معرض مسقط الدولي للكتاب حوار العقل والقلم د. رجب بن علي العويسي


معرض مسقط الدولي للكتاب حوار العقل والقلم
هل آن الأوان لتقييم دوره ، ومراجعة مسؤولياتنا كمثقفين وكتاب وقراء وصناع قرار  نحو تحقيق أهدافه؟
د. رجب بن علي العويسي      ‏28‏/02‏/2013‏ 12:39:50 ص
       يطرح الحديث عن معرض مسقط الدولي للكتاب كواحدة من التظاهرات الثقافية الوطنية والعالمية أمام المثقف العماني الكثير من التساؤلات حول دور المثقف والمطلوب منها ، في إطار إيجاد تحول نوعي في فكره وثقافته ومستوى وعيه وطريقة تناوله وتعاطيه لكل القضايا المجتمعية وغيرها، ثم مستوى المتاح له في سبيل خلق هذا التحول وتأكيد مرحلة التجديد والمنطلقات التي يمكن من خلالها الانطلاق لبناء مرحلة المراجعة والتقييم وترجمة سلوك التحول النوعي المنتظر في الوعي الاجتماعي،   والقضايا التي تحتاج إلى مراجعة ذاتية ومؤسسية في طريقة بناء المعرفة الإنسانية ، ومستوى الاهتمام والمتابعة التي يؤمن بها الفرد حول الثقافة المعرفية ومفهوم القراءة المستنيرة الواعية في بناء مستقبله الفكري والمهني وفي قدرته على خلق تواصل بينه وبين متطلبات التنمية التي تتطلب منه أن يكون اكثر وعيا وقدرة على التفاعل والتعاطي مع كل المتغيرات بأساليب عصرية تتفاعل فيها الاصالة والقيم مع الجديد من الاليات والحديث من الوسائل،  ثم ما مستوى الشعور والقناعة المجتمعية حول المنجز في النهضة الثقافية وكيفية استغلال الرصيد النوعي المتاح في هذا الجانب لصالح البناء الانساني والتنموي ، وما هي المساحة المتاحة لنمو حوار مستدام بين الفكر والقلم وبين الواقع والمستشرف ؟
وبالتالي  فإن المتوقع من معرض مسقط الدولي للكتاب أن يكون بمثابة المرتكز مع غيره من المنابر المعرفية في اثراء الفكر الانساني وتعزيز دوره في صياغة مرحلة جديدة يتطلبها الواقع ويستشرفها مستقبل المراجعة والتقييم في عمان،  وبالتالي كيف ينظر المثقف العماني لمثل هذه التظاهرات؟ وما طبيعة الاستجابة التي يستطيع أن يؤديها في هذا الشأن أو ما الذي يمكن أن يقدمه باختياره في هذا الجانب؟ وما مستوى الطموح الذي يمكن أن يحققه في إطار سعيه لبناء مرحلة الوعي الذاتي والاجتماعي؟ وما نوعية الشعور الذي يتولده في حجم المساهمة الوطنية في صناعة هذه التظاهرة، وخلق مجالات عملها، وتسريع نطاق تأثيرها؟ ومستوى التأثير الذي يحدثه المثقف العماني في ظل الكثير من التحديات التي يواجهها على المستوى الشخصي أو المستوى المجتمعي أو على المستوى المؤسسي وما يصاحب ذلك من تشريعات ولوائح وأنظمة، وحدود الحرية الفكرية المتاحة له في خلق فرص جديدة للحوار الثقافي والتبادل الفكري وصناعة توجهات جديدة تبتعد عن النمطية الحاصلة في العقل الثقافي وفي الحوار الثقافي الحاصل؟  وبمعنى آخر أننا بحاجة من خلال هذا التحول إلى صناعة جديدة في فكر المثقف وآلية تعاطيه مع الثقافة النظرية والمعرفية من خلال عمليات التحليل والتمحيص والنقد واستشراف المستقبل الثقافي في إطار علاقته بالإنسان ذاته في فكره ووجدانه وبالتنمية في شموليتها وواقعيتها وغاياتها وبرامجها؟ ثم ما مدى المساحة التي يجد فيها المثقف مناخا لعمله وانطلاقته في ابداء رأيه وتعاطيه مع قضايا فكرية تهم الإنسان وترتبط بطبيعة ونوعية البيئة الثقافية والفكرية والاجتماعية التي يعيشها والتي تستدعي منها أن يظل في عملية حراك مستدام في المقارنة والتمحيص والنقد والتطوير ؟  وبالتالي فإن المرجو من هذه التظاهرات أن تثمر عن كثير من الطموحات والتي يأتي في أولها مستوى التعاطي مع المنتج العماني الوطني ذاته، ومستوى الشعور المؤسسي بالاستفادة من القرائح الوطنية في بناء مرحلة الوعي الاجتماعي؟ وبالتالي مستوى الدعم المادي والمعنوي  المقدم للمثقف والكاتب العماني في تلقي انتاجه الفكري، والمرونة المؤسسية في التعاطي مع تلكم الأفكار التي يطرحها؟ وبالتالي مستوى الثقة التي يمكن أن يمنحها معرض مسقط الدولي للكتاب للمنتج العماني والإصدارات العمانية والكتاب والمثقفين العمانيين؟  هذا من جهة ومن جهة أخرى  فإن هذه التظاهرات ينبغي أن تمهد كما ذكرت لمرحلة جديدة من المراجعة والتقييم الذاتي للمثقف العماني ودوره والمرحلة التي يعيشها والتي تحتم ضرورة أن يكون المثقف العماني على وعي بمتطلبات التنمية والاستجابة الواعية  لمطالب المجتمع المتطورة، وبالتالي فمن المتوقع أن هذه التظاهرات الثقافية تفرض دورا كبيرا على مستقبل الثقافة والمثقف العماني، وتفتح المجال أمام الشباب العماني نحو الإبداع والمشاركة الفاعلة والتميز الهادف والتألق في سماء النجومية الفكرية ، وفي الوقت نفسه تسهم في تحقيق التواصل الثقافي بين المثقفين  على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.والتي تؤكد ما أشرنا إليه ضرورة  أن يكون واعيا ومؤثرا في مجتمعه من خلال تبني مجموعة من الحقائق والتي تعتبر دعائم التنمية التي ينشدها المجتمع ويجدها بين أبنائه، وما من شك فإن المسؤولية تبقى على المثقف أكثر من غيره فإنه منوط به ترسيخ مفاهيم الولاء والانتماء والحوار وتقبل الآخر
