د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
الحوار
التغيير عندما لا يؤدي إلى تحقيق الهدف، ماذا تتوقع منه؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
8/11/
2012م
.........................................................................................................
التغيير سنة الله في الوجود وطريق البشر في الصلاح والإصلاح ، والتجديد من
أجل الأفضل والانجاز في ضوء تقييم، وتحقيق الهدف في ظل خطة وآليات عمل، وبالتالي
فإن المقصود منه ينبغي أن تكون تصحيح المسار وتحسين الأداء وتوجيه العمل وضبط
التوجه ، وإيجاد التوازن في متطلبات تحقيقه، بل وربط ذلك كله بحياة الانسان وتحقيق
مصالحه وبناء وطنه على أسس واضحة ومنهجيات عمل مستدامة تنشر الخير للوطن والمواطن،
لذلك لا ينبغي ان يحيد عن الهدف ولا أن ينحرف عن الطريق ولا أن يتعرج في مساره ،
وهو أمر ينبغي أن تصاحبه الجدية ووضوح الآليات وصدق التوجه وإخلاص العمل والشعور
المتبادل من كل الاطراف في المجتمع بضرورته وأنه أمر طبيعي وصحي ، بيد أن التغيير
إذا كان يفتقد للواقعية في الممارسة ويعتمد على التخبط والعشوائية في الاداء
والعفوية في العمل ، وهو لمجرد رضا الناس أكثر مما هو تحقيق للهدف النوعي المتمثل
في الحاجة الى التغيير كضروة حياتية لا يستقيم أمر الأمة إلا به، لا يمكن أن يصل إلى تحقيق غاياته بل قد يكون
أثره السلبي يفوق تأثيره الايجابي الذي يرجى منه، إن التغيير الايجابي المنشود
والذي يحاول من خلاله بناء اطار جديد للعمل المؤسسي ، إطار يقوم على الشعور بالنقص
والحاجة لاستكماله، وأنه موجه لخدمة الإنسان وتحقيق غاياته والوصول به إلى مستويات
من الرقي والتطور ليس في المادة فحسب بل في الفكر والثقافة والمعرفة والوعي
المتحقق لدى الفرد والمجتمع في كل مجالات العمل والمسؤولية هو ذلك التغيير المنشود
والمرغوب فيها والذي ينبغي أن يتخذ من مؤسسات المجتمع شكل برامج عمل واضحة وأجندة
عمل محددة وقرارات استراتيجية نوعية وتحسن في الأداء المؤسسي، واستشعار للمرحلة
الجديدة التي يحتاج فيها الإنسان إلى مزيد من الاهتمام والدعم والمساندة والأخذ
بيده من أجل بناء ذاته وتطوير مجتمعه، وإعطائه الفرصة في المشاركة الفعلية في
مواقع العمل المسؤولية بأن يكون أكثر اسهاما ومبادرة وعطاء من أجل الوطن وبني
وطنه، إن التغيير المرغوب والذي نسعى إليه
هو الذي تتحد فيه الرؤى ويدرك فيه المعنيون والمسؤولون والقائمين على إدارة
المؤسسات بأن مسؤوليتهم أعظم من أن تذكر
في محفل أو يشار إليها في اجتماع أو تستذكر في مقال، وهي ليست محصورة بيوم أو
يومين أو سنة أو سنتين لحين تهدئة الأوضاع ولحين ضبط الأمور وارجاعها الى نصابها،
وبعدها كما يقال لا حس ولا خبر، وينتهي ذلكم الحماس المتوقد والرغبة الأكيدة في
التغيير بعد فترة وجيزة عندما لا يشعر فيه أحد بالمتابعة والمراقبة لتضييع على غير
رجعه، وتندثر إلى غير وجود، ما هكذا ينبغي
أن تقوم مرتكزات التغيير ، وليس بهكذا عمل يقوم التغيير وينهض ويتطور ويتقدم وينتج
ويثمر، إن التغيير المنشود هو التغيير
المخطط والموجه والمدروس ذلك التغيير القائم على وضوح الهدف ووضوح النتيجة والحرص
على أن تكون الخطط والتفاعلات والتوجهات التي تقوم بها المؤسسات أو على المؤسسة
الواحدة أن تكون مفهومة وواضحة وظاهرة وتتسم ببعد النظر واتساع مساحة الحوار
والشراكة فيها والشعور بالحاجة إلى كل العاملين في المؤسسة بدون تمييز أو بدون
اغفال موهبة أو محاولة إقصاء فكر، إن التفاعل بين كل العناصر التي تشكل العمل المؤسسي
هو الذي يتوقع منه أن يبني له مجدا ويطور لنا عملا ويوفر لنا قناعة بأن التغيير
الذي أردناه قد تحقق وان التغيير الذي عملنا من أجله قد سار كما أردنا لأنه وفر
لنا قناعة جديدة بأن ما نرغب فيه وما نسعى لتحقيقه إنما هو من أجل الوطن وليس من
أجل تحقيق مصلحو فردية والتي يفترض أن تظهر في مؤشرات الواقع كممارسات وسلوك تتجه
إليه المؤسسة والقائمين عليها.
