نتائج السلطنة المتدني جدا في القراءة حسب التقرير الدولي الأخير لعام 2012م د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
الحوار
نتائج
السلطنة المتدني جدا في القراءة حسب التقرير الدولي الأخير لعام 2012م
§
ما
الدلالات التي تحملها؟
§
وكيف
يمكن لنظام التعليم أن يعالج هذا التحدي؟
§
وهل
يمكن أن يتحول موضوع القراءة إلى مشروع وطني؟
د.
رجب بن علي بن عبيد العويسي
15/12/
2012م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نتائج السلطنة في القراءة التي أظهرها التقرير الدولي 2012م حول اختبارات دراسة
التقدم في القراءة "بيرلز"
والتي أظهرت أن اسوا أداء في القراءة في
السلطنة ودول عربية أخرى يثير تساؤلات عدة ويتطلب مراجعات نوعية لنظام التعليم
بالسلطنة، والجهود التي تأتي في إطار تجويد التعليم، فمع إدراكنا بأن هناك جهودا
قامت بها وزارة التربية والتعليم في السنوات الأخيرة منذ البدء بنظام التعليم الأساسي
سواء من حيث المنهج أو من حيث لجان العمل التي شكلت في سبيل تعزيز الأداء اللغوي
في ديوان عام الوزارة والمحافظات التعليمية أو كذلك لجان التحصيل الدراسي
والممارسات التعليمية أو لجنة مسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة
المدرسية أو لجان العمل الاشرافية والفنية التي تعمل باستمرار على متابعة الأداء
اللغوي إلا أن نتائج السلطنة في هذا الجانب تضع كل الجهود أمام علامات استفهام
وتساؤلات حول ما حققته وما يمكن أن تحققه في إطار تجويد التعليم والحاجة إلى نظرة
متعمقة لمراجعة سياسات التعليم وخططه وبرامجه التي وجه إليها جلالة السلطان المعظم
– حفظه الله ورعاه- ، ولماذا لم تستطع تلك أن تحقق ابسط النتائج التي هي المؤشر
الذي يمكن يدلنا على قدرة هذه الجهود على الوصول إلى غايتها أم لا؟ ولماذا لم تثمر
الجهود عن أي نتائج ايجابية تذكر ففي الواقع ما زالت الأسر وأولياء الأمور
والمؤسسات وغيرها تتداول هذه القضية عند الحديث عن مخرجات التعليم العام وما تعاني
مخرجاته من عدم قدرتها من امتلاك ابسط المهارات ومن بينها مهارة القراءة ، أم أننا
اقتنعنا بالمقولة بأننا أمة لا تقرا فأصبحنا نؤمن بذلك كسلوك يومي ليس علينا أن
نتجاوزه؟
لا شك بأن هذه النتيجة تتطلب نوعية أخرى من المعالجة تتجاوز حدود ما قامت
به وزارة التربية والتعليم وفي الوقت نفسه تحتاج إلى قراءة متأنية لتلك الجهود
ولماذا لم تحقق الهدف المطلوب، ونوعية التحديات التي توجهها وطبيعة المتطلبات التي
يفترض أن تساند جهود وزارة التربية في هذا المجال، وما يمكن أن تشكله الثقافة المجتمعية بشأن
القراءة في ايجاد سلوك وطني يعزز من الوعي القرائي من جهة ويؤصل لثقافة القراءة ،
وتعمل فيه مؤسسات التعليم خاصة في بناء متحقق للمهارات الأساسية للطالب والتي تأتي
في أولها مهارة القراءة .
