الرسالة الاعلامية والأدوار المأمولة منها؟
د. رجب بن علي العويسي
06/03/2013 11:35:42 ص
Rajab.2020@hotmail.com
يعد
الاعلام المسؤول الصوت المعبر عن هاجس الوطن وانجاز المواطن ، والصورة التي ترصد
حقيقة الواقع وتبصر الناس بشكل المنجز من العمل، فهو رصيد الأمة من أجل بنائها،
وطريقها من أجل تصحيح مسارها، وسبيلها نحو نقد ذاتها، وقدرتها على بناء الوعي
وتقوية الضمير وتوجيه المقصد وترسيخ الهدف ، وطرحنا لهذا الموضوع يأتي في إطار
قراءة تحليلية بين واقع ومحتوى الرسالة الاعلامية وبين المأمول أن تحمله للإنسان
والتنمية، وكيف ينبغي أن تتفاعل الرسالة الاعلامية مع مسلك الحرية المسؤولة وبين
المشاركة المجتمعية في بناء المنجز المؤسسي ، ودور الرسالة الاعلامية في ايجاد نوع
من التوازن والتكامل في رصد الواقع المؤسسي والترويج للسلوك الشخصي الاداري ، او
بمعنى آخر القدرة على عملية الجمع بين الممارسات والتوجهات ، وإلى أي مدى هناك نوع
من الانسجام والتفاعل بين رسالة الادارة العليا للمؤسسة والتي تنقلها الرسالة
الاعلامية وبين واقع الفعل ومستوى ترجمته لذلك الطموح أو مستوى التعبير الحاصل بين
المنظور الرسمي والمنظور الفعلي، وبالتالي طرحنا لهذا الموضوع ينطلق من خلال مجموعه
من النقاط والتي نشير إلى بعضها في الآتي:
أولا: إذا كانت مسؤولية الاعلام تبصير الناس بحقائق المنجز وسلوك مبدأ
العطاء بلا توقف والانجاز بلا حدود، لذلك كان من المهم أن يحظى باهتمام الراي
العام، وأن يكون للرسالة الاعلامية أثرها في حياة الناس ومستويات الوعي الاجتماعي
والإنساني لديهم، و كان من المهم أن تتصف بالصدق والشفافية والواقعية والحيادية
لتتحقق لها معنى الاحترافية ولتصل الرسالة الآعلامية إلى قلوب الناس وتداركهم
لطبيعتها وغاياتها وأهدافها، وبالتالي فإن
الرسالة الاعلامية اليوم معنية بتصحيح المسار وإيقاظ الضمير وتوجيه الناس وإيجاد
تحول ايجابي في حياتهم ، وتغيير القناعات السلبية والأفكار التي ترسح مفهوم
الاتكالية وغيرها من خلال قدرتها على بناء علاقة فكرية ووجدانية مع الانسان قلبا
وقالبا فكرا ووجدانا سلوكا ومشاعر، بحيث تعبر الرسالة الاعلامية في صوتها وصورتها
وقلمها عن حقيقة ما يعيشه الانسان من احداث ووقائع وفي الوقت نفسه تستجيب لتطلعات
الانسان وأحلامه وآماله فتعمل على تعزيز هذه العلاقة وتعميق هذا التواصل من خلال برامجها
وأسلوبها وصياغة الخبر الصحفي الاعلامي وصدق الكلمة وطريقة ايصال المعلومة
واعتمادها على المصداقية والواقعية والشفافية والدقة ، وبالتالي فإن تحقق هذه المعايير
في الرسالة الاعلامية يستدعي مراجعة دقيقة وتقييم مستمر لكل ما انجز في سبيل تحقيق
انجاز افضل ورؤية اعمق بحيث تعبر عن صوت المواطن وتحمل رسالة المواطن الى مؤسسات
الوطن وقيادته.ولذلك ينبغي ان تكون على مستوى من الحرص على القيام بمسؤولياتها
والوعي بحقيقة ما تقوم به، وأهمية اختيار الاليات الصحيحة والاستفادة من كل
المعطيات في خلق مساحات أوسع من الحوار والتواصل الاجتماعي من جهة وتعزيز بناء
الارادة الذاتية لدى الفرد بمواجهة الصعوبات والتعاطي مع التحديات والتفاعل مع
المتغيرات، وتعزز في الفرد روح التكامل والتكافل والتعامل والقدوة والمثال المضيء
في الالتزام الاجتماعي والمسؤولية الاجتماعية والإنسانية في ظل مرحلة تحمل العديد
من المعطيات في ظل غلاء الأسعار وفي ظل شعور المواطن بالاستهانة بحياته وصحته ووجوده
من خلال حالات الغش والتدليس التي تم اكتشافها من قبل المؤسسات المختصة، وبالتالي تأتي الحاجة لأن تؤدي الرسالة الاعلامية
عملين مهمين فهي في الوقت نفسه تكشف حقيقة
الفعل الممارس والواقع المعايش مع تقديم البديل ودراسة المعطيات الحالية في اطار
متوازن وبمنطق النقد الايجابي القائم على التشخيص والدراسة والمراجعة والمساءلة والمحاسبية، وهي من جهة
أخرى تدرس واقع الناس وتنصت لهم وتسمع لصوتهم وأفكارهم واقتراحاتهم ومن ثم تعزز
فيهم معاني الارادة السامية والقوة والعزيمة على تخطي الاشكاليات ومواجهة التحديات
، وتؤصل فيهم لثقافة التكافل والتعاون وتأصيل قيم الاخاء والمحبة والاحترام
والتعاون .