وفي كل التفاعلات الحاصلة والأخذ والعطاء يبقى التساؤل مطروحا إلى أي مدى
كان هناك فهما لمقتضيات التغيير ، وحرصا على بلوغه مقاصدة؟ إن مما ينبغي الإشارة
إليه في هذا المقال أن التغيير إن لم يكن مصحوبا بالقناعة به من جهة وفي الوقت
نفسه تتوفر فيه الأدوات السليمة في إدارته ويفهم المعني بالتغيير والقائمين على
أمر المؤسسات بأن وجودهم إنما هو لإدارة دفة التغيير من أجل تحقيق الهدف المنشود
وهو بلوغ مستويات من الرقي والعمل الناجح والوصول إلى الأفضل في الأداء على المستوى
الشخصي والمؤسسي وعلى مستوى بناء الإنسان وبناء أنظمة المؤسسة، فلا أعتقد إن لم
تتضح الصورة من كل الجهود أن تؤدي الجهود المبذولة إلى الوصول إلى الغاية، كما أن
وجود تقييم ومتابعة ورصد لمجريات الأحداث المؤسسية ومحاولة نقل وتصحيح مسار العمل
من الفردية والذاتية إلى كونه عملا مؤسسيا يشارك الجميع في صياغته وحسن إدارته
ويصبح القرار المؤسسي هو قرار الجميع ورغبة الجميع بحيث يعبر هذا القرار عن طموحات
المؤسسة ورغبة العاملين فيها عندها نستطيع أن نواصل مسار التغيير بكل ثقة واقتدار
في قدرات أبناء هذا الوطن من أجل عمل دؤوب وتجاوز الصعوبات والتحديات في إطار
العمل المؤسسي المشترك، إن قناعتنا بأن الاختلاف هو سبيل تحقيق النجاح، وأن
الاختلاف في الرأي من أجل تعزيز الرأي سوف
يوفر لنا الفرص في الاستفادة من كل النقاط المشتركة بيننا والعمل من خلالها نحو
إيجاد منظومة عمل وبيئة انتاج وعطاء في مؤسساتنا هو التغيير المطلوب والذي يتوقع
أن يظهر في الشأن المؤسسي كاستراتيجية عمل يومية يؤمن بها الجميع وتكون لهم شرعه
ومنهاجا، غير أن تحقيق ذلك منوط بحسن النيه ومستوى الثقة التي نمنحها في الإنسان
الموظف أو بمعنى أخر أولئك الذين يعملون من خلف الكواليس وهم لا يظهرون بشكل مباشر
في شاشات الاعلام وقنواته الفضائية، والذين يفترض أن تقدم لهم المؤسسة جل اهتمامها
ودعمها، عندما يشعر المسؤول الذي يدير التغيير بحاجته إلى كل أفراد مؤسسته وأن
عليه أن يعمل من أجلهم لكي ينجزوا عملهم ووعدهم لهذا الوطن والمواطن، فاعلم أن
التغيير سوف يحقق هدفه وغايته،
إن المنظور المؤسسي الذي ينبغي أن يتفاعل مع متطلبات التغيير إنما هو ذلك
الذي يشعر فيه المسؤول بعظم المسؤولية هذه المسؤولية التي تستمر معه بشكل مستدام،
وأن سكوت الأفراد عن المطالبة بحقوقها بالشكل الغير مرغوب لا يعني انعدام هذه
المطالب، وأن الناس قد توفرت لها كل السبل وتحققت لها كل المطامح، إن الشعور بقيمة
المسؤولية وبحس العمل الوطني هو الذي يستنهض في النفس الحاجة إلى المراجعة
والتقييم ليس على المستوى المؤسسي وتبني أدوات جديدة للمراجعة والتقييم ومحاولة
إيجاد آليات عمل مؤسسي تسهم في بلوغ الهدف،
بل الامر يتعدى ذلك على المستوى الشخصي أيضا بحيث تضع قيادة المؤسسات
أمامها أجندة عمل ومنهجيات واضحة تقيم ذاتها في آليات بلوغها ومستوى تحقيقها لتلك
التوجهات المؤسسية وأن تضع لنفسها معيار واضح تنجز من خلاله مسؤولياتها التي أؤتمنت
عليها ووجهت للقيام بها ، إن المسؤولية اليوم في النظر لهذا الموضوع اي التغيير المنجز والمستهدف والنطاق المحدد
للتغيير تستلزم اليوم عملا يتسم بالشفافية والمصداقية والوضوح والشراكة والثقة
والحوار والتفاعل ليس لبعض الوقت بقدر ما هو تفاعل تظهر نتائجه وآثاره على سلوك المؤسسة
وقياداتها وإداراتها العليا، نحتاج إلى أن يفقه الجميع مسؤولياته بأن التغيير
المنشود إنما هو الملبي لاحتياجات الواقع والمعبر عن طموحات الانسان العماني في كل
مجالات العمل المؤسسي بدون استثناء ويصبح بالتالي صدق التوجه وقوة الارادة وفهم
الواقع والدخول في اعماق الإنسان العماني ومتطلباته هو المحك لتقييم لكل الجهود من
التغيير الحاصل وهو في الوقت نفسه السبيل الذي يمنح التغيير صدقا وموضوعيه وجديه ،
بل يمنحه إطار مجتمعيا وعندما لا يحقق التغيير هذه الاهداف ولم يستطع يلامس حقائق
الحياة اليومية للإنسان العماني بكل اطيافه وفئاته عندها لا نتوقع ان يقدم لنا
التغيير أي جديد على المستوى الشخص او المؤسسي فهل سنعمل من أجل التغيير النوعي
الذي يستهدف الانسان فكره ووجدانه وإصلاح حاله والمؤسسات بكل مستوياتها ومجالاتها
عملها من أجل غد مشرق لهذا الوطن ، خاصة ونحن بعد فترة قليلة نستطلع خطاب مولانا
جلالة السلطان المعظم أعزه الله في مجلس عمان ، وقد حمل في خطابه السابق توجيهات
نوعية لمؤسسات الدولة في التعامل مع التغيير ومقتضياته،،، فهل سندرك مسؤوليتنا نحو
التغيير؟
وإلى لقاء آخر
تعليقات
إرسال تعليق