إن المعالجات النوعية التي نرى أهمية تبنيها ينبغي ان تتسم بالوضوح
والتكاملية والشمولية والشراكة بين مؤسسات التعليم، وأن تعمل المراجعة الحالية
التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم على ايجاد معالجة مقنعة دقيقة وواضحة تتناول
موضوع مهارات القراءة وثقافة القراءة والتحصيل الدراسي باعتبارها هي من أولويات
العمل في وزارة التربية والتعليم للانطلاقة نحو التصحيح الشامل لمسار الأداء
والحيلولة دون انحرافه عن تحقيق غاياته الكبرى، وبالتالي فإن تحليلنا لهذا الموضوع
ينبغي أن ينطلق من الاعتبارات التالية:
·
أهمية
النظر أيضا في مستوى القناعة والإرادة المتوفرة لدى مؤسسات التعليم حول فهمها
لتحقيق الجودة التعليمية، وما نوع الجودة التي تريدها وأين تكمن وكيف، هذا اللغط
الحاصل في مفهوم الجودة يؤكد اننا ما زلنا لم نفهم ما نريد حتى اصبح نظام التعليم
يقحم نفسه في قضايا قد لا تشكل أولوية لديه، بل نكون أقحمنا النظام التعليمي
المدرسي الذي يفترض أن يعد الطالب في مهارات القراءة والكتابة والحساب وتقنية المعلومات،
أقحمناه في معالجة قضايا اخرى ليست بذات اولوية وسخرنا الجهود المهمة التي يفترض
ان تبذل من اجل الطالب في بيئة التعليم لهذه المهارات سخرناه في مواضيع اخرى
اعتقادا منا بأننا نريد من التعليم أن يشكل لنا كل ما نريد، وكان ظننا أننا نطلب
من التعليم أن يسهم في ايجاد طالب تتوفر فيه كل المهارات التي نريدها ونأملها ،
وكأن وزارة التربية والتعليم هي المسؤولة فقط عن بناء جيل النشء، وما عداها من
مؤسسات مرفوع عنه القلم.
·
ندرك
أن التعليم لا يتحقق إلا من خلال وجود تكاملية في المناشط والمناهج والتدريس
والترويح، ولكن أيضا كم وقت التعليم والتعلم الذي تم استقطاعه في اليوم الدراسي
بحجة المشاركة في المسابقات والمشروعات والبرامج والفعاليات والاحتفاليات ليصبح
وقت التمدرس المستقطع في اليوم الواحد أكثر من 30% وهو ما لا يستفيد منه الطالب
ابدا ، بمعنى أخر أن ممارساتنا في التعليم وعدم وضوح اهدافه وفلسفة عمله والغاية
منه وضعف البناء الفكري والأدائي للمعلم وضعف التشريع وغيرها كلها قضايا باتت
اليوم تطرح لنا مشكلات كثيرة في الاداء التعليمي ومن بينها الضعف في القراءة او
معدل القراءة .
أن أي معالجة في موضوع القراءة يستدعي النظر في فلسفة التعليم لتكون أول
الموضوعات التي ينبغي ان تعالج في اطار وطني، وهنا نتساءل إ أي مدى ننشد في
تعليمنا اهتمامنا بالتحصيل النوعي للطالب، نعم هناك جهود ولكنها تفتقد للتكاملية ،
تفتقد للتواصلية مع المعلم والمتعلم، تفتقد للحوار النوعي والتدريس المتمكن القادر
على ترسيخ قناعات الطلاب وأفكارهم وسبر اغوارهم بشان القراءة ودورها وأهميتها، هذا بلا شك يستدعي النظر في مجموعة من العمليات
الداخلية في تعلم الطالب ومن بينها:
·
مستوى
الوقت المستقطع من التدريس وتأثيره على مستوى دور المعلم في تبني استراتيجيات التدريس
المعززة للقراءة والفهم وحل المشكلات
·
مستوى
الحوار الصفي والقدرة على التواصل والتفاعل الحاصل بين المتعلم والمعلم والوقت
المتاح لذلك
·
الوقت
التدريسي المتاح للقراءة داخل الصفوف ، ومستوى المرونة الحاصلة في المنهج الدراسي
وحجمه الذي لا يفترض ان يشكل عائق ا امام تعزيز مستوى القراءة الحرة للطالب.
·
تؤدي
القدوة التعليمية دورا مهما في بناء روح العمل من خلال المحاكاة فكلما زادت قراءة
المعلم وإطلاعه كلما زاد بلا شك مستوى توجيهه لطلابه وتعزيزه لمبادئ القراءة لديهم
·
الطبيعة
التي يدار فيها الوقت المدرسي ومستوى التكاملية في البرنامج المدرسي الذي يعمل على
ايجاد مساحات واسعة تتيح للطالب والمعلم فرصة القراءة.
·
طبيعة
ونوعية وتفاعلية محتوى المنهج المدرسي وأسلوب صياغته وقدرته على ترسيخ مفهوم
القراءة الواعية المؤديه الى الفهم وصقل موهبة النطق واللفظ في الحروف بحيث تؤديان
شكلا متوازنا في العمل التكاملي داخل بيئة المدرسة.