هذا الدور التي يفترض ان يؤمن به المثقف العماني يستدعي بالتالي وجود ارضية خصبة ومناخ عمل يعزز من جانب الابداع والابتكار الثقافي والعلمي ويعمل على اظهار ابتكارية في العمل الثقافي والفكري القادم، بحيث تعمل هذه الارضية على خلق حوار فعلي بين المثقف والبيئة والإنسان والمناخ والقانون والنظام وبمعنى آخر أن تعزز بيئة المجتمع وثقافته فرص التفكير الثقافي النوعي والمبادرة الثقافية المعززة بروح التجديد والتغيير والبعد عن النمطيه في الخطاب الثقافي والفكري، وبشكل يجعل من هذه التظاهرات بمثابة مرحلة التقييم للإنتاج الثقافي بل والمنافسة الفكرية والعلمية المتفاعلة بين افراد المجتمع ، وهنا يأتي أهمية توجيه هذه التظاهرة العلمية والثقافية والفكريةفي سبيل خلق هذا التنافس وتعزيز هذه الابتكارية وتغيير نمط الخطاب الثقافي وتعزيز بناء القدرات الوطنية في مجال التأليف والنشر .
هذا الأمر بلا شك مرهون أيضا بمستوى تعاطي المجتمع مع موضوع القراءة ومدى الشعور بأهميتها وطريقة تفاعله مع السلوك القرائي على المستوى الشخصي والفردي والمجتمعي، بل وما المتوقع ان تقدمه هذه الثقافة القرائية في ذات الفرد الموظف والطالب وطبيعة المقياس المستخدم في الكشف عن تأثير الثقافة القرائية على الاداء الفردي والمؤسسي، وهنا يأتي دور التعليم ومؤسساته ومؤسسات التثقيف والإعلام  في نشر ثقافة القراءة الحرة وترسيخ مفهوم القراءة النوعية المساندة للفرد في بناء ذاته وتعزيز مسؤولياته ، وبالتالي فمن المهم أن نخرج من تظاهرة معرض مسقط الدولي للكتاب بتقييم شامل حول واقعنا من القراءة وتقييم للسلوك القرائي لدى الانسان العماني من خلال ادوات وآليات واستمارات  تقس ذلك في فترات مختلفة وعلى مراحل عدة وفي دورات متعددة من معرض مسقط الدولي للكتاب وبالتالي نستطيع ان نصل من خلال عملية التقييم إلى تشخيص فعلي لواقع القراءة من جهة والجديد الحاصل في هذا الجانب ونوعية ما يحتاجه الانسان العماني من معارف ومعلومات وقراءات .
هذه المعاني لا شك بأنها تحتاج إلى مزيد من المراجعة في كيفية استثمار هذه المنابر الثقافية في بناء مرحلة الوعي الاجتماعي من خلال القراءة والثقافة القرائية والاطلاع على صنوف المعرفة المختلفة، وبالتالي فإن احداث التجديد الذاتي والتفاعل مع مرحلة التحول تستدعي توظيف مثل هذه المنابر في تأكيد هذا الحوار بين العقل والقلم ليكون الكتاب والفكرة والمعلومة ونوعيتها وطبيعتها وأسلوبها وطريقة عرضها  تعبير صادق عن مستوى الوعي الفكري الذي يؤمن به الانسان العماني ومستوى التحول الذي يمكن ان يصل إليه من خلال منجيته ونظرته وطريقته في التفكير ومستوى الاهتمام الذي يوليه  بثقافته وقراءته وإطلاعه ومتابعته ومشاركته في كل مجريات العمل التنموي ، والتي يتوقع أن  يتغير في اطارها نمط التفكير ومنطق العمل  ليكون انعكاسه في القلم من خلال نوعية ما يكتبه واحترافيته ، وعليه فإن هذا التفاعل الحر والحوار المشترك بين العقل والقلم مصحوبا بشعور حقيقي لاستدراك مرحلة التغيير المنشود في مرحلة الوعي الانساني هو الذي  سيكون بمثابة الترجمة الفعلية لنواتج هذه التظاهرات او بمعنى آخر هي من تؤصل لمرحلة التجديد والتجويد في الأداء القادم ولكن مع وجود تلكم المقومات في التشريعات والمساحة المتاحة من الفرص والثقة المتبادلة والشعور بأحقية وأولوية الكاتب او المنتج الوطني وتأكيد مستوى التواصل في سبيل بناء الاحترافية ومستوى الدعم المقدم والمساندة الغير مشروطة باعتبارها مقومات في الوصول إلى الهدف وتحقيق الطموح ، فهل سنعي طبيعة الدروس التي يمكن أن نستلهما من هذه التظاهرة الثقافية النوعية التي يعتلي قمتها الكتاب، وهل سنصل بحواراتنا حول الجديد والمستجد الى طرق هذه السطور التي تختفي بين  الأوراق.
وإلى لقاء آخر

تعليقات