د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
الحوار
النقد الذاتي طريقنا نحو التغيير الايجابي
هل أدركنا قيمته على المستوى الشخصي والمؤسسي؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
20/03/2013 11:33:46 م
" حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا "
حديث شريف يحمل دلائل عظيمة وتوجهات في بناء الذات وتقويم العمل وتصحيح المسار،
نحتاج لأن يكون جزء من حياتنا اليومية وسلوكنا الشخصي وممارساتنا مع انفسنا
والآخرين، محاسبة النفس دليل وعي ورقي
فكر، ومظهر حضاري ، ومنطلق للتجديد وعندما يتوفر في ذات الفرد فكأنه قد حاز الخير
كله، وعندما يصبح مسار عمل المؤسسات
فكأنها وصلن لمستوى عال من الجودة والكفاءة المؤسسية، كم نحن بحاجة إلى أن نتمسك
بهذا المبدأ على المستوى الشخصي والمؤسسي محاسبة الذات إيذانا بعدم اعطاء فرصة
للغير للقيل والقال ، والبحث عن نقاط الضعف لدينا، لأننا تلقائيا نذكر أنفسنا
بالحالة التي نحن نعيشها، وبالتالي تجدنا في موضع المبادرة والمبادأة في تقييم
الذات قبل أن يكتشف الآخر أخطاءنا ونقاط ضعفنا، - أو بمعنى آخر نجعله في موضع
مسؤولية مما يقول أو يتفوه به، لأنه يتطلب منه إثبات ذلك بالدليل والشواهد- ، وهو
ما يعني حرصنا الشديد على المراجعة المستمرة لكل ممارساتنا وقراراتنا وأفكارنا
وتوجهاتنا، سواء على المستوى الشخصي أو المؤسسي، فانظر مثلا عندما تجعل المؤسسة من
عملية التقييم الذاتي طريقا لها لسلوك الأفضل وتحقيق الأجود، وتعزيز الممارسة
الناجحة، لا شك بأن مردود ذلك عليها سوف يكون أكثر ايجابية ، كم نحن بحاجة لمراجعة
دورية دائمة ومستمرة تطال كل شي في عمل مؤسساتنا في اللوائح والأنظمة والقوانين
والتشريعات، في الممارسة الادارية والفنية، في التعامل مع الموظف والمراجع ، في
اليات تحقيق الأهداف ، في الخطط وبرامج العمل،
وبالتالي يصبح التقييم الذاتي سبيلا لنا نحو بناء نظام متكامل يشعر فيه
الجميع بحس المسؤولية وأن على الجميع أن يكون مكملا للآخر في بناء منظومة تفاعلية
تكاملية تشترك جميعها في تحقيق الرؤية والغاية والهدف الاجرائي المعياري بأساليب
متفق عليها الجميع ويدرك مغزاها الجميع ، فتتوطن في النفس لتصبح مسار عمل يسلكه
الجميع لبناء مؤسسي قادم،
لا شك بأننا
نحتاج إلى مثل هذا التقييم برغبة وقناعة وبدون تكلف ، بشعور ينبع من ذات الفرد
والمؤسسة بأهمية التقييم الذاتي، ليكون صوت جميع العاملين في المؤسسة صوت واحد
يتحدثون بلسان واحد ويؤمنون برؤية واحدة ويسعون لتحقيق أهداف محددة، فيصبح النقص
والقصور في اعين الجميع بأنه جزء يمسه شخصيا فيسعى لمعالجته، هكذا نحن بحاجة إلى
هذا العمل في التعليم والاقتصاد والتنمية بجميع مجالاتها ومحاورها، نحتاج لأن نكمل
بعضنا بعضا، وينطبق هذا الأمر على الوحدات
الادارية في المؤسسة الواحدة وبين
المؤسسات جميعها، نعالج القصور الحاصل في بعض جوانب العمل بمبادرات من ذواتنا