بالإضافة
إلى ذلك فإن ادارة موضوع القراءة وإيجاد تحول في اداء المؤسسة التعليمية فيه ،
يستدعي النظر في مجموعة من الأمور ومن بينها:
·
نوعية
المنهج وحجمه ومحتواه ومستوى التفاعل الحاصل مع المتعلم كلها عوامل مهمة في تعزيز
مستوى القراءة،
o
حجم
الدعم والمتابعة والاهتمام الذي يعطى له هذا الموضوع في سياسات وزارة التربية والتعليم
واهتماماته ومستوى الابتكارية المطروحة في المعالجة الحاصلة لهذا الموضوع.
o
مستوى
التكاملية في الجهود المبذولة في هذا الجانب ووضوح الهدف المراد منها واستيعاب
المستهدفين لما يمكن ان تحقق هذه الجود ام لاقت الاهتمام والمتابعة ووجدت لها جوانب الدعم والرغبة
في الاستفادة منها وتعزيز وعي
الطالب بذلك.
o
مستوى
الشراكة المجتمعية المقدمة في اطار تعزيز مستوى الوعي بالقراءة في التعليم ومؤسسات
الدولة وما يمكن ان تقوم بها الاسرة ومؤسسات التعليم العالي والجامعات ومراكز
التدريب والإعلام والاعتبار المتاح لهذا الجانب في سبيل تحويل القراءة الى سلوك
مجتمعي مؤسسي يحظى باهتمام الجميع .
o
محتوى
الخطاب الموجه للمتعلم ومستوى الصياغة والسلاسة والابتكارية والانسيابية المتاحة
في النصوص التي يستهدفها الطلاب والتنوع الحاصل بها ومناسبتها للفئات العمرية
المختلفة ، بالتالي فإن نوعية الخطاب اللغوي ومستوى السلاسة او التعقيد الحاصل في
النمط اللغوي.
o
مستوى
الخطاب الرسمي واهتمامه بموضوع القراءة وهنا يمكن الاشارة الى مستوى الاهتمام
بالمكتبات والغايات منها ومستوى الدعم المقدم للكتاب والقراءة والكتابات التحليلية
النوعية ويمكن يمكن الانطلاقة من الفعاليات الثقافية والتعليمية والفكرية في رسم
خريطة الأداء القرائي واللغوي بالسلطنة.
o
تحسس
موقع لقراءة في اهتمامات الوزارة والمديريات والمدارس ومستوى التوجيه الحاصل بشأنها
وإعطاءها مدى زمني مناسب ضمن برنامج العمل المدرسي.
o
اعطاء
اهتمام اكبر للمبادرات المعزز للقراءة ورصد دقيق لكل الجهود والمبادرات النوعية
التربوية والمؤسسية والمجتمعية والأهلية والأسرية سواء كانت فردية ام جماعية ومحاولة
توظيفها بصورة ايجابية وتسليط الضوء عليها بصورة مستمرة في وسائل الاعلام وشحذ
القدرات في الوطنية في هذا الجانب.
o
مستوى
الاهتمام الوطني الحاصل في تبني ودعم مبادرات القراءة التي تسهم في ترسيخ الوعي
القرائي وتعزز من مستوى القرائية بالمجتمع.
o
مدى
اهمية ايجاد مؤسسات للرصد من خلال ايجاد مرصد وطني يعالج القضايا التعليمية والاجتماعية
ويرصد مستويات الوعي والثقافة المتحققة لدى فئات المجتمع تعمل من خلال ادوات
متنوعة واليات عمل محددة في بناء مؤشرات حول الاداء القرائي واللغوي من حيث
القراءة للصحف والمجلات اليومية او للمجلات الفصلية وشراء الكتب والمذكرات اليومية
، ومستوى القرائية في وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت وغيرها.
o
ضمان
قدرة التعليم على توفير ادوات القراءة لدى الافراد من حيث قدرتهم على تمييز الاحرف
وقراءة الكلمات والجمل بحيث يصل الطالب الى مراحل متقدمة من دراسته وتتكون لديه
مهارات سرعة القراءة والقراءة الواعية بل والرغبة في القراءة وإيجاد بيئة مؤسسية
ومجتمعية تعزز لدى الافراد القراءة وتعظيمها وحبها وترسيخها في سلوكهم اليومي.
o
ايجاد
نوع من التنافسية بين افراد المجتمع في القراءة من حيث عدد القراءات ونوعيتها وإيجاد
وسائل لقياس مستوى القراءة المتحقق لدى الطالب.
