقة التي لا تكشف حقيقة
التوجه ومسار العمل والمرحلة التي نحن فيها، وإذا كان التوجيه السامي لمولانا
المعظم أعزه الله بالتقييم الشامل للمسيرة التعليمية، والتوجيه السامي بالشفافية والحرية الاعلامية المسؤوله، فإن هذه
التوجيهات تحتاج من المؤسسة الاعلامية إلى بلورتها بشكل عملي وبالتالي فهي بحاجة إلى مراجعة فكرها ونمط أدائها واستراتيجيتها في التعامل مع الخبر والتقرير
ومستوى الاحترافية والنوعية المتوفرة لدى القائمين على بنائها الفكري، مما يعني أن
المؤسسة الاعلامية اليوم معنية بجزء كبير من عملية التقييم الشامل، ومسؤوليتها في
ذلك تأتي من خلال أدوات عدة وآليات متنوعة يأتي من بينها قدرتها على إيجاد الصحافة
الاعلامية المحترفة القادرة على التفاعل مع كل القضايا والتوجهات، هذا
الأمر بلا شك سيكون له انعكاسه الايجابي على الاداء الاعلامي في المؤسسات
والتصريحات الصحفية والاعلامية على مستوى القيادات والمسؤولين في المؤسسات، بحيث
يكون للاحترافية والنوعية الأولوية في الاستراتيجية الإعلامية ، كما سيؤدي إلى
إعادة النظر في نوعية ما يقدم للمؤسسة الاعلامية من تقارير وأخبار ومعلومات
ولقاءات صحفية وتصريحات لتكون مبنية على أسس واضحة ومنهجيات دقيقة ومعايير تعكس صدق
الكلمة وجودة العبارة ودقة المعلومة وموضوعية المحتوى، وسوف تسهم تلكم التحليلات
واللقاءات والتفاعلات التي تقوم بها الصحافة مع المثقفين والمفكرين وصناع الكلمة وأصحاب
الاقلام النوعية والخبرات والشباب
والقيادات وغيرهم في إثراء الفكر المقدم
وتعزيز المعلومة المنشورة بل في فهم أعمق لما يكتب ليتحول الأمر من كلام جرائد إلى واقع فعلي معزز
بالدليل والتحليل والمراجعة والتقييم ،
وإلى لقاء آخر
تعليقات
إرسال تعليق