وبقناعتنا بأن الأمر يهمنا جميعا، فمثلا - تأخر حافلات المدارس في الأيام الأولى
من بداية العام الدراسي عن نقل الطالب لا يهم فقط وزارة التربية بل يهمنا جميعا
نحن الآباء والأمهات والعاملين في كل قطاعات المجتمع بل جميع المؤسسات بالدولة،
وبالتالي لا نجعل من الأمر شماعة ونلصقها بضعف في اداء المؤسسة مثلا بقدر ما هو
أمر ينبغي جميعا أن نتكاتف من أجله لنجد الحل ولو كان الحل مؤقتا، فصاحب الباص
الذي لا يعمل لصالح وزارة التربية والتعليم لا يعني أنه لا ينبغي أن يقوم بالمسؤولية
في نقلف الطلبة من الحي يسكن فيه لحين تستقر أمور الحافلات، وليس عليه أن يترك أطفاله بالمدرسة ثم يتحدث عن
جوانب قصور وهو يوقف باصه وسيارته في البيت بدون أن يبادر لنقلهم ويتحجج بأن هذا
الأمر مسؤولية المؤسسة الفلانية وهناك أصحاب حافلات مكلفين بالنقل ويأخذون رواتب
شهرية الخ.
ما اردت
قوله أن عملية التقييم الذاتي تجعلنا نتصرف في حدود القانون غير أن هذا التصرف
دائما تواكبه قيم أخرى كالتعاون والشعور بالمسؤولية، وبتكامل الأدوار، والسعي
الحثيث لمعالجة موضع القصور والنقص، نحن
فعلا بحاجة أن نربي أنفسنا على التقييم الذاتي ، وما أجمل أن تجعل أي مؤسسة من
عملية التقييم الذاتي لمدى تحقق اهدافها طريقها نحو التطوير والتجديد والبناء
المؤسسي الناجح، ما أجمل أن تجند المؤسسات مواردها البشرية وكفاءاتها المنتجة
لتحقيق هذا الغرض لتكون عملية التقييم ليست مسؤولية دائرة واحدة فقط، بل مسؤولية
كل الدوائر وكل الأقسام وكل الوحدات بالمؤسسة بشرط أن يكون هذا التقييم الذاتي
موضوعيا ومبنيا على القناعة بوجود نقص والشعور بوجود قصور، وبالتالي الحاجة إلى
إصلاحه ودراسة موضعه بطريقة جماعية على الأقل، إن من شأن عملية التقييم الذاتي أن تجعل من
عملنا محل نقد مستمر من أنفسنا قبل غيرنا، وبالتالي سيكون للآراء والمقترحات
ووجهات النظر المتلقاة من قبل من هم في المؤسسة أو خارجها محل تقدير واهتمام
ومتابعة وحرص على بذل الأحسن وتحقيق الأفضل، وسعي دؤوب نحو البحث عن كل الأفكار
والمقترحات والمرئيات الجديدة التي يبديها الرأي العام أو تتناقلها الصحف
والمجلات، أو ما تكتبه أقلام الباحثين والكتاب والمثقفين في المجتمع لتكون محل دراسة وتبويب وتمحيص وتحليل من قبل
المؤسسة المعنية، وتنظر إليها على أنها أحد الأطر التي عليها أن تتعامل معها بكل أريحية
وموضوعية وتحسن الظن بكتابها ، وبالتالي ليس الأمر موضع هجوم أو نقد لازع بقدر ما
هو شعور بالمسؤولية وتكامل في الموعظة والنصيحة، والأخذ بيد الآخر الذي كانا نحتاج
إليه ، ونقد موضوعي بناء لبناء مناخ جديد للعمل المؤسسي الوطني المشترك الذي
تتكاتف فيه كل الجهود وتتكامل من خلاله كل التوجهات وتتفاعل فيه كل الأفكار ليصبح
النقد الطريق نحو التغيير الايجابي لمستقبلنا الشخصي والمؤسسي.
وإلى
لقاء آخر
تعليقات
إرسال تعليق