ان من بين الامور المهمة التي اشار اليها التقرير والتي ساندت الدول
المتقدمة تعليميا وكانت من بين الاسباب في حصول دول مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة
وهونج كونج هو مستوى الالتزام المجتمعي
المؤسسي القوي بالتعليم الأساسي ، والتي بلا شك تستدعي منا وقفة مراجعة لما يطرحه
هذا النظام من برامج وتوجهات ايجابية يفترض ان تعمل على بناء مهارات الطالب وتأصيل
السلوك التعليمي الناجح لديه، إلا أن تحقق ذلك يستدعي بلا شك ايجاد أدوات ووسائل
عمل مساندة في تحقيق قيام التعليم الأساسي بدوره سواء من حيث تركيبة المناهج
الدراسية ومستوى أداء المعلم ونوعية المعلمين الذين يستقطبهم هذا النوع من التعليم
أو نوعية الخبرات التي تحتاجها هذه المرحلة، ومستوى المرونة التي تتفاعل معها هذه
المرحلة سواء في البيئة التعليمية ، أو الأسلوب الإداري الذي تدار به هذه المدارس،
ونوعية الادارات التي يفترض ان تدير هذه المدارس والمهارات التي يفترض ان تتوفر
فيها، ونوعية الثقافة السائدة، ومستوى الخصوصية التي يفترض أن تحظى بها هذه
المرحلة التعليمية ونوعية التشريعات التي تتيح لها فرص تمكين المتعلم من التعلم
الذاتي ، وأسلوب التوجيه والإرشاد ومستوى الحوافز المقدمه للعاملين بالتعليم الأساسي
ومستوى المرونة المتوفرة في المنهج والصلاحيات المتاحة للمعلم في اختيار طريقة
التدريس المناسبة وآلية العمل التي تتفاعل مع الطلبة في هذه المرحلة العمرية من
هنا يأتي ضرورة أن تضع المراجعة التعليمية هذه المرحلة في أولويات العمل القادمة والاهتمام
بالمرحلة التأسيسية التي تعد المتعلم لمبادئ القراءة قبل القراءة ذاتها، سواء من
حيث رياض الاطفال او التعليم الأساسي والتركيز في هذه الفترة على اللغات ومواد
اللغة العربية والرياضيات والتربية الاسلامية
بحيث يعطى المتعلم مهارات اخرى بزيادة مستواه العلمي بحيث يتم التركيز في
هذه المرحلة على موضوع القراءة ومتطلباتها بشكل أكبر ومن خلال اساليب وطرق تدريس
مبتكرة تراعي قدرة الطالب على القراءة وجعلها سلوك يومي في حياته، ومن بين الآليات
التي نرى أهمية أن تعمل المؤسسة التعليمي على تحقيقها في إطار بناء ثقافة القراءة
بدءا من التعليم ما يأتي:
·
ان
يتم النظر في نوعية البرامج والفعاليات والتكاليف والمشروعات التي تكلف بها
المدارس في التعليم الاساسي وتعاد النظر في طبيعتها وفلسفتها وإطار عملها وطريقة
ادائها وما المطلوب ان ينتج عنها ، وبالتالي ان يراعى في طبيعة هذه المرحلة هذه
المعاني في تركيزها على اعداد المتعلم من الناحية اللغوية وتأصيل مبادئ القراءة
والمتابعة والحساب لديه ثم تتنوع وتتزايد المهارات المطلوب كلما انتقل للمرحلة
الأخرى.
·
اعادة
النظر في مستوى طرق التدريس ونظام التقويم والبرنامج المدرسي والخطة الدراسية في
مدارس الحلقة الاولى من التعليم الأساسي وتقليل مستوى التغيير الحاصل في هذه
المرحلة لبناء اطار عمل اخر يعزز لدى الطالب ابجديات القراءة، كما ان استخدام
الطرق الأخرى التقليدية في عملية تعزيز قدرة الطالب على القراءة سوف يعمل على بناء
اطار عمل نوعي لهذه المرحلة.
·
من
المهم الدفع بالجهود التي تبذلها المدارس في هذه الحلقة م التعليم الاساسي الى
الامام وذلك بتوفير كفاءات نوعية قادرة على التفاعل مع متطلبات هذه المرحلة
ويمتلكون المهارات اللغوية ويتمكنون بصورة قوية من اكسابها للمتعلمين في هذه السن
العمرية للطالب ، وهو ما يتطلب ايجاد اليات جديدة في الدعم التعليمي ودعم
المبادرات الفردية والجماعية ومحاولة الاستفادة من كل الجهود في هذا الجانب.
·
ان
يتحول العمل في مجال القراءة من عمل مؤسسي يعتمد على الاجتهاد الفردي الى عمل وطني
تتكامل فيه جهود جميع المؤسسات تبرز فيه وضوح كل الغايات والأطر ويرسم من خلال
لقاءات وطنية اطار عمل محدد وفلسفة اداء مقننه مسار العمل الحكومي في هذا المجال،
فمؤسسات التعليم المدرسي والتعليم العالي والجامعات ومراكز الارشاد والتوجيه
الديني ومجلس التعليم ومركز السلطان قابوس العالي للعلوم والفنون وكلية السلطان
قابوس للغة العربية لغير الناطقين بها ومؤسسات الاعلام والثقافة والفكر ، عليها
مسؤولية التكامل من اجل توحيد جهودها في الوصول الى رؤية مبتكرة واقعية ملموسة
يمكن ان تمهد لوضع الموضوع في اطار منظومة وطنية، من خلالها يمكن الوصول إلى معالجات
متفق عليها في الموضوع ويمكن ان تمهد السبيل لعلاج مقنع لهذه المشكلة.
·
ان
المطلوب من نظام التعليم المدرسي ان يحدد الاطار الذي يمكن ان يعمل فيه في سبيل
الرقي بجودة المخرجات، ويوفر الفرص والكفاءات لمبادرات نوعية تأخذ في الحسبان بناء
وعي مجتمعي في سبيل تحديد مسؤولية التعليم في هذا الجانب ويوفر للأدوات اللازمة
التي يمكن من خلال التحول الى مرحلة المراجعة النوعية الشاملة لقضايا التعليم
والتي من بينها الكفايات والمهارات التي
يفترض ان يمتلكها خريج التعلم المدرسي، ومدى قربها او بعدها من موضوع التحديات
المهمة المتعلقة بالقراءة والتحصيل الدراسي ، وطريقة المعالجة التي يجب ان تتم في
الارتقاء بمستوى العمل التعليمي في هذا الجانب.
·
كما
ان مستوى الوعي المهني والتمكن من قدرة المتابعين والمشرفين على مادة اللغة
الغربية والمهارات المتوفرة لديهم ومستوى الدعم المقدم للكفاءات البشرية فقي سبيل
خلق توجه واضح في سبيل تعزيز مستوى القراءة سوف يجعل من هذا الاهتمام صدى واسع على
الاداء المتعلم والطالب في غرفة الصف، كما ان المناخ التعليمي وما يتوفر لديه من
ادوات القراءة ووسائلها وتوفر ما يستوى المتعلمين في غرفة الصف الدراسي عامل مهم
في تعزيز مستوى القراءة وتأصيلها في سلوك المتعلمين.
·
إن
العمل على تعزيز جودة التعليم منذ التعليم الأساسي وفهم المتطلبات منه ، وحسن
توجيه الاداء والعمل في هذه المرحلة بشأن بناء المهارات القرائية واللغوية لدى
المتعلم ، والحيلولة دون اشغال المدرسة بأي فعاليات أو مسابقات او برامج قد لا
تخدم العمل، وإعادة النظر في محتوى الخطة الدراسية في هذه الصفوف، وتأكيد وحدة
التوجه بين المدارس الحكومية والمدارس الخاصة ، سيكون هو التحدي الرئيسي الذي على
القائمين على مؤسسات التعليم والقار التعليمي العمل في ضوئه ، وبالتالي إيجاد
الفرص القرائية الواسعة في البرنامج المدرسي اليومي سيعمل على زيادة الحصيلة
القرائية للطالب وقدرته على تعلم مهارات القراءة بدلا من تكثيف المنهج اعليه بدون
استيعاب ، أو تركيز الهيئة التدريسية في هذه المرحلة على ضرورة الانتهاء من المنهج
بدون النظر على حجم الحصيلة اللغوية والفهم المتحقق لدى المتعلم كنتاج لما تعلمه
من محتويات في المنهج الدراسي، وبالتالي هنا يأتي اهمية توعية المعلم والمشرف
والقائمين على التعليم بهذا الهدف في عملية التقييم والمتابعة التي تتم في هذا
الجانب.