ثانيا : أن الرسالة الاعلامية ينبغي ان تعبر عن صوت المجتمع وتبرز واقع
الاداء المؤسسي ، وبالتالي فان استغلال الرسالة الاعلامية لصالح بعض المؤسسات،
وتهويل نقل الصورة الى اعطاء صورة مضيئة عن الفعل او الممارسة في حين ان واقع العمل
لا يعبر عن حقيقة السلوك، وبمعنى اخر عندما تظل الرسالة الاعلامية في نطاق الرسميات ولا تخرج من اطار التقاليد المؤسسية
التي يرسمها الأفراد لأنفسهم من اجل تزكية عملهم وتصفيق الناس لهم وإقناع الناس
بأنهم يسعون من خلال ما يصدرونه من قرارات او يتخذونه من اجراءات او يرسمونه من
خطط انما يستهدف الحالة المجتمعية ، وهو امر بلا شك يسئ قبل كل شيء الى الرسالة
الاعلامية التي يفترض انها تتلمس موضع المشكلة وتتعرف على جانب التحدي وتؤدي ثقافة
العلاج وفق اسس ورؤى ، وبالتالي تصبح الرسالة الاعلامية كعملية ترويج ودعاية وإعلام
شخصي أكثر من أنها تعبر عن طموح مؤسسي ، في حين ان واقع العمل المؤسسي يشهد بأحداث
ووقائع أخرى قد لا تعبر حقيقة عما تتداوله الرسالة
الإعلامية أو لا تعكس الصورة الاعلامية
الواجهة الحقيقية للفعل المؤسسي الممارس، ولذلك كان من الأهمية ان تتفاعل الرسالة
الاعلامية مع الموضوع من خلال بدائل اخرى وأدوات متنوعة وطرق اكثر عمقا واتساعا،
بشكل يعزز من سعي الجميع نحو تحقيق الانجاز النوعي ويعطي القارئ والسامع والناظر
وغيرهم حقائق واضحة تتجلى في صورة نتائج ايجابية تلامس حقائق السلوك المؤسسي
الممارس و تجيب عن التساؤل هل ساهموا هم
في صياغة التجديد و صناعته وأين موقعهم من كل ما تثيره الرسالة الاعلامية ؟
ثالثا : أما النقطة الثالثة التي يفترض أن تبرز في هذا الجانب فهو مسألة
التكاملية في العمل الاعلامي والانسجام فيما تطرحه الرسالة الاعلامية وما تهدف
إليه، يشمل ذلك كل انواعه ووسائطه ووسائله، مع مراعاة خصوصية كل أداة ، ومع القناعة بأن النظرة للموضوع الواحد
بين الوسائل الاعلامية
تختلف وتتنوع في الرسالة الاعلامية التي تستهدفها باختلاف المدخل والآلية وهو أمر متوقع وطبيعي إلا أنها يجب أن تؤدي
جميعها دور ا واحد وعملا واحد تؤكد فيه على المصداقية والدقة والموضوعية والشفافية في العمل الإعلامي وتبتعد فيه عن
الازدواجية وسياسة الكيل بمكيالين في موضوعات دون أخرى، أو النظر للموضوع القادم
من جهة ما على أنه يحتاج إلى قراءة أخرى
تثير الرأي العام في موضوعات ومحاور عمل قد لا تؤدي الغرض المتوقع من الرسالة
الاعلامية وهو تأكيد مستوى الوعي الاجتماعي وخلق مناخ ايجابي يهيئ لعمل انساني
مؤسسي وطني قادم، هذا التقارب في
المنطلقات الفكرية والمداخل الاعلامية في التعاطي مع الموضوعات لا شك بأنه سيثمر عن
نتائج ايجابية تؤصل لثقافة النقد الايجابي المدعوم بالشواهد والوقائع والمؤشرات والممارسات ونتائج المتابعات والرصد والتقييم، ومن جهة
أخرى يعزز من روح التكامل والانسجام في العمل الاعلامي من خلال منظومة القيم والأخلاقيات
والسلوكيات الاعلامية التي هدفها ايضاح الصورة في حقيقتها وإعطاء الرأي العام فرصة
لمزيد من المراجعة ضمن خطط وبرامج عمل يفترض تبنيها في هذا الجانب.
ومع
إيماننا بأن هناك جهودا نوعية تبذل في توجيه الرسالة الاعلامية وضبط مسارها وتعميق
تفاعلها مع حقيقة المنجز في التنمية، إلا أن إثارة مثل هذه النقاط يأتي في إطار
قناعتنا بأن عملية المراجعة والتقييم للرسالة الاعلامية ينبغي أن تتصف بالاستدامة،
كونها مرتبطة بمتغيرات مجتمعية ومؤسسية أخرى،
وهي نقاط نرى أهمية أن تعمل الرسالة الاعلامية على تداركها في أدائها لمسؤوليتها الاخلاقية والإنسانية
والوطنية، وأن تتعامل معها في إطار تستدرك فيه حقيقة الهدف الذي من أجله وجدت، وما
يتوقعه الرأي العام من وجودها في واقعه،
وإلى
لقاء آخر،،،
تعليقات
إرسال تعليق