لا شك أن كل ما تمت الاشارة إلية يحتاج إلى رؤية وطنية تتشارك كل مؤسسات
الدولة في بنائها وتسهم كل مؤسسات الدولة في إعادة صياغة عملها في هذا الجانب بشكل
يتوافق مع الرؤية الوطنية المرتقبة، وهو ما يعني أن وضع إطار عمل يضمن تحقق
الأهداف والغايات يستتبعه نشر ثقافة القراءة وتعزيز دور المكتبات وخلق فرص واسعة
للبحث والإطلاع وتنمية التفكير، وإنشاء مراكز للرصد الاستراتيجي وإيجاد مؤسسات
للدراسات الاستراتيجية النوعية والتي يأتي من بين مسؤوليات رصد دوري لكل مجريات
الثقافة والفكر ، والعمل على تشجيع وجود الكتاب الورقي والالكتروني ، وان تقوم
مؤسسات المجتمع المدني في تبني مشاريع للقراءة وتوجيه الجهود نحو معالجة
الاشكاليات التي ما زالت ظاهرة حول ضعف الأداء القرائي، وضعف الأداء اللغوي في
المدارس، هذا بلا شك يستوجب أن تكون ثقافة القراءة متأصلة في الأسرة والمدرسة
والمؤسسة .
وبالتالي فإن النظر إلى موضوع القراءة عامة واللغة العربية خاصة في إطار
وطني يستوجب العمل على إيجاد مؤسسة وطنية تعني باللغة العربية ففي حين أن هناك
جهودا بدأت تظهر على السطح على المستوى الاقليمي والتي يأتي المركز العربي للغة
العربية كأحد نواتج مكتب التربية العربي لدول الخليج ، نحتاج أيضا إلى ايجاد مؤسسة
وطنية تعني باللغة العربية في قواعدها وأسسها وأصولها ومحتواها، وفي الاطار نفسه
عندما يتعلم الطفل منذ نعومة اظفاره
مهارات القراءة ومهارات اللغة يستطيع ان يمارس ذلك في سنواته الدراسة فان مشكلة
ضعف القراءة ناتج من عدم امتلاك الطلاب في أكثر الاحيان لمهارات القراءة وعدم
قدرتهم على تمييز الحروف أو النطق الصحيح لها ، وبالتالي تجد الطالب يصل إلى مراحل
دراسية عليا وهو لا يتقن مخارج الحروف بل لا يتقن التمييز بينها ناهيك عن القراءة
ذاتها . وبالتالي فإن اليد الواحدة لا تصفق والقول بان موضوع الضعف اللغوي والقرائي مشكلة عالمية بات
اليوم في ضوء معايير الرصد الدولية والاختبارات الدولية والاكتفاء بترديد هذه
العبارات ضرب من التجني على الفكر والدعوة
الى التنازل عن الدور والمسؤولية الوطنية التي تحتم العمل الوطني المشترك الذي
تقوم فيك كل الجهود المؤسسية والأهلية في سبيل بناء ارضية واضحة تنطلق على اساسها
مؤسسات التعليم في عملها في هذا الجانب. وهنا أحب التأكيد على ان الاستفادة من
الكفاءات الوطنية في مجال تعلم اللغة العربية وتعلمها والشخصيات البارزة في تعلم
قواعد اللغة سوف يعمل على تبادل الخبرات وضمان
الوصول إلى منتج تعليمي يأخذ من كل الجهود المبذولة، ويستقطب كل المبادرات
الخيرة الفاعلة التي يبادر بها الشباب اليوم، فهل ستضع المؤسسات نتيجة السلطنة في
مجال القراءة حيز الاهتمام والمتابعة أم ستمر مرور الكرام وكأن شيئا لم تكن؟.
وإلى لقاء آخر
تعليقات
إرسال